بيروت -- تزايدت تجارة منشط الكبتاغون الشبيه بالأمفيتامين في الشرق الأوسط إلى حد كبير في العام 2021 لتتجاوز حد الـ 5 مليارات دولار، حسب ما جاء في تقرير جديد حدد سوريا على أنها المنتج الأساسي لهذه المادة المخدرة.
وتقدم دراسة أجراها معهد نيو لاينز ونشرت يوم الثلاثاء، 5 نيسان/أبريل، صورة مقلقة عن تأثير إنتاج الكبتاغون المتزايد على الصحة والأمن في المنطقة.
وقال التقرير إن "تجارة الكبتاغون هي اقتصاد غير مشروع يسجل نموا سريعا في الشرق الأوسط ومنطقة المتوسط. واستنادا إلى عمليات الضبط الكبيرة وحدها، يقدر حجم البيع المحتمل في العام 2021 بأكثر من 5.7 مليار دولار".
ويشكل هذا الرقم ارتفاعا كبيرا مقارنة بما قدر بنحو 3.5 مليارات دولار في العام 2020 ويعكس فقط قيمة تجارة التجزئة للحبوب التي ضبطت العام الماضي، والتي حددها المركز البحثي بأنها تتجاوز 420 مليونا.
ورجح التقرير أن تكون الكمية الفعلية للحبوب المصادرة أعلى وأنها لا تشكل إلا نسبة بسيطة من إجمالي كمية الكبتاغون التي يتم إنتاجها.
مكافحة السعودية للمخدرات
ولم يكشف العديد من الدول عن الأرقام الإجمالية للمادة المخدرة المضبوطة، والتي تعد السعودية مستهلكا رئيسيا لها.
وتبذل المملكة جهودا حثيثة من أجل مكافحة تهريب المخدرات في السنوات القليلة الماضية، وأحبطت يوم الجمعة الماضي محاولة جديدة لتهريب حبوب الكبتاغون إلى البلاد، حسبما نقل موقع المونيتور.
وقال الموقع إنه تم إخفاء أكثر من 1.5 مليون حبة في شاحنات عند معبر الحديثة مع الأردن، واعتقل 4 أشخاص على خلفية الحادثة.
وفي مطلع العام الجاري، قتلت قوات حرس الحدود الأردنية 27 مهرب مخدرات أثناء محاولة هؤلاء الدخول بشكل متزامن إلى مواقع مختلفة من سوريا مستغلين تساقط الثلوج.
وقال المتحدث باسم المديرية العامة لمكافحة المخدرات الرائد محمد النجيدي إن السلطات السعودية أحبطت في السنوات الستة الماضية "محاولات لتهريب أكثر من 600 مليون حبة أمفيتامين" قادمة من لبنان وحده.
وفي مقابلة أجريت سابقا مع موقع المشارق، اتهم النجيدي حزب الله اللبناني بأنه "المصدر الرئيس لتهريبها وتصنيعها".
يُذكر أنه يتم إنتاج الكبتاغون واستهلاكه في منطقة الشرق الأوسط بصورة شبه حصرية، علما أن تركيبته المتغيرة تصعّب تعقب أنماط الإنتاج والتهريب والاستهلاك وتصعّب بالتالي وضع حد لهذه التجارة المزدهرة.
وقد تم إخفاء المادة داخل شحنات كشحنات البرتقال والرمان والأثاثمن بين طرق تخفي أخرى، وهي اليوم اسم تجاري له شعار تجاري يحمل حرفي "Cs" المتشابكين على كل قرص.
دور النظام السوري
وتفوق القيمة السوقية للكبتاغون المصنع في سوريا اليوم قيمة الصادرات القانونية، وقد أدى ذلك إلى تصنيف البلد على أنها "دولة للمخدرات"، بحسب تقرير معهد نيو لاينز.
كذلك، يوثق التقرير تورط أفراد من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد وأعضاء رفيعي المستوى من نظامه في صناعة الكبتاغون وتهريبه.
وذكر التقرير أن سوريا "تستخدم هذه التجارة كسبيل للنجاة في الساحة السياسية والاقتصادية"، في ظل ما تواجهه من عقوبات دولية بما في ذلك قانون قيصر لحماية المدنيين.
والعام الماضي، نقل موقع المشارق أن حزب الله نقل محور عملياته الخاصة بالمخدرات إلى الداخل السوري، مستغلا بذلك الفوضى السائدة في المناطق الخاضعة للنظام وكلفة التشغيل المنخفضة لإعداد مراكز لتجارة المخدرات وإنتاجها.
وبحسب تقديرات صدرت في آذار/مارس 2021 عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، تضم سوريا نحو 14 معملا لصناعة المخدرات غير القانونية.
وقال المرصد إن المخدرات التي يتم إنتاجها في سوريا تباع على نطاق واسع، ويظهر الاستهلاك الكبير بصورة ملحوظة في مناطق سيطرة النظام، فيما يتم عبر عمليات الإتجار تسليم المخدرات إلى مناطق أخرى داخل سوريا وخارجها.
وفي هذا السياق، قال الناشط اللبناني الشيعي حسين عطايا للمشارق إن حزب الله "أقام دويلته لتصنيع المخدرات داخل سوريا"، متقاسما السيطرة على أعمال تصنيع المخدرات مع وحدات الفرقة الرابعة التابعة للنظام.
يُذكر أن الفرقة الرابعة هي بقيادة العميد ماهر الأسد، شقيق الأسد، ويتمثل هدفها الأساسي بالدفاع عن النظام في وجه التهديدات الداخلية والخارجية.
هذا وتصاعدت الخلافات بين حزب الله والفرقة الرابعة في مطلع العام الجاري، مع تفاقم حالة التوتر بشأن تقسيم عائدات عمليات تهريب المخدرات والوقود وسعي الفرقة الرابعة للسيطرة على الأراضي.
لبنان نقطة عبور أساسية
وتقع بعض معامل إنتاج الكبتاغون مع أنها أصغر حجما، في لبنان الذي يعد أصلا ثالث أكبر مصدّر للحشيش في العالم بعد المغرب وأفغانستان.
وقال تقرير معهد نيوز لاينز إن "لبنان شكّل امتدادا لتجارة الكبتاغون السوري ونقطة عبور أساسية لتدفقها".
وأشار إلى أن الشخصيات التابعة للنظام السوري تستفيد من مختلف الوكلاء والميليشيات الحليفة في تنظيم العمليات التجارية، ومن بينها حزب الله.
وتشمل بعض مناطق نفوذ الحزب الأساسية منطقة واسعة على الحدود السورية-اللبنانية، مما يعطيه دورا أساسيا في الإتجار الإقليمي.
وجاء في التقرير أنه "مع تاريخه الحافل بالسيطرة على إنتاج الحشيش اللبناني وتهريبه من منطقة جنوبي البقاع، يلعب حزب الله دورا داعما مهما في تجارة الكبتاغون".