سياسة

أدلة تشير إلى دخول مرتزقة روس إلى ليبيا عبر قاعدة معزولة في مصر

محمد رافع

مرتزقة فاغنر في ساحة المعركة. [من الأرشيف]

مرتزقة فاغنر في ساحة المعركة. [من الأرشيف]

القاهرة - قال محللون للمشارق إن هناك أدلة موثوقة تشير إلى أنه يتم استخدام قاعدة روسية تم إنشاؤها مؤخرا بالقرب من ميناء سيدي براني المصري، من قبل مرتزقة مجموعة فاغنر كمحطة لوجستية ونقطة لإطلاق العمليات الإقليمية .

ويمر المرتزقة الروس من هذه المنطقة المعزولة في الصحراء المصرية شمالي غربي البلاد، عبر الحدود إلى ليبيا، حيث تقاتل مجموعة فاغنر منذ عام 2018 دعما للزعيم العسكري الليبي والعميل الروسي خليفة حفتر.

وتم الاتفاق على إنشاء القاعدة الروسية جنوب الميناء الواقع على البحر الأبيض المتوسط، بالتزامن مع اتفاقية لإيواء محطة طاقة نووية روسية الصنع في بلدة الضبعة القريبة.

ويعود قرار تحديد موقع العمليات الروسي في سيدي براني من جهة إلى قربها من ليبيا، ومن جهة أخرى إلى موقعها البعيد الذي يحميها من الرصد الذي قد يجذبه نشاطها في موقع بارز أكثر.

صورة التقطت من الجو تظهر موقع قاعدة عسكرية روسية في سيدي براني. ويشتبه البعض في أن القاعدة تستخدم لتقديم الدعم اللوجستي لمجموعة مرتزقة فاغنر. [خرائط غوغل]

صورة التقطت من الجو تظهر موقع قاعدة عسكرية روسية في سيدي براني. ويشتبه البعض في أن القاعدة تستخدم لتقديم الدعم اللوجستي لمجموعة مرتزقة فاغنر. [خرائط غوغل]

صورة التقطت من الجو تظهر موقع القاعدة الروسية في منطقة سيدي براني ومدى قربها من ميناء سيدي براني المتوسطي. [خرائط غوغل]

صورة التقطت من الجو تظهر موقع القاعدة الروسية في منطقة سيدي براني ومدى قربها من ميناء سيدي براني المتوسطي. [خرائط غوغل]

صورة نشرت عبر الإنترنت في 4 حزيران/يونيو تظهر سكان منطقة سيدي براني القبلية أثناء موسم قطف القمح. [صفحة أخبار براني على فيسبوك]

صورة نشرت عبر الإنترنت في 4 حزيران/يونيو تظهر سكان منطقة سيدي براني القبلية أثناء موسم قطف القمح. [صفحة أخبار براني على فيسبوك]

وفي هذا السياق، قال الخبير العسكري أحمد عبده للمشارق، إن الوجود والنشاط الروسي في ميناء الإسكندرية العسكري على سبيل المثال، لا يختلفان عن النشاط والوجود العسكري البحري للعديد من الدول الأخرى.

وأوضح أن العديد من السفن الحربية ترسو في ميناء الإسكندرية "في زيارات تقليدية أو للصيانة أو للتزود بما تحتاجه"، مشيرا إلى أنه ما من تواجد لمجموعة فاغنر في هذا الميناء وما من عمليات نقل مشبوهة من السفن الحربية الروسية أو إليها.

وأكد أن "مصر لن تجازف على الإطلاق بالقيام بهذه الخطوة"، لافتا إلى أن الميناء مفتوح للجميع وإلى أنه يمكن كشف مثل هذه العمليات بسهولة.

وتابع أن أي وجود لمجموعة فاغنر في ميناء الإسكندرية من شأنه أن يتسبب بمشاكل جمة للقيادة المصرية "بسبب السمعة السيئة عالميا التي تتمتع بها هذه الشركة لانتشارها المشبوه حول العالم والعمليات التي تقوم بها".

ولذلك تم إنشاء القاعدة الروسية الجديدة في منطقة نائية ومعزولة لا يوجد فيها أي نشاط سياحي.

قاعدة روسية سرية

وأضاف عبده أنه في حين يبدو كل شيء شفافا في الإسكندرية، إلا أن هناك معلومات موثوقة تشير إلى أن مجموعة فاغنر "تستعمل قاعدة عسكرية تقع بالقرب من ميناء سيدي براني الواقع في منطقة مطروح على بعد مسافة مائة كيلومتر عن الحدود الليبية".

وقال إن الموقع الجغرافي لهذه القاعدة "يجعلها بعيدة عن الأعين بشكل كبير بالإضافة إلى قربها من ليبيا، ما يسهل عملية انتقال العناصر من وإلى ليبيا".

وذكر أن عمليات الانتقال هذه تجري بشكل سري، ويحتمل أنها تعتمد على مركبات عسكرية روسية أو وسائل نقل وحافلات مدنية تتنقل في المنطقة بحرية وبدون إثارة الشبهات.

وأردف أن هذا النوع من النشاط لن يجذب بالضرورة الانتباه في المنطقة الساحلية "التي هي منطقة سياحية وتغص بهذه الباصات ليلا نهارا".

ولفت عبده إلى أن المفاوضات الروسية-المصرية بشأن إنشاء قاعدة عسكرية في مصر بدأت في العام 2013 في أعقاب تغير القيادة السياسية في مصر.

وذكر أن هذه المفاوضات شهدت الكثير من الجدال حتى العام 2017، حين تمت الموافقة على المسألة مبدئيا من قبل الطرفين.

وأشار إلى وجود مؤشرات تدل على أن قاعدة سيدي براني تستعمل من قبل الروس، رغم أنه "لم يعلن عن [ذلك] على الإطلاق وظل إلى الآن سريا".

ولكنه قال إنه مؤخرا، "بدأت الأخبار تنتشر على صعيد ضيق جدا عن كونها تستعمل كقاعدة لوجستية لشركة فاغنر تحت الغطاء العسكري الروسي لتأمين التحركات اللوجستية للشركة في ليبيا".

وبحسب المعلومات، تضم القاعدة أكثر من 20 مستودعا ومهبطين للطائرات.

ومن جانبه، قال المحلل السياسي رامز ممدوح للمشارق، إن علاقات الدبلوماسية والتعاون العسكري تربط بين مصر وروسيا منذ فترة الاتحاد السوفياتي.

وأضاف أنه رغم مرور هذه العلاقة بمد وجزر تبعا للتغيرات السياسية العالمية والإقليمية المتنوعة، إلا أنها حافظت على نوع من الثبات.

توغل روسي في مصر

وأشار ممدوح إلى أن سيدي براني هي منطقة قبلية "تمتاز بعلاقة أبنائها الممتازة مع القوات المسلحة المصرية"، ما جعلها خيارا طبيعيا كموقع للقواعد العسكرية.

وفي الإطار نفسه، رجح المراقب العسكري شاهر ياسين أن يكون إنشاء قاعدة عسكرية روسية في سيدي براني مرتبطا "بالاتفاق الروسي-المصري لإنشاء معمل الطاقة النووية في منطقة الضبعة القريبة من الميناء".

وتم توقيع اتفاقية لإنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية عام 2015، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى عام 2017.

وقد أعلن وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري محمد شاكر وأليكسي ليخاتشيف الرئيس التنفيذي لشركة روساتوم الروسية للطاقة الذرية والمملوكة من الدولة، بدء أعمال البناء في 20 تموز/يوليو.

وأكد ياسين أن "مصر بحاجة إلى هذه المحطة كونها ستوفر الطاقة مما سيتيح للبلاد تصدير كميات إضافية من الغاز ومادة الفيول المستعملة حاليا بإنتاج الطاقة".

وأضاف أن "الجانب الروسي يدرك تماما هذه الحاجة ولا شك أنه استغل الأمر خلال المفاوضات التي جرت قبل الاتفاق النهائي لإنشاء المحطة".

وتابع أن "روسيا عادة ما تفرض تواجدا لعناصر من جيشها أو عناصر تابعة لشركات أمن روسية وخصوصا فاغنر لحماية هذه المنشآت خلال مدة التشغيل التجريبي ومدة الانتفاع".

وذكر ياسين أنه مع هذه السابقة، "تقاطع ملف القاعدة العسكرية وملف المحطة النووية بشكل مؤكد، خاصة أن روسيا تعتبر مصر منطقة استراتيجية لمناطق الشرق الأوسط والخليج وإفريقيا".

وأوضح أنه بالنسبة لروسيا، سيساهم إنشاء قاعدة عسكرية في مصر "بزيادة الانتشار الروسي وتسهيله في هذه المناطق، بل والتدخل السريع إذا ما دعت الحاجة".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500