تعمل السلطات العراقية على وضع حد لعمليات تهريب المخدرات من إيران، ولا سيما مادة الكريستال ميث المخدرة الخطيرة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة إدمان شديد والتي تهاجم الجهاز العصبي المركزي وتفتك بالصحة العامة.
ويتم استهلاك "أحجار" الكريستال ميث عبر تدخينها أو شمها أو ابتلاعها أو حقنها، وهي تمنح المستخدم شعورا بالابتهاج. ولكن يستطيع أن يتسبب هذا النوع من المخدرات المنتشر أكثر فأكثر في العراق بمشاكل جسدية ونفسية حادة.
وتشهد محافظات العراق الجنوبية استهلاكا للكريستال ميث على نطاق واسع، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن البصرة وحدها تضم نحو 30 ألف مدمن.
وكشفت مصادر للمشارق أن مهربي المخدرات يدخلون إلى العراق من حدوده الشرقية مع إيران عبر منافذ برية سرية وقنوات مائية في مناطق الأهوار المشتركة بين البلدين.
وتدير هذه التجارة غير المشروعة شبكات معقدة من المهربين والتجار والمروجين الذين هم إما على صلة مباشرة بالميليشيات المدعومة من إيران أو ينشطون تحت حماية هذه الجماعات ونفوذها.
ملاحقة تجار المخدرات
وذكر مسؤول أمني طلب عدم الكشف عن هويته للمشارق، أن الكريستال ميث هو من أكثر المواد المخدرة خطرا ذلك أن الإدمان عليه يحدث سريعا بعد أول أو ثاني استخدام.
وقال إنها "مادة منشطة تسبب لمتعاطيها حالات من الهلوسة والتصرفات غير الإرادية".
وأضاف أن "استهلاكها المتكرر يؤدي إلى إتلاف الأعصاب والدماغ ومختلف أعضاء الجسم وتدمير الصحة النفسية".
وأوضح المصدر أن الكريستال ميث هو واحد من عدد من المخدرات غير المشروعة التي يستخدمها التجار لإيقاع الشباب في دائرة الإدمان التي تقضي على المتعاطي وتثري التاجر، مشيرا إلى أن الجهود جارية للقضاء على المخدرات الخطرة.
وشدد على ضرورة الاستمرار في ملاحقة تجار المخدرات وقطع خطوط التهريب التي قال إنها "مؤشرة ومرصودة من قبل أجهزة الأمن".
ونوّه بأن الجهات الأمنية العراقية تمتلك قاعدة بيانات كاملة عن الطرق والأساليب التي يعتمدها مهربو المخدرات مع مناطق دخولهم، كما لديها خطط لتجفيف منابع المخدرات وإيقاف هذا الشكل من أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وتشير بيانات وحدات مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية العراقية إلى أنه تم منذ بداية العام الجاري إلقاء القبض على أكثر من 11 ألف مهرب وتاجر ومتعاطي مخدرات.
وصادرت الوحدات 300 كيلوغرام من أنواع مختلفة من المخدرات أبرزها الكريستال ميث، فضلا عن 14 مليون حبة كبتاغون، وهو مادة مخدرة تهرب إلى العراق من سوريا وتباع على نطاق واسع في شمال وغرب البلاد.
معابر غير شرعية مع سوريا
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في 6 تشرين الأول/أكتوبر، أن تهريب الكابتغون إلى العراق يتم عبر 6 معابر غير شرعية مع سوريا تقع تحت سيطرة الميليشيات الحليفة لإيران.
وتشمل هذه المعابر الواقعة بالقرب من بلدة البوكمال الحدودية السورية ومدينة القائم العراقية المجاورة، البوابة العسكرية ومعبر قرية الهري والسكك والحويجة والسنجق وعكاشات.
وبحسب مصادر المرصد، تلقى عمليات تهريب المخدرات احتكارا من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وميليشيات عراقية أبرزها حركة الأبدال وعصائب أهل الحق.
ويتم تهريب حبوب الكبتاغون والمواد المخدرة الأخرى في آليات عسكرية تابعة للميليشيات، أو يتم إخفاؤها مع شحنات الأرز والسكر أو داخل صناديق الخضار والفاكهة وتنقل تحت حماية مشددة.
وفي حديث للمشارق، قال الأكاديمي العراقي قحطان الخفاجي إن "إيران تستخدم جماعاتها لإغراق العراق بكافة أنواع المخدرات وأخطرها الكريستال ميث".
واتهم المهربين "باستهداف المجتمع في الصميم من خلال تدمير شبابه وإفساد مستقبلهم وإضعاف البلد".
وضع حد لتهريب المخدرات
وشدد الخفاجي على ضرورة محاسبة الجماعات والمافيات التي تخدم أجندة إيران وتكثيف الإجراءات لوقف تدفق المواد المخدرة عبر الحدود.
وتابع أنه يضاف إلى ذلك "سن التشريعات القانونية الكفيلة بالحد من ترويج المخدرات وتعاطيها وتحسين ظروف الشبان لمنعهم من سلك طريق الإدمان".
وبالتزامن مع الجهد الأمني، يكثف العراق النشاط الطبي والعلاجي للمدمنين على الكريستال ميث والمخدرات الأخرى، وافتتح منذ منتصف العام الجاري 3 مراكز علاجية جديدة.
وإن هذه المراكز هي مستشفى الرشاد ومركز العطاء في بغداد ومركز الحياة للتعافي في الناصرية.
ومن المقرر أيضا افتتاح مستشفى الحياة قريبا في محافظة الديوانية، على أن يكون أكبر مركز لمعالجة الإدمان في البلاد بسعة 200 سرير.
وتوجد حاليا في البصرة وديالى وعدة محافظات أخرى، عيادات ووحدات تقدم الخدمات النفسية لمساعدة المدمنين على التعافي.
وأكد مسؤولون بوزارة الصحة أن هناك أيضا خطط لزيادة أعداد هذه الوحدات ورفع عدد المستفيدين منها.