غواصات البحرية الأميركية من فئة أوهايو تؤمن قوة نيران لا نظير لها في الأوقات الخطرة

تعد غواصات البحرية الأميركية من فئة أوهايو من بين أقوى الغواصات في العالم، وستعزز بشكل كبير وضع الولايات المتحدة العالمي وتساعد في تحقيق عنصر المفاجأة في أي صراع محتمل في بحر العرب حيث تحتدم التوترات.

فالغواصات من فئة أوهايو هي أكبر غواصات بنتها البحرية الأميركية في تاريخها، وتشمل 14 غواصة صواريخ بالستية (SSBNs) وأربع غواصات صواريخ كروز (SSGNs).

تعمل غواصات الصواريخ البالستية كمنصة لا يمكن اكتشافها لإطلاق للصواريخ العابرة للقارات، فهي مصممة للتخفي والاستهداف الدقيق للرؤوس الحربية النووية، وفقا للبحرية.

صُنعت غواصات الصواريخ البالستية خصيصا لدوريات الردع التي تعمل لوقت طويل، وتشكل عمودا من الثالوث النووي الأميركي الذي يتضمن أيضا الصواريخ البالستية العابرة للقارات والقاذفات الأرضية بعيدة المدى.

تتمثل مهمة غواصات الصواريخ البالستية الأساسية في البقاء متخفية في البحر مع صواريخها البالستية التي تطلق منها، وردع أي هجوم نووي على الولايات المتحدة من قبل أية دولة أخرى عبر ضمان القدرة على توجيه الضربة الثانية.

ويمكن لبعض غواصات البحرية من فئة أوهايو أن تقوم في أية لحظة بدوريات ردع نووي.

صممت الغواصات بثلاث بوابات لوجستية ذات قطر كبير تسمح للبحارة بنقل الإمدادات والمعدات بسرعة لخفض الوقت المطلوب للتجديد والصيانة.

يمكن أن تعمل الغواصات من فئة أوهايو لمدة 15 عاما أو أكثر بين عمليات الإصلاح الرئيسة. تقضي في المتوسط 77 يوما في البحر، يليها 35 يوما في الميناء للصيانة.

لدى كل غواصات الصواريخ البالستية طاقمان، أزرق وذهبي، يتناوبان على إدارتها.

ووفقا للبحرية، "يزيد ذلك من ضمان المتاحية الاستراتيجية لغواصات الصواريخ البالستية، ويقلل من عدد الغواصات المطلوبة لتلبية المتطلبات الاستراتيجية، كما يسمح بتزويد الطاقم بالتدريب المناسب والجهوزية والروح المعنوية العالية".

وكتب سيباستيان روبلين لصحيفة ناشيونال إنترست في عام 2021، أن أنظمة غواصات الصواريخ البالستية من فئة أوهايو "قد تكون أكثر أنظمة الأسلحة تدميرا التي صنعها الإنسان في تاريخ البشرية".

تحمل كل غواصة من غواصات الصواريخ البالستية في الأصل ما يصل إلى 24 صاروخا قصير المدى من الصواريخ البالستية المعدة للإطلاق من الغواصات والمزودة برؤوس حربية متعددة توجه بشكل مستقل.

ولكن بموجب أحكام المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الاستراتيجية، تم تعطيل أربعة من أنابيب الصواريخ في كل غواصة بشكل دائم وباتت الآن تحمل 20 صاروخا كحد أقصى.

وأضاف روبلين أن سلاح غواصات الصواريخ البالستية الاستراتيجي هو صاروخ ترايدنت 2 دي5، "... الذي يمكن إطلاقه من تحت الماء لضرب أهداف على بعد أكثر من 7000 ميل [11265 كم] حسب الحمولة".

وتابع "حين يدخل الصاروخ ترايدنت 2 مجددا الغلاف الجوي بسرعات تصل إلى 24 ضعف سرعة الصوت، ينقسم إلى نحو ثماني مركبات منفصلة، كل منها يحمل رأسا نوويا تبلغ قوته 100 أو 475 كيلو طن".

وأشار إلى أنه يمكن للغواصة من طراز أوهايو أن تطلق وابلا كاملا من الصواريخ في أقل من دقيقة واحدة.

"الخطة الحالية هي الإبقاء على 12 غواصة من فئة أوهايو نشطة في الوقت نفسه كل منها تحمل 20 صاروخ ترايدنت 2، في حين تبقى غواصتان من الطراز نفسه قيد الإصلاح، مع الاحتفاظ بإجمالي 240 صاروخا نشطا في وقت واحد يبلغ إجمالي عدد الرؤوس الحربية التي تحملها مجتمعة 1090 رأسا حربيا".

صواريخ كروز

وجد تقييم للوضع النووي لعام 1994 أن الولايات المتحدة بحاجة إلى 14 فقط من أصل 18 غواصة صواريخ كروز لتلبية احتياجات قوتها الاستراتيجية، ما دفع البحرية إلى تحويل أربع غواصات من فئة أوهايو إلى منصات هجوم بري تقليدي ولقوات العمليات الخاصة.

وتم الانتهاء من تحويل الغواصات الأربع في عام 2007.

من جانبها، يمكن لغواصات صواريخ كروز من فئة أوهايو أن تحمل ما يصل إلى 154 صاروخ كروز من طراز توماهوك، ويعادل ذلك ما يتم نشره عادة في أية مجموعة قتال على السطح.

يبلغ مدى صواريخ توماهوك نفسها 1000 ميل [1609 كم].

ويمكن أيضا لغواصات صواريخ كروز أن تحمل ما يصل إلى 66 عنصرا من عناصر العمليات الخاصة، مثل القوات الخاصة التابعة للبحرية الأميركية.

وكجزء من عملية التحويل، تم تحويل أنبوبي الصواريخ الأمامية بشكل دائم إلى غرف مغلقة تسمح بدخول وخروج أفراد قوات العمليات الخاصة بشكل سري.

ويمكن أيضا لكل غرفة مقفلة أن تستوعب مأوى جاف على السطح، وهو وحدة قابلة للإزالة يمكن ربطها بغواصة صواريخ كروز للسماح للغواصين بالمغادرة والدخول بسهولة أثناء غمر الغواصة.

وكل غواصة صواريخ كروز مزودة بغرفة راديو الغواصة المشتركة وهوائيين عاليي معدل البيانات لتحسين قدرات الاتصال بشكل كبير.

ويمكّن ذلك كل غواصة صواريخ كروز من العمل كمركز قيادة مشترك سري وصغير للمقاتلين.

بحر العرب

وفي حين أن الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا يستمر في التسبب في العديد من التداعيات في جميع أنحاء العالم، بينها ارتفاع تكلفة الطاقة وزيادة المجاعة العالمية، فقد عزز من جهة أخرى وبشكل غير مباشر قدرة الجيش الأميركي على العمل في المحيط الهندي، وعلى وجه الخصوص في بحر العرب.

ويعود ذلك إلى تكثيف الحلفاء في منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الدوريات في المياه التي اعتادت البحرية الأميركية على التحرك فيها، ما مكن الولايات المتحدة من التركيز بصورة أكبر على المحيط الهندي.

إلى ذلك، يتوقع من انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو إضافة ترساناتهما البحرية لوضع الدفاع المشتركوتخفيف العبء عن البحرية الأميركية في أوروبا.

فمجرد وضع غواصة واحدة من طراز أوهايو في بحر العرب من شأنه أن يعزز بشكل كبير من وضع الولايات المتحدة العالمي ويساعد في تحقيق عنصر المفاجأة في أي الصراع محتمل.

وفي السنوات الأخيرة، ازدادت أهمية بحر العرب.

فهو الممر المائي الذي يتوجب على كل السفن الإيرانية عبوره لتصل إلى الموانئ العالمية، كما أنه يمثل رابطا رئيسا في "عقد اللآلئ" الصيني.

وبرزت مخاوف كثيرة إزاء حملة مشاريع البنى التحتية الضخمة التي تنفذها الصين لربط برها الرئيس بالقرن الإفريقي عبر شبكة من المنشآت العسكرية والتجارية.

فخطوطها البحرية تمر عبر عدة مضايق بحرية، بينها مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر ومضيق ملقا بين المحيطين الهندي والهادئ ومضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي ومضيق لومبوك بين جزر بالي وإندونيسيا.

هذا وتتواصل مبادرة البنية التحتية العالمية لبيجين،والتي تعرف باسم مبادرة الحزام والطريق أو حزام واحد طريق واحد، في المناطق الداخلية وصولا إلى أجزاء أخرى من منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا.

ويحذر الكثير من المنتقدين من أن مشاريع الصين، التي لها ظاهريا طبيعة تجارية، تخدم غرضا مزدوجا وتسمح لجيش الصين الذي يتنامى بسرعة بتوسيع نطاق عملياته.

وفي هذا السياق، يمكن لغواصات صواريخ كروز من فئة أوهايو التي تحمل صواريخ توماهوك أن تلعب دورا مهما في أي صراع محتمل في بحر العرب والمنطقة المحيطة به.

وللإشارة، تبلغ المسافة من نقطة مركز بحر العرب إلى العاصمة الإيرانية طهران 1035 ميل (1665 كم).

ولطالما هددت إيران بغلق مضيق هرمز ومهاجمة الغواصات في حالة اندلاع حرب.