إحتجاجات

التظاهرات الشعبية الإيرانية متواصلة في ظل تقييد النظام حرية التعبير وتجاهل اللوم الموجه إليه

فريق عمل المشارق

النظام الإيراني يواصل حملته القمعية القاسية على المتظاهرين منذ 16 أيلول/سبتمبر. [إيران إنترناشيونال]

النظام الإيراني يواصل حملته القمعية القاسية على المتظاهرين منذ 16 أيلول/سبتمبر. [إيران إنترناشيونال]

يواصل الشعب الإيراني تحدي ممارسات وأنظمة الجمهورية الإسلامية بطرق لا مثيل لها، حتى مع استمرار النظام في قمع المتظاهرين بشكل وحشي وسعيه لخنق حرية التعبير وتحميل الفوضى مسؤولية ما يحصل.

وإن التظاهرات تجتاح البلاد منذ أسبوعين تقريبا وانطلقت في أعقاب وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما خلال احتجازها من قبل "شرطة الأخلاق"، ما أثار تحركا يصفه كثيرون بأنه انتفاضة نسوية.

وواصل التحرك تركيزه على الحريات الشخصية للمرأة، إنما توسع نطاقه ليشمل شكاوى أخرى عبّر عنها المتظاهرون ضد القيادة الإيرانية.

وقامت النساء في جميع أنحاء إيران بخلع الحجاب وحرقه وسط هتافات الحشود، وعمدن أيضا إلى قص شعرهن احتجاجا على التطبيق الوحشي لإلزامية ارتداء الحجاب.

مجموعة من الطالبات الإيرانيات بعضهن مكشوفات الشعر، يحملن لافتات كتب عليها ’لا نريد أن نموت‘ و’أنا إنسان، ولست هاشتاغ‘، وإشادة بمهسا أميني التي أثارت وفاتها في 16 أيلول/سبتمبر الاحتجاجات المتواصلة. [مواقع التواصل الاجتماعي]

مجموعة من الطالبات الإيرانيات بعضهن مكشوفات الشعر، يحملن لافتات كتب عليها ’لا نريد أن نموت‘ و’أنا إنسان، ولست هاشتاغ‘، وإشادة بمهسا أميني التي أثارت وفاتها في 16 أيلول/سبتمبر الاحتجاجات المتواصلة. [مواقع التواصل الاجتماعي]

احتلت قضية حرية المرأة قلب احتجاجات العام 2022 في إيران. [تويتر]

احتلت قضية حرية المرأة قلب احتجاجات العام 2022 في إيران. [تويتر]

الشعب الإيراني يصمد أمام قوات أمن النظام بشكل غير مسبوق خلال التظاهرات المتواصلة في جميع أنحاء البلاد. [إيران إنترناشيونال]

الشعب الإيراني يصمد أمام قوات أمن النظام بشكل غير مسبوق خلال التظاهرات المتواصلة في جميع أنحاء البلاد. [إيران إنترناشيونال]

ولكن كانت مواجهة الشعب للقمع الوحشي للنظام وجها لوجه ودون أي خوف، ما أوقع النظام في حالة من الذعر.

ومن أهم سمات هذا التحرك، الموقف الموحد للشعب والتأييد الواسع من قبل المشاهير واللجوء المتزايد إلى الاضطرابات المدنية.

وفي وجه الغضب الوطني والدولي، سعى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يوم الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر، إلى إلقاء اللوم على الاحتجاجات التي قادتها النساء، متعهدا بالتعامل "بحزم" مع المحتجين، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وحاولت إيران إلقاء اللوم على قوى خارجية في مسألة الاضطرابات، ومن بينها الجماعات الكردية "المعادية للثورة" والمتمركزة في شمالي العراق.

وفي تصعيد كبير، شنت إيران يوم الأربعاء ضربات عبر الحدود بالصواريخ والطائرات المسيرة، ما أدى إلى مقتل 13 شخصا من سكان إقليم كردستان في العراق.

استهداف الصحافيين

وتتهم جماعات حقوقية إيران بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة بحق الصحافيين الذين ينتقدون النظام.

وأكد محامي مراسلة كانت قد غطت جنازة أميني لصالح صحيفة هام ميهان الإيرانية، أنها اعتقلت يوم الخميس ما يجعلها آخر اسم يضاف إلى القائمة المتزايدة من الصحافيين المعتقلين منذ اندلاع الاحتجاجات.

وكتب محاميها محمد علي كامفيروزي على تويتر، أن السلطات القضائية استدعت إلهه محمدي لتعتقلها القوات الأمنية وهي في طريقها للاستجواب.

وقال المحامي إن قوات الأمن داهمت الأسبوع الماضي منزل محمدي في طهران.

وكشف زوجها عبر تويتر قولها في مكالمة هاتفية قصيرة إنها محتجزة في سجن إيفين بطهران ولم تبلغ بالتهم الموجهة إليها.

ويأتي اعتقالها بعد أن احتجزت الشرطة الصحافية نيلوفر حميدي من صحيفة شرق اليومية، والتي توجهت إلى المستشفى حيث كانت أميني في غيبوبة وساعدت في كشف قضيتها أمام العالم.

ولا تزال حميدي قيد الاعتقال في سجن إيفين بطهران أيضا، وقال زوجها إنها حتى الآن لا تعلم ماهية التهم الموجهة إليها.

في هذه الأثناء، تفرض إيران قيودا صارمة بشكل متزايد على خدمة الوصول إلى الإنترنت، في محاولة يبدو هدفها الحد من مشاركة مشاهد من الاحتجاجات.

وفي هذا الإطار، تم تقييد الوصول إلى تطبيقي إنستغرام وواتساب وتفرض السلطات راهنا حظرا على تطبيقات مثل غوغل بلاي وكذلك الشبكات الافتراضية الخاصة التي تهدف إلى الالتفاف على القيود المحلية التي تعيق الوصول إلى شبكة الإنترنت.

احتجاجات في حرم الجامعات

واعتبارا من يوم الاثنين، أعلن الإضراب في العديد من الجامعات الإيرانية وتغيب الطلاب والأساتذة عن الفصول الدراسية.

وبدلا من ذلك، تجمعت طالبات في العديد من الجامعات احتجاجا مرددات الشعارات، بينما وقف بعضهن في وجه قوات "شرطة الأخلاق" التي كانت تحاول إقناعهن بتغطية شعرهن.

وأعلن عدد من الأساتذة المحاضرين في الجامعات يوم الأربعاء انضمامهم إلى الاحتجاجات، وقدم بعضهم استقالتهم من الكليات في مختلف أنحاء البلاد في خطوة متزامنة.

وقالت أستاذة جامعية في جامعة حكومية في طهران للمشارق إنها استقالت الثلاثاء بعد 18 عاما من التدريس.

وأضافت متحدثة شريطة عدم الكشف عن هويتها "لقد ضقت ذرعا".

وأشارت إلى أن العديد من أعضاء هيئة التدريس الجدد ينتمون إلى قوات الباسيج المقاومة وهي جماعة شبه عسكرية متحالفة مع الحرس الثوري الإيراني، كما أكدت أن قيادة الجامعة باتت مسيسة أكثر فأكثر ومؤيدة للنظام.

وسألت "كيف لي مواصلة العمل في صمت والتظاهر بالرضا عندما طرد العديد من زملائي أو غادروا البلاد، ويجبر أكثر من نصف طالباتي على مواجهة الضرب أو الموت إذا لم يغطين شعرهن؟".

العمال يعلنون تضامنهم

وفي بيان صدر يوم الاثنين، قال المجلس الإيراني لتنظيم احتجاجات عمال النفط المتعاقدين إنه لن يلتزم الصمت إذا لم تنته قريبا عمليات القبض على النساء وقتلهن ومضايقاتهن بحجة فرض الحجاب.

وأضاف بيان المجلس أن أعضاءه سيتوقفون عن العمل وسيحتجون إلى جانب الشعب، معربا عن "غضب العمال وضغينتهم لمقتل مهسا أميني".

وأكد إدانة العمال للقسوة والقمع اللذين طبعا السنوات الـ 40 الماضية.

وخلال الأشهر الماضية، دأب الموظفون الدائمون والمتعاقدون في قطاعي النفط والغاز في إيران على التظاهر بشكل منتظم على عدم دفع رواتبهم ومزايا العمل غير الكافية وظروف العمل غير الملائمة والأجور المنخفضة.

وقال عامل نفط متعاقد يقيم في جنوبي إيران وطلب عدم ذكر اسمه للمشارق، "أؤيد بيان الاثنين".

وأضاف "علمت به وأوافق على ما جاء فيه. سأضرب عن العمل إذا لم يتغير الوضع الراهن".

وتابع "ما الذي سأخسره إذا توقفت عن العمل؟ فأنا أعيش فعليا بالقرب من خط الفقر. لقد عملت مدة 15 عاما في قطاع النفط، وما زلت حتى اليوم لا أملك شيئا وبالكاد أستطيع أنا وعائلتي تأمين معيشتنا".

وأردف "لولا دخل زوجتي لما كنا قادرين على وضع الطعام على مائدتنا. ومع هذا العنف والوحشية... لا يمكنني الجلوس أو الذهاب إلى العمل والنظام يقتل بنات الناس".

دعم قوي من المشاهير

وانضم إلى الإيرانيين العاديين الذين يبدون غير خائفين من عصي ومسدسات قوات الأمن عدد كبير من المشاهير الذين يواجهون قمع النظام بشجاعة وتحدي.

فقد كشف عدد من الممثلات عن شعرهن في مقاطع فيديو أو صور نشرنها على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما أبدى الكثير من الممثلين تضامنهم مع التحرك.

وفي خطوة تعكس التحدي، تحدثت الممثلة فاطمة معتمدآريا في جنازة زميلة ممثلة في مكان عام وهي دون حجاب.

ومن جهته، نشر الممثل الكوميدي والمخرج مهران موديري مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي طالب فيه إذاعة جمهورية إيران الإسلامية (المملوكة من الدولة) بالتوقف عن بث أعماله.

وقال "أتمنى عليكم ألا تعرضوا أي مقطع من برنامجي.... هذا أقل ما يمكنني فعله... في الوقت الراهن".

من جهة أخرى، واصل لاعب كرة القدم علي كريمي دعم النساء الإيرانيات.

وبعد تحديه للحرس الثوري الإيراني الذي هدده بمصادرة ممتلكاته، "أغلقت" قوات الأمن ليل الاثنين الفيلا التابعة له في لافاسان وهي إحدى ضواحي طهران الثرية "بالشمع الأحمر".

وعقب موجة الغضب الشعبي العارمة، تم فتح الفيلا مجددا بعد ساعات قليلة من إغلاقها.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500