لم يخطر ببال الشاب حيدر، وهو من سكان مدينة البصرة ويبلغ 29 عاما، أنه سيستعيد حياته الطبيعية بعد أن أصبح مدمنا على تناول الميثامفيتامين، وهو نوع فتاك من المخدرات يُهرّب إلى العراق من إيران.
الميثامفيتامين، المعروف أيضا باسم الكريستال ميث، هو مركب كيميائي يؤدي تناوله إلى إدمان شديد، وله شكل بلوري أبيض يؤثر على الجهاز العصبي المركزي.
ويعد من المخدرات غير المشروعة الأكثر انتشارا في العراق والأكثر استخداما في وسط وجنوب العراق، وتلعب الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني دورا محوريا في تسهيل تهريبه إلى البلاد.
وفي حديثه للمشارق، قال حيدر أنه خضع لعلاج في مصحة خاصة استمر عدة شهور، واستغرق تعافيه الكامل وعودته للحياة الطبيعية عامين.
وأضاف "لا أود تذكر متى وكيف بدأت بالتعاطي. كان الأمر عندي مجرد لحظة فضول وملل، لكن وجدت نفسي في نهاية المطاف بالجحيم".
وتابع "كانت تجربة مريرة كادت تودي بحياتي وتؤذي منْ حولي... اشكر الله أنها باتت من الماضي".
وأخذ عباس، والد حيدر، الكلام ليكشف أن مخدر الميثامفيتامين حوّل ابنه في فترة قصيرة إلى شخص آخر بطباع مختلفة، حاد المزاج وعصبي وغير قادر على التركيز، كما خسر الكثير من وزنه.
وقال "عندما اكتشفنا تعاطيه لتلك المادة الخطرة سارعنا لأخذه الى المصحة علاج الإدمان، ووقفنا جميعا بجانبه وعانينا كثيرا حتى استعاد عافيته".
تهريب المخدرات غير المشروعة من إيران
تحولت المناطق المتاخمة لإيران إلى طرق رئيسة لتهريب المخدرات، وبينها الكريستال ميث والحشيش والهيروين والأفيون.
واتهم الحرس الثوري الإيراني بإدارة ودعم عمليات التهريب عبر ميليشياته في العراق وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي عبد القادر النايل إن ميليشيات الحرس الثوري الإيراني تجني أرباحا ضخمة من تهريب المخدرات يستخدمونها لشراء الأسلحة وتمويل أنشطتهم.
لكن الهدف الأسمى للحرس الثوري الإيراني يبقى وفقا له "إيذاء الشعوب المجاورة وتعطيل خطط التنمية والبناء والمبادرات الشبابية ونشر الجرائم".
وأوضح للمشارق أن هذا النشاط يؤدي إلى إضعاف النسيج المجتمعي لهذه الدول لصالح سياسات إيران التوسعية.
وأكد النايل أن الكريستال ميث وبقية المخدرات غير المشروعة تدخل إلى العراق عبر الحدود مع إيران وسوريا وتباع بأسعار رخيصة.
من جهة أخرى، تلجأ شبكات الاتجار التابعة للميليشيات الى تحويل المتعاطين لمروجين فرديين للكريستال مقابل حصولهم عليه مجانا.
وأكد النايل أن إيران تحاول جعل العراق "دولة مستهلكة ومصنعة لأنواع مختلفة من المخدرات لا تقتصر فقط على الكريستال ميث، ومعبرا رئيسا لنقلها إلى بقية دول المنطقة".
وأشار إلى أن السلطات العراقية تعمل جاهدة لإغلاق الثغرات الحدودية وتشن حملات أمنية طالت الآلاف من تجار ومروجي المواد المخدرة.
وفي أحدث عملية جرت يوم 11 نيسان/أبريل الجاري، تمكن جهاز الأمن الوطني العراقي في البصرة من إحباط إدخال 20 كيلوغراما من الكريستال ميث و10 كيلوغرامات من الحشيشة من إيران، بعد اشتباكات مسلحة مع المهربين.
وفي اليوم نفسه، أعلن جهاز الأمن الوطني العراقي عن تفكيك أخطر شبكة مخدرات في محافظة المثنى جنوبي البلاد، تضم 15 عضوا.
وفي كانون الأول/ديسمبر، أحرق العراق نحو ستة أطنان من المخدرات غير المشروعة، بينها أكوام هائلة من الحشيش والكبتاغون والكريستال ميث والكوكايين، فيما وصفه المسؤولون بأنه أكبر عملية إتلاف منذ أكثر من عقد.
وفي جنوب شرق العراق، يجري العمل على بناء حاجز ترابي وخندق على طول الحدود مع إيران على طول مجرى نهر شط العرب.
وبدأ العمل في حزيران/يونيو الماضي على تشييد تحصينات جديدة تهدف إلى سد طرق تهريب المخدرات التي تستخدمها شبكات التهريب.
تأثير مدمر على المجتمع
وعن تأثير مادة الميثامفيتامين، أكد مختصون أنه مدمر على المجتمع لأن خطرها سريع الانتشار لا سيما بين الشباب.
ولا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد متعاطي الكريستال ميث في العراق والذي زاد منذ عام 2017 بعد أن أصبح تجارته مربحة للمهربين والمروجين وشبكات الفساد بسبب سهولة تصنيعه.
لكن تقارير وزارة الداخلية العراقية تتحدث عن إلقاء القبض على نحو 16 ألف متهم بتجارة وترويج وتعاطي المواد المخدرة، بما فيها الكريستال ميث خلال العام 2022.
وكشفت الوزارة عن ضبط كميات من المخدرات تقدر بنصف طن.
من جهتها، تؤكد وزارة الصحة علاج 4500 مدمن ومتعاط للمخدرات منذ بداية عام 2022، منوهة بأن أعمار أكثر المتعاطين تتراوح بين 15 و30 عاما.
ايران ورعاياها يجيهم يوم من رب العالمين يوم لاريب فيه كيدهم في نحرهم اللهم امين
الرد1 تعليق