يجري أكثر من مائتي شرطي برفقة علماء آثار دوريات مشتركة في ذي قار جنوبي العراق لحراسة المواقع الأثرية.
وفي13 أيلول/سبتمبر، أعلن مسؤولون عراقيون إطلاق حملة تهدف إلى وقف عمليات نبش ونهب القطع الأثرية في إحدى أغنى المحافظات في المواقع الأثرية.
وتنفذ الحملة بالتزامن مع استلام العراق في واشنطن يوم الخميس، 23 أيلول/سبتمبر، ملحمة عمرها 3500 سنة لقصة جلجامش، وكانت قد سرقت قبل 3 عقود ونقلت بصورة غير قانونية إلى الولايات المتحدة.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الآثار والثقافة أحمد العلياوي، أن الحملة تشمل نشر نقاط حراسة ليلية وتسيير دوريات عسكرية من قبل مديرية شرطة حماية الآثار ومفتشية آثار المحافظة لحراسة المواقع التاريخية على مدار الساعة.
وحتى الآن هذه السنة، أحبطت شرطة ذي قار سرقة مئات القطع الأثرية وعمليات تهريبها إلى الخارج.
وأكد العلياوي أنه تم تسليم القطع المضبوطة التي يعود تاريخها للحضارات العراقية القديمة لمتحف الناصرية في محافظة ذي قار.
وكان من بين المسروقات 350 قطعة أثرية بينها ألواح طينية عليها كتابات مسمارية وأوان فخارية وزجاجيات وقطع معدنية ثمينة.
وذكر العلياوي أنه إضافة إلى الدوريات ونقاط التفتيش، قامت القوات الأمنية أيضا بنصب أسيجة حماية حول بعض المواقع، ومن بينها تلال أثرية كتل أبو كمبارة وتل الزجع.
وتابع أن السلطات تنشر الوعي بين أبناء العشائر المقيمة بالقرب من المواقع الأثرية بشأن أهمية حماية القطع الأثرية والإبلاغ عن السارقين والمهربين للشرطة.
ولفت إلى أنه حتى اليوم، قامت السلطات بتوزيع أكثر من 10 آلاف كتيب تثقيفي للأهالي.
إعادة التأهيل في أور
وتضم محافظة ذي قار حوالي 1200 موقع أثري، يعود بعضها إلى 7000 عام.
ومن بين أهم تلك المواقع التاريخية، مدينة أور الأثرية عاصمة الدولة السومرية ومهد النبي إبراهيم.
وكانت أور واحدة من أبرز محطات زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى العراق في آذار/مارسحيث أقام فيها صلاة موحدة بين الديانات الإبراهيمية.
وأشار العلياوي إلى أعمال إعادة تأهيل تنفذ في المدينة بمساعدة المنظمات الدولية والجهات المانحة.
وأوضح "قامت منظمة جسر الإيطالية بتسييج أجزاء من المدينة وعمل ممرات خشبية وعلامات دالة للقصور والمعابد".
وتابع أن متبرعًا عراقيًا بدأ بإنشاء مدينة مصغرة داخل أور، وسيشيد فيها مسجدًا وكنيسة ومركزًا لحوار الأديان.
وخلال الأسابيع الماضية، قام رؤساء بعثات أميركية وإيطالية وفرنسية بزيارة ذي قار لتفقد مواقع التنقيب التي سيباشر العمل فيها في تشرين الأول/أكتوبر.
وتشمل المواقع تل زرغل بمدينة نينا السومرية وتلول الهبا ضمن مملكة لكش القديمة وتل أبو أطبيرة ومدينة أريدو الأثرية.
كما تعمل بعثتا تنقيب هناك حاليا، الأولى روسية في موقع تل الدحيلة والأخرى فرنسية في موقع تلول السنكرة بمدينة لارسا السومرية، وفق العلياوي.
زيادة عدد الحراس
وبدوره، قال علي جاسم الحميداوي، وهو نائب في البرلمان العراقي عن لجنة الثقافة والسياحة والآثار النيابية، إن النقص في عدد حراس الأمن وغيرها من القدرات اللوجستية يعيق جهود تأمين المواقع الأثرية.
وذكر أن "انطلاق الحملة بلا شك أمر إيجابي وكانت واحدة من مطالب لجنتنا لكن حجم التحدي كبير... لدينا مئات المواقع في ذي قار وهناك أكثر من 12 ألف موقع أثري في عموم العراق".
وأضاف "وحتى يتم تأمينها بالشكل المطلوب وحماية بعثات التنقيب وكذلك مشروعات الإعمار، فلا بد من زيادة أعداد الحراس وعناصر الشرطة".
وتابع أن عمليات تهريب وبيع القطع الأثرية تقوض إلى حد كبير جزءًا مهمًا من تاريخ البلد وهويته.
وأوضح أنها تشكل مصدر تمويل ضخمًا للجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة.
والشهر الماضي، أعادت السلطات أكثر من 17 ألف قطع أثرية مسروقة من الولايات المتحدة وعدة دول أخرى إلى وزارة الثقافة العراقية، وكان العديد منها قد دمر أو نهب من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وتساعد الولايات المتحدة أيضا العراق على إعادة إعمار مواقع أثرية مهمة دمرها تنظيم داعش، ومن بين هذه الجهود مساع مع معهد سميثسونيان لإعادة تأهيل مدينة نمرود التاريخية.