منذ إلحاقه الهزيمة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ركز العراق اهتمامه على ساحة معركة جديدة، هي شبكات الإتجار بالمخدرات وتهريبها والتي يمكنها الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة معه.
وكشف مسؤولون عراقيون أن الجهود المبذولة للقضاء على آفة المخدرات في العراق شملت مئات الاعتقالات والمداهمات والحملات الأمنية على الحدود، وأسفرت عن ضبط كميات ضخمة من مختلف أنواع المخدرات.
ووفقا لوزارة الداخلية، تم بين 1 كانون الثاني/يناير و30 نيسان/أبريل فقط القبض على 5300 شخص متورطين في تهريب المخدرات، إضافة إلى مصادرة 4 ملايين حبة كبتاغون ومائة كيلوغرام من المواد المخدرة الأخرى.
وقد أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات في الوزارة عن اعتقال "المئات" في مداهمات مرتبطة بالمخدرات جرت خلال شهر أيار/مايو.
وفي 1 أيار/مايو، أعلن جهاز الأمن الوطني العراقي أنه فكك شبكتين دوليتين لتهريب المخدرات تتألفان من مواطنين عراقيين وأجانب.
وأضاف أن أفراد الشبكة الأولى التي تضم 7 أشخاص بينهم 3 عراقيين، اعترفوا بمشاركتهم في عمليات تهريب مخدرات وزودوا الجهاز بمعلومات حول أنشطتهم.
وأكد جهاز الأمن أن هذه المعلومات أدت إلى ضبط مخزن كبير للمواد المخدرة قرب بغداد، احتوى على 6 ملايين و200 ألف حبة مخدرة.
أما أفراد الشبكة الثانية التي تضم عراقيين اثنين وشخص ثالث لم يكشف عن جنسيته، فقد قبض عليهم وبحوزتهم 6 كيلوغرامات من مادة الحشيش.
’فتاكة ومدمرة‘
وقال مصدر أمني عراقي طلب عدم ذكر اسمه إن "تجارة المخدرات هي جريمة فتاكة ومدمرة للمجتمع ولا تقل خطورة عن جرائم الإرهاب".
وكشف للمشارق عن وجود "عمل أمني منسق وجهود مضاعفة للقضاء عليها وتنظيف البلد من هذه الآفة".
وأضاف أن الجهود الأمنية تترافق مع حملات توعية عامة وهناك خط ساخن (178) للإبلاغ عن أي نشاط يتعلق بالمخدرات.
ولفت إلى أن تعاطي وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية يزداد بين الشباب العراقي ولا سيما من تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة.
وتعد أكثر المواد المخدرة انتشارا في العراق الميثامفيتامين (الكريستال ميث) التي تهرب من إيران ويكثر تعاطيها في وسط وجنوبي العراق.
كذلك، تعد حبوب الكبتاغون المعروفة في العراق باسم "صفر واحد"، وهي تنتشر في غربي وشمالي البلاد.
وتدخل هذه الحبوب إلى العراق من سوريا التي تعتبر مركز إنتاج رئيس للكبتاغون ونقطة تصدير إلى السعودية وباقي دول الخليج عبر لبنان.
وكانت السلطات السعودية قد ضبطت في 14 أيار/مايو 29 ألف حبة كبتاغون كانت مخبأة في شحنة أجبان وهي تدخل عبر معبر الحديثة قادمة من الأردن.
وأفاد موقع أراب نيوز أن السلطات السعودية أحبطت سابقا عمليات تهريب مخدرات عبر هذا المعبر، ومنها محاولة تهريب 5.2 مليون حبة كبتاغون إلى البلاد في تشرين الأول/أكتوبر في شحنة من أكياس "مسحوق الكربونات".
الميليشيات تتاجر بالمخدرات
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي عبد القادر النايل أن إيران ووكلاءها يلعبون دورا محوريا في تهريب المخدرات.
وأشار إلى أن "الإتجار بالمخدرات مرتبط بمنافع مادية تصب في مصلحة الإيرانيين، فهو يدر عليهم مبالغ طائلة تساعدهم في تمويل برامجهم التسليحية وتغذية نشاطات وكلائهم".
وقال إن "الحرس الثوري الإيراني وبمساعدة الميليشيات العراقية وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن يدير مافيات متخصصة تتولى إنتاج وتهريب وتسويق المخدرات على المستويين الإقليمي والدولي".
وأعلنت البحرية الأميركية في 17 أيار/مايو الجاري أنها ضبطت شحنة مخدرات يبلغ وزنها 640 كيلوغراما من الميثامفيتامين بقيمة 39 مليون دولار على متن سفينة صيد إيرانية في خليج عُمان. وكانت هذه الشحنة التاسعة التي يتم ضبطها منذ مطلع العام الجاري.
وذكر النايل أن "المخدرات تأخذ طريقها للعراق من مناطق حدودية شرق البلاد وأخرى تسيطر عليها الميليشيات في مدينة القائم بالأنبار وفي محافظة نينوى".
وأوضح أنه "تم اختيار هذه المناطق لأن الميليشيات قادرة على توفير الحماية فيها للمهربين والتجار".
إلى هذا، تنشط الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني بزراعة نباتات مخدرة، ونقل ناشطون سوريون أن ميليشيا كتائب حزب الله المدعومة من إيران تشرف على مزرعة للحشيش في الهري بالقرب من بلدة البوكمال الواقعة على الحدود العراقية-السورية.
وقالت مصادر إن الخشخاش يزرع في مزرعة في بلدة الرمانة العراقية المحاذية لسوريا.