عدالة

العراق يشدد الإجراءات المالية لإيقاف تهريب الدولار إلى إيران

فارس العمران

عراقي يشتري الدولار الأميركي من فرع لمصرف الرافدين الحكومي يوم 25 كانون الأول/ديسمبر. [مصرف الرافدين]

عراقي يشتري الدولار الأميركي من فرع لمصرف الرافدين الحكومي يوم 25 كانون الأول/ديسمبر. [مصرف الرافدين]

يطبق العراق إجراءات مالية أكثر صرامة للحد من عمليات تهريب الدولار الأميركي إلى إيران التي تتم عبر أطراف فاسدة وميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

وفي الأشهر الأخيرة، على الرغم من الرقابة المشددة من البنك المركزي العراقي على تداولات العملة الصعبة، تواصلت مشكلة أنشطة التهريب وإن كانت بصورة أقل مقارنة بالسنوات الماضية، وذلك .

وتشير تقديرات غير رسمية إلى تهريب "مئات الملايين من الدولارات" من الأسواق العراقية خلال العامين الماضيين.

فيما تزعم بعض التقارير الصحافية المالية أن حجم المال المهرّب أسبوعيا إلى دول مجاورة، أبرزها إيران وسوريا، يبلغ أكثر من 100 مليون دولار، وذلك عبر شركات ومصارف أو مكاتب للصرافة والتحويلات والتسهيلات المالية.

محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف التقى يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر في بغداد وفدا أميركيا برئاسة جيسي بيكر، مساعد نائب وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والجرائم المالية. [البنك المركزي العراقي]

محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف التقى يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر في بغداد وفدا أميركيا برئاسة جيسي بيكر، مساعد نائب وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والجرائم المالية. [البنك المركزي العراقي]

ويقول المسؤولون إن الكثير من تلك الكيانات هي مجرد واجهات للميليشيات العراقية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

شركات وهمية

وتنشط بعض الشركات في أعمال التجارة والاستيراد والمقاولات والسياحة، وبعضها وهمية لا وجود لها سوى على الورق، وفق ما ذكر للمشارق نائب عراقي طلب عدم ذكر اسمه.

وأوضح أن "تهريب العملة يتم من خلال قيام تلك الشركات بشراء الدولار من المزاد الوطني للعملة بهدف تمويل أعمالها التجارية".

وأضاف أن هذه الأنشطة قد تشمل عمليات استيراد من إيران لسلع أو بضائع أعلى بكثير من قيمتها الحقيقية وتحرر بها وثائق أو فواتير مزورة.

وتصنف الكثير من المواد المستوردة على أنها سلع ومنتجات كمالية أو فائضة عن الحاجة وقابلة للتلف بسرعة.

وتابع النائب العراقي أن إيران صدّرت للعراق على سبيل المثال نباتات زينة وورود بأكثر من مليوني دولار، حسبما أعلن ذلك المتحدث باسم مصلحة الجمارك الإيرانية روح الله لطيفي في 29 تموز/يوليو 2020.

وذكر المسؤول بمنظمة تنمية التجارة الإيرانية، فرزاد بيلتن، في حزيران/يونيو 2021، أن بلاده جنت 11 مليار دولار منذ عام 2016 لقاء تصدير مزروعات وأغذية إلى العراق، منها مكسرات وشوكولاته وحلويات.

ويشير النائب العراقي إلى أن "الحكومة وضعت قواعد وإجراءات لإنهاء ظاهرة تهريب العملة ومحاسبة الفاسدين والشركات الضالعة في هكذا نشاطات مالية مضرة بالاقتصاد الوطني".

ونوّه بأن البنك المركزي العراقي ووزارة الخزانة الأميركية والبنك الفدرالي الأميركي يعملون اليوم سويا لفرض المزيد من الرقابة والتشديد على التداولات والتحويلات المصرفية.

وشدد على "وجوب مساندة هذا التعاون للحفاظ على أموال العراق".

رقابة من كثب

وكان محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف قد التقى في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وفدا أميركيا برئاسة جيسي بيكر مساعد نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والجرائم المالية.

وأكد المحافظ في بيان أن البنك المركزي "ملتزم بجميع القوانين والتعليمات الدولية في ملف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".

فيما أشاد وفد الخزانة الأميركية بالإجراءات التي ينفذها العراق في هذا الصدد.

ويشير مراقبون إلى أن الجهود المشتركة تصب في حماية ثروات العراقيين ووقف نزيف أموالهم على أيدي "مافيات" السلاح التي تدعم مصالح النظام الإيراني وتمنحه القدرة للاستمرار في استهداف أمن المنطقة.

ووفقا لمصادر رسمية، فقد شملت الإجراءات الحكومية الخاصة بوقف تهريب الدولار بناء منصة الكترونية لمراقبة عمليات البيع والشراء في مزاد العملة.

وذكر البنك المركزي العراقي أن ذلك جاء "بالتنسيق مع الجهات الدولية لغرض إحكام وتنظيم عمليات نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية وضمان فاعلية الرقابة عليها".

ويوفر هذا الإجراء مقدرة على جمع بيانات كاملة عن الشركات والمصارف والجهات الراغبة بشراء العملة والتأكد من سلامة وضعها القانوني ونشاطاتها الاقتصادية.

وعززت السلطات العراقية عملية التحقق من صحة مستندات الاستيراد وباتت تطلب من الموردين والتجار والشركات التجارية تقديم دليل على المشتريات والمواد المستوردة.

ويتم بعد ذلك مطابقة تلك المستندات مع الفواتير.

رقابة أشد

وشدد البنك المركزي مراقبته على المصارف غير الحكومية وشركات الوساطة المالية وإيقاف نشاطاتها عند ارتكابها أي مخالفة للضوابط والشروط القانونية.

ويتضمن ذلك أي إخفاق في اتباع المعايير الدولية في فتح الاعتمادات المستندية وإرسال الحوالات

ويشمل أيضا تتبع مسارات كل التحويلات الخارجية والنقدية بمساعدة الجانب الأميركي لمنع وصول الأموال إلى جهات مدرجة على اللائحة السوداء والتي تضم كيانات ومؤسسات إيرانية مسؤولة عن نشر الإرهاب والفوضى.

وقرر البنك المركزي العراقي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حظر التعامل بعملة الدولار على أربعة مصارف أهلية عراقية وذلك "لأغراض تدقيقية"، حسبما ذكر بيان رسمي.

وفي الشهر التالي، نقلت معلومات عن مصادر صحفية تأكيدها وجود خطط لفرض عقوبات دولية على 15 مصرفا عراقيا متهما بالاحتيال على النظام المصرفي العراقي واستنزاف إيرادات العراق من الدولار عبر تهريبه لإيران.

وتفرض المحددات الجديدة مزيدا من السيطرة والتحكم بالعائدات المالية المتأتية من بيع النفط والتي تعتمد عليها البلاد بشكل رئيس في تمويل مشاريع البنى التحتية وتغطية النفقات العامة.

ويتوقع على نطاق واسع أن تساهم تلك القيود في التضييق على الفاسدين وزعماء الميليشيات ومنع تضخم الأموال في خزائنهم الخاصة.

ويتوقع أيضا أن تساعد في استعادة الاستقرار للدينار العراقي الذي تضررت قيمته السعرية جراء تهريب العملة الصعبة.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500