عدالة

النظام السوري يسرق المساعدات المخصصة لشعبه

وليد أبو الخير

أم وابنها ينقلان مساعدات غذائية حصلا عليها من مكتب برنامج الأغذية العالمي في حلب. [برنامج الأغذية العالمي]

أم وابنها ينقلان مساعدات غذائية حصلا عليها من مكتب برنامج الأغذية العالمي في حلب. [برنامج الأغذية العالمي]

القاهرة -- قال مراقبون إن النظام السوري يسرق المساعدات الدولية المخصصة لشعبه، ويأخذها من أفواه المدنيين ليستخدمها في تمويل قواته وإثراء التابعين له.

وأشار الخبير الاقتصادي السوري والأستاذ المحاضر في جامعة دمشق محمود مصطفى، إلى إن النظام السوري استغل المساعدات الإنسانية الدولية المخصصة لشعبه "بكل الطرق الممكنة، وذلك لدعم عناصر جيشه والميليشيات التابعة له".

وذكر أن هذه الممارسات نفذت "طوال السنوات الماضية بشكل ممنهج ومدروس".

وأضاف مصطفى أن "ذلك ليس غريبا على نظام يقوم بحملة ممنهجة لإبادة شعبه لمجرد معارضته له".

ملصقات تم التلاعب بها تشاهد على صندوق مساعدات مقدم من برنامج الأغذية العالمي في محافظة دير الزور بشرق سوريا يوم 10 نيسان/أبريل . [تويتر]

ملصقات تم التلاعب بها تشاهد على صندوق مساعدات مقدم من برنامج الأغذية العالمي في محافظة دير الزور بشرق سوريا يوم 10 نيسان/أبريل . [تويتر]

ولفت إلى أنه سيكون من الصعب سد هذه الثغرات وإيقاف سرقة المساعدات.

ورأى مصطفى أنه من غير الممكن "سد هذه الثغرة إلا من خلال إيجاد منظومة مشددة لمراقبة عملية المساعدات النقدية والإغاثية لضمان وصولها بأكملها للشعب السوري وفي كل المناطق السورية".

وقدر أن سرقة المساعدات بدأت عام 2014 حين ظهرت بوادر الأزمة الفعلية والحاجة بوضوح وقرر المجتمع الدولي مساعدة الشعب السوري في ضوء العقوبات المفروضة على الحكومة السورية.

هذا وينخرط نظام بشار الأسد في حملة قمع وحشية ضد شعبه منذ العام 2011، وذلك بدعم من حلفيه الروسي والإيراني.

فساد واسع النطاق

من ناحيته، قال الناشط محمد البيك إن النظام السوري مارس ضغوطا كبيرة على موظفي المنظمات الدولية المكلفين بالإشراف على توزيع المساعدات.

وأضاف أنه في مواجهة هذه الضغوط التي عرضت حياة الكثير من هؤلاء الموظفين للخطر، اضطرت منظمات المساعدات الدولية إلى الاستعانة بموظفين محليين لإكمال عملية التوزيع.

وأشار إلى أنه في كثير من الحالات، يكون هؤلاء الأفراد موالين للنظام ومشتركين "بطريقة أو بأخرى" في سرقة المساعدات الغذائية، مبينا أن المساعدات تحفظ داخل مستودعات تابعة للنظام قبل توزيعها.

وأوضح أنه "كان يتم أحيانا سرقة بعض المواد الأساسية من علب المواد الغذائية فلا يصل منها إلا نصف الكمية للمدنيين المحتاجين"، موجها أصابع الاتهام في السرقة إلى "أفراد نافذين" مقربين من النظام.

وأوضح أن بعض المساعدات الغذائية المسروقة تباع للتجار الموالين للنظام ليقوموا بدورهم بطرحها في الأسواق.

وتابع أنه حين يتعلق الأمر بتوزيع المساعدات الدولية، توجد منظومة فساد كبيرة أفرادها موالين للنظام من مسؤولين وعسكريين وتجار.

وأكد "مما لا شك فيه أن المؤسسات التابعة للنظام تعي تماما ما يحصل وتغض الطرف لضمان ولاء حلفائها".

من ناحية أخرى، تعمد الميليشيات الموالية لإيران التي قاتلت في الحرب إلى جانب النظام السوري، بما فيها حزب الله، إلى استغلال محنة السكان المحليين لتعزيز نفوذها في عدة مناطق من سوريا.

نمط متنام من الاستغلال

بدوره، قال الصحافي السوري محمد العبد الله إن نسبة كبيرة من الأموال المخصصة للمساعدات كانت ترسل في السنوات الأخيرة إلى النظام مباشرة.

وأضاف أن الحكومة السورية كان يفترض أن توزع هذه الأموال مباشرة على المدنيين، أو تستخدمها في شراء المساعدات التي سيتم توزيعها.

إلا أن الحكومة التي كانت تستلم هذه الأموال عبر قنواتها المصرفية الخاصة والحكومية، كانت تسرق جزءا منها بعد تطبيق سعر صرف السوق السوداء الذي يقيّم الدولار مقابل العملة المحلية بضعف السعر الرسمي تقريبا.

وفي تقرير صدر في شباط/فبراير بعنوان "إنقاذ المساعدات في سوريا"، قال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن حكومة بشار الأسد "تلاعبت بالمساعدات مدة تزيد عن عقد من الزمن، عبر منع المساعدات عن الخصوم وتحويلها إلى الحلفاء".

وأشار التقرير إلى أن النظام "نجح في تحويل القلق الدولي على بؤس شعبه إلى مصدر ربح. فهو يسرق المساعدات ويحولها ويعيد توجيهها لأغراضه الخاصة، سواء في المناطق التي يسيطر عليها أو بتحديد الوصول الدولي إلى المناطق التي لا يسيطر عليها".

وأضاف التقرير أن "هذا التدخل أصبح أكثر ترسخا، كما أن جهات فاعلة أخرى خارجة عن الدولة تتعلم منه"، داعيا حكومات الدول المانحة ودوائر المساعدات إلى "كسر هذا النمط المتنامي من الاستغلال".

وأوضح التقرير أنه إذا تمكنت الحكومات المانحة من فعل ذلك، "فإن تأثيرات المانحين الإيجابية والمنافع التي يحصل عليها الشعب السوري ستكون هائلة".

"أما إذا كانت غير قادرة أو غير مستعدة لفعل ذلك، فإن الإخفاق سيطارد الشعب السوري لعقود قادمة".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500