عدالة

العراق يحرز تقدما في ملف استعادة آثاره المهربة

خالد الطائي

تسلم العراق عام 2021 قطعا أثرية من الولايات المتحدة ضمن أكبر عملية استرداد للآثار العراقية المهربة. [وزارة الثقافة العراقية]

تسلم العراق عام 2021 قطعا أثرية من الولايات المتحدة ضمن أكبر عملية استرداد للآثار العراقية المهربة. [وزارة الثقافة العراقية]

أسفرت المساعي الدبلوماسية المتواصلة للعراق عن نتائج إيجابية في ملف استرداد الآثار التي تم تهريبها إلى خارج البلاد خلال العقدين الماضيين.

واستلمت السلطات العراقية العام الماضي أكثر من 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة ودول عديدة أخرى، بينها لقى وألواح طينية مسمارية قدر أنها تعود إلى أكثر من 4 آلاف سنة.

وكان من بينها جزء من لوح سومري يجسد مقطعا من ملحمة جلجامش التي تحكي قصة الرحلة الأسطورية لملك الوركاء السومرية جلجامش، بحثا عن الخلود.

وكان اللوح قد سرق قبل 3 عقود ونقل بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة.

مسؤولون عراقيون يتفحصون في 3 آب/أغسطس 2021 القطع الأثرية التي أعيدت إلى البلاد من الولايات المتحدة. [وزارة الثقافة العراقية]

مسؤولون عراقيون يتفحصون في 3 آب/أغسطس 2021 القطع الأثرية التي أعيدت إلى البلاد من الولايات المتحدة. [وزارة الثقافة العراقية]

فريق من خبراء الآثار العراقيين والفرنسيين يقومون في 28 أيلول/سبتمبر 2021، بترميم قطع أثرية دمرها تنظيم داعش أثناء اجتياحه مدينة الموصل عام 2014. [الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية]

فريق من خبراء الآثار العراقيين والفرنسيين يقومون في 28 أيلول/سبتمبر 2021، بترميم قطع أثرية دمرها تنظيم داعش أثناء اجتياحه مدينة الموصل عام 2014. [الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية]

وتشكل إعادة هذه القطع إلى البلاد أضخم عملية استرداد للآثار العراقية المهربة، وتعكس التزام الجانب الأميركي بحماية الإرث الثقافي للعراق.

وفي وقت سابق من العام الجاري، أعادت واشنطن 5 قطعا أثرية عراقية من بينها لوحة عاجية يعود تاريخها لفترة الملك سرجون الأول (721-705 قبل الميلاد) في نمرود، شمالي العراق.

وشملت القطع الأخرى وعاء فيه زهرة صدفية يعود تاريخه للعصر الآشوري الحديث (911-612 قبل الميلاد). ويقدر ثمن تلك القطع المستردة بمئات آلاف الدولارات.

واستعاد العراق أيضا من لبنان 337 قطعة أثرية تشمل ألواحا ورقما تعود للعصرين الأكدي والبابلي القديم، وقطعا أخرى من اليابان وهولندا وإيطاليا وسويسرا.

وأعلنت وزارة الخارجية العراقية في 21 تشرين الأول/أكتوبر عن استرداد 6 قطعا أثرية من تركيا، وهي عبارة عن 5 عملات ذهبية تعود للعصر العباسي وقطعة من تمثال يعود للحقبة السومرية.

وتشير إحصاءات الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية إلى أنه تمت استعادة أكثر من 150 ألف قطعة أثرية مسروقة منذ العام 2003 بمساعدة حكومات البلدان التي وجدت فيها هذه القطع.

ووصل العديد من تلك القطع إلى هذه الدول عبر مزادات لبيع الآثار وعمليات الإتجار غير القانوني.

وكان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد دمر أو نهب العديد من القطع الأثرية العراقية خلال فترة سيطرته على أجزاء من البلاد بين عامي 2014 و2017.

منع التهريب

وقال المتحدث باسم وزارة الثقافة والآثار العراقية أحمد العلياوي "لمن دواعي الفخر أن ننجح باسترداد هذا العدد الكبير من آثارنا المهربة".

وتابع "حققنا إنجازات مذهلة في ذلك الملف المهم"، موضحا أن استعادة أي قطعة ليست بالأمر السهل إذ تتطلب رصد عملية تهريب القطعة وتتبعها من بلد لآخر، ومن ثم إثبات مصدرها.

وأضاف أنه في الوقت الذي يسهل فيه على العراق تأكيد حقه بالقطع التي تحمل أرقام متاحفه الوطنية، إلا أن الوضع يختلف بالنسبة للقطع التي ليست مسجلة رسميا.

وأشار العلياوي إلى أن بعض هذه القطع جرى التنقيب عنها بشكل غير قانوني من قبل عصابات إجرامية وتم بيعها في السوق السوداء.

وتابع "هناك التزامات دولية بمنع التهريب والتجارة غير الشرعية بالآثار، ونحن ننسق مع كل الدول لاكتشاف وضبط آثارنا المسروقة ونعمل بجهد على تأكيد هويتها العراقية".

وشدد قائلا "لدينا علاقات وشراكات جيدة مع عدة بلدان وهناك دول كثيرة تقدر حقنا في ذلك الإرث الحضاري وتتعاون معنا في حمايته وحفظه"، ومن بينها الولايات المتحدة.

هذا وأعلنت بغداد في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر عن تقديم شكوى إلى شرطة الإنتربول في محاولة للضغط على بعض الدول لإعادة الآثار العراقية المنهوبة.

وكشفت السلطات أن هناك نحو 15 ألف قطعة أثرية تحمل جميعها أختام المتاحف العراقية، هي مفقودة منذ عقود.

أما بالنسبة للقطع غير الموثقة، فلا توجد أرقام دقيقة عن عدد القطع المسروقة أو المهربة منها.

تعاون دولي

وفي حديثه للمشارق، أكد مدير عام المرافق السياحية في وزارة الثقافة عبد القادر الجميلي حرص الوزارة على استعادة جميع الآثار العراقية الموجودة في الخارج.

وتابع أن "دولا كالولايات المتحدة وأخرى أوروبية تتعاون بشكل جيد مع العراق وتعمل على استعادة آثاره".

وأضاف أنها تقدم أيضا المساعدة والخبرة الفنية في عمليات التنقيب عن الآثار العراقية وترميمها وصيانة المواقع والمتاحف التي تضررت نتيجة أعمال الإرهاب بعد عام 2014.

وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر، سلمت بعثة تنقيب أميركية من جامعة بنسلفانيا المتحف العراقي 96 قطعة أثرية قديمة من بينها قطع فخارية وأوان مختلفة ودمى طينية، بعد انتهاء أعمالها التنقيبية في موقع أور بمدينة الناصرية.

وقبل ذلك وتحديدا في 17 تشرين الأول/أكتوبر، عثر فريق تنقيب عراقي-أميركي على 8 ألواح رخامية تعود للحضارة الآشورية في الموصل.

وتم العثور على المنحوتات الصخرية الاستثنائية التي يبلغ عمرها 2700 عام في موقع بوابة المسقى الأثرية التي هدمها مقاتلو داعش بعد جرفها بالجرافات في عام 2016.

كذلك، عثرت بعثة المتحف البريطاني على مئات القطع الأثرية في موقع تلو الأثري بالناصرية ودربت 50 مختصا عراقيا على أعمال التنقيب والصيانة والمسح الأثري والأرشفة والتوثيق.

ويعمل حاليا في العراق أكثر من 18 فريق تنقيب من عدة دول في مواقع أثرية مختلفة.

ومن بين هذه الفرق، بعثة جامعة هايدلبرغ الألمانية في تل النبي يونس بالموصل وبعثة تابعة لجامعة بولونيا الإيطالية تقوم بصيانة بوابة أدد الأثرية وأجزاء من سور نينوى الأثري.

وفي هذه الأثناء، يعمل فريق فرنسي بالتعاون مع مختصين عراقيين على ترميم وصيانة 27 قطعة أثرية دمرها تنظيم داعش في متحف الموصل.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500