قال محللون إن الدول المتحالفة بشكل وثيق مع الصين أو تلك المثقلة بالديون المتوجبة لها، تواجه حقيقة مفادها أنها معرضة بشكل متزايد لخطر الانجرار إلى ألعاب بيجين الجيوسياسية وحتى إلى صراعات صينية محتملة في المستقبل.
وتزداد هذه المخاوف إذ تهدد صراعات بيجين ونزاعاتها الإقليمية مع جيرانها السلام العالمي وتخاطر بخنق أكثر مسارات الشحن في العالم ازدحاما بتداعيات اقتصادية عالمية.
وأشار كثيرون إلى ظهور ما يبدو أنه نمط نفوذ متزايدا تعتمده بيجين للتأثير في قراراتها الجيوسياسية.
وجاء في دراسة صدرت مؤخرا عن المجلس الأطلسي بعنوان "التعاون مع الصين: التحديات والفرص"، أن "الصين تستخدم قوتها الاقتصادية المتنامية كوسيلة لإكراه أو إغراء الدول الأخرى للامتثال لأولويات سياستها الخارجية أو مبادئ محددة للعلاقات الدولية".
وتستخدم بيجين هذه القوة من أجل "تنظيم دعم الحكومات غير الليبرالية الأخرى في الأمم المتحدة لدعم مصالحها مثل مبادرة الحزام والطريق، إضافة إلى الترويج لأفكارها بشأن حقوق الإنسان وسيادة الدولة للطعن في المبادئ الأساسية للحريات السياسية على المسرح العالمي".
تحت هيمنة بيجين
يُذكر أن مبادرة الحزام والطريق المعروفة أيضا باسم حزام واحد، طريق واحد، هي مشروع بيجين الضخم لبناء بنية تحتية تربط بين 78 دولة عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا وأوقيانوسيا.
ويتم الترويج لتطوير الموانئ البحرية ومرافق النقل البري في إطار مبادرة الحزام والطريق على أنها تجارية بطبيعتها، غير أن النقاد يقولون إنها تخدم غرضا مزدوجا يسمح للجيش الصيني الذي ينمو بسرعة بتوسيع نطاق انتشاره.
وتهدف حملة البنية التحتية إلى ربط الصين بالقرن الإفريقي عبر شبكة من المنشآت العسكرية والتجارية.
وضمن استراتيجية "عقد اللؤلؤ" التي تعتمدها، تمر الممرات البحرية للصين عبر العديد من الموانئ الرئيسية الممتدة من جزر المالديف إلى بنغلاديش وسريلانكا وباكستان وإيران والصومال، وعبر عدة مضايق بحرية أساسية.
وتواصل مبادرة الحزام والطريق مسارها في الداخل انطلاقا من هذه الموانئ البحرية المهمة، لتصل إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا.
ويمنح عقد اللؤلؤ بيجين أيضا ميزة ورافعة ضغط في حالة اندلاع صراع واسع النطاق حول تايوان.
وتشكل المناورات العسكرية الصينية العدائية التي جرت ضد تايوان الشهر الماضي، أحدث تذكير بالتهديد الذي يمثله التوسع العسكري لبيجين.
وتنذر المناورات الأخيرة بالسوء للممرات المائية الرئيسية الأخرى التي للصين فيها إما نزاعات نشطة أو حيث تقوم بتوسيع تواجدها العسكري.
وتدعي بيجين السيادة أو شكلا من أشكال الولاية القضائية الحصرية على معظم بحر الصين الجنوبي، وتعطي أسماء صينية لأماكن في مختلف أنحاء آسيا كوسيلة لبناء أسس قانونية تدعم إدعاءاتها هذه.
وتتضارب مطالبة الصين الخاصة ببحر الصين الجنوبي الذي تمر عبره حركة تجارية بتريليونات الدولارات سنويا، مع وجود مطالبات منافسة من بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام.
وفي آسيا الوسطى، دأبت بيجين على طرح فكرة استعادة "أراضيها" في وسائل الإعلام الحكومية لقياس رد فعل السكان المحليين، وذلك في خطوة اعتبرها المراقبون أنها تهديد مباشر لسيادة المنطقة.
إكراه اقتصادي
وحتى خارج مخطط مبادرة الحزام والطريق، استخدمت الصين "الإكراه الاقتصادي" و "البلطجة" في محاولة لفرض سياسات تصب في مصالحة بيجين.
وفي كانون الثاني/يناير 2021، كتبت بوني س. غلاسر مديرة مشروع الطاقة الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، "استخدمت بيجين التهديد وفرضت إجراءات مقيدة للتجارة من أجل معاقبة أكثر من 12 دولة على خلفية اتباعها سياسات تعتبر ضارة بالمصالح الصينية".
وقدمت قائمة طويلة من الأمثلة التي سجلت في السنوات الـ 12 الماضية، وشملت النرويج واليابان والفلبين ومنغوليا وكوريا الجنوبية وكندا ونيوزيلندا والسويد وتايوان والمملكة المتحدة وأستراليا ومدينة براغ.
وقالت إن "البلطجة" التي تمارسها بيجين كانت لها نتائج متباينة، لكن الصين لا تزال ترى فائدة في استخدام الإكراه.
وخلصت إلى القول إنه "في ظل غياب رد جماعي، ستواصل الصين استخدام القيود التجارية غير الشفافة لمعاقبة الدول التي تضر بمصالحها ولإجبارها على تعديل أو عكس السياسات التي تعتبرها بيجين ضارة وردع الجهات الأخرى لكي لا تتشجع وتأخذ موقفا مماثلا".
وقال محللون إن هذه الأساليب تتبع نمطا محددا.
ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2020 كتب كل من نائبة رئيس معهد جمعية آسيا للسياسات ويندي كاتلر وكبير المستشارين في مكلارتي أسوشيتس جيمس غرين في صحيفة ستريتس تايمز، "يتخذ القادة الصينيون قرارا بأن تصريحات أو سياسات دولة معينة تقوض بعض جوانب حكم الحزب أو مصالح البلاد الأمنية".
وتابعا "بعد ذلك، تبدأ البيروقراطية التجارية الصينية بالبحث عن طرق ʼلمعاقبةʻ الدولة المخالفة من خلال فرض قيود تجارية أو استثمارية مبهمة بدون إخطارات رسمية".
دراسة حالة عن باكستان ʼالحليفةʻ
وتقدم باكستان الحليفة المقربة من الصين مثالا على وجوب الحذر.
ففي مناسبتين خلال الأشهر الأخيرة، ثبت أن صداقتها مع الصين تقوض مصالحها الوطنية.
وفي التفاصيل، تم تهميش باكستان في حزيران/يونيو من المشاركة في حوار رفيع المستوى حول التنمية العالمية في القمة الـ 14 لدول البريكس (وتشمل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا).
وكانت الصين وهي الدولة المضيفة، قد تواصلت مع باكستان قبل انعقاد اجتماعات البريكس حيث يتم توجيه دعوات إلى غير الأعضاء.
ولكن عندما حان الوقت لدعم مشاركة إسلام أباد في حدث عالمي أساسي، أدارت بيجين ظهرها لحليفتها المفترضة.
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية "للأسف، منع أحد الأعضاء مشاركة باكستان".
وعندما سئلت الصين عن القرار، تجاهلت مسؤوليتها عن ذلك.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان إن "الصين وباكستان شريكان في تعاون استراتيجي في جميع الظروف".
وتأتي هذه الحادثة في أعقاب قرار آخر يضر بمصالحها اتخذته باكستان في كانون الأول/ديسمبر الماضي بعدم حضور القمة من أجل الديمقراطية التي تقودها الولايات المتحدة، ويعود ذلك جزئيا إلى علاقتها الوثيقة بالصين التي لم توجه إليها دعوة للمشاركة.
وردا على ذلك، غرد تشاو قائلا إن باكستان كانت "حليفا ثابتا حقيقيا" لرفضها حضور القمة.
ومن خلال تقديم مصالح الصين على مصالحها الوطنية، خسرت باكستان في كلتا الحالتين.
معارضة بيجين
ومع ذلك، برز العديد من الأمثلة لدول ردت مؤخرا على بلطجة بيجين، في مؤشر إلى أن الدول المدينة تاريخيا للصين وحتى الصغرى منها والأقل قوة من الناحية السياسية، سئمت من هذه العلاقة التي باتت بشكل متزايد محفوفة بالمخاطر.
وجاء في تقرير صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في آيار/مايو، "بالمحصلة... لم يؤد استخدام الصين للإكراه الاقتصادي إلى تعزيز مصالحها الاستراتيجية طويلة المدى، وكان له بدلا من ذلك تأثير معاكس في الكثير من الأحيان".
وأضاف التقرير أنه "على مدى العقد الماضي، لم يساهم سلوك البلطجة الذي انتهجته بيجين فقط في انخفاض سريع بتصنيفها التفضيلي حول العالم، بل إنه غالبا ما فشل في تحقيق الأهداف المتوخاة والمرتبطة بالسياسات".
وفي أواخر آيار/مايو على سبيل المثال، رفض زعماء 10 دول من جزر المحيط الهادئ مساعي الصين لجلب دولهم إلى فلك بيجين، وذلك خلال محادثات جرت سوفا في عاصمة فيجي مع وزير الخارجية الصينية وانغ يي.
وعرضت الصين تكثيف أنشطتها بشكل جذري في جنوب المحيط الهادئ، متحدية بشكل مباشر نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة الحيوية استراتيجيا.
ووفقا للاتفاقية المقترحة، كانت ستقوم بيجين بتدريب شرطة جزر المحيط الهادئ والمشاركة في الأمن السيبراني وتوطيد العلاقات السياسية ووضع خرائط بحرية حساسة، إضافة إلى الحصول على وصول أكبر إلى الموارد الطبيعية على الأرض وفي المياه.
وفي محاولة لإغرائها، عرضت بيجين مساعدات مالية بملايين الدولارات مع مشروع إبرام اتفاقية تجارة حرة مربحة محتملة بين الصين وجزر المحيط الهادئ ووصول إلى سوق الصين الضخم الذي يضم 1.4 مليار نسمة.
ولكن كشفت الدول الجزرية الصغيرة عرض بيجين "المخادع"، مفضلة بدلا من ذلك أن تظل مستقلة عن النفوذ الصيني في العمل الحكومي والصناعات.
الا ماخزاه في مثل عندنا في مصر في ولله المثل الاعله كان بيقول عوز كلب قاله خش خوضلك كلب قاله من فيهم قاله اي كلب كلهم كلاب ولاد كلاب المفهم من المثل انهم كلاهم الدول الكبره اهم حاجه هيا مصلحتها وبث وال يقولك غير كده كذب
الرد3 تعليق
هذا جرس إنذار لإيران التي تملك إمكانيات كبيرة.
الرد3 تعليق
المشهور بالبلطجه هو الغرب وامريكا وليست الصين . جمهورية الصين الشعبيه بلد حضاري والحضارات تتشاجر وهذا ما لم يهتم به المقال .
الرد3 تعليق