عدالة

محنة المدنيين المحتمين بمسجد ماريوبول تثير غضبا عارما بين رجال الدين المسلمين

وليد أبو الخير

الدخان يتصاعد فوق العاصمة الأوكرانية كييف في 19 آذار/مارس. [أريس ميسينيس/وكالة الصحافة الفرنسية]

الدخان يتصاعد فوق العاصمة الأوكرانية كييف في 19 آذار/مارس. [أريس ميسينيس/وكالة الصحافة الفرنسية]

القاهرة -- أثار إعلان الحكومة الأوكرانية في 12 آذار/مارس أن القوات الروسية قصفت مسجدا في ماريوبول كان يأوي أكثر من 80 مدنيا أملوا بإيجاد مأوى داخل مكان عبادة، موجة غضب عارمة في صفوف رجال الدين المسلمين بالشرق الأوسط.

وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في تغريدة على تويتر بتاريخ 12 آذار/مارس، إن "مسجد السلطان سليمان القانوني وزوجته روكسولانا (حريم السلطان) في ماريوبول تعرض للقصف من قبل الغزاة الروس.

وأضافت أن "أكثر من 80 شخصا وطفلا كانوا قد لجأوا إلى المكان، بينهم مواطنون أتراك"، وذلك وسط حصار روسي يستمر منذ أيام عديدة للمدينة الاستراتيجية.

وقامت روسيا بغزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير.

سفينة دوريات تابعة للبحرية الروسية تعبر مضيق البوسفور وهي في طريقها إلى البحر الأسود خلف إسطنبول، ويظهر مسجد السليمانية في الخلفية بتاريخ 16 شباط/فبراير. [أوزان كوزي/وكالة الصحافة الفرنسية]

سفينة دوريات تابعة للبحرية الروسية تعبر مضيق البوسفور وهي في طريقها إلى البحر الأسود خلف إسطنبول، ويظهر مسجد السليمانية في الخلفية بتاريخ 16 شباط/فبراير. [أوزان كوزي/وكالة الصحافة الفرنسية]

مسلمون يقفون لالتقاط صورة أمام مسجد السلطان سليمان القانوني وزوجته روكسولانا (حريم السلطان) في ماريوبول بتاريخ 18 آب/أغسطس 2020. [مسجد السلطان سليمان القانوني/فيسبوك]

مسلمون يقفون لالتقاط صورة أمام مسجد السلطان سليمان القانوني وزوجته روكسولانا (حريم السلطان) في ماريوبول بتاريخ 18 آب/أغسطس 2020. [مسجد السلطان سليمان القانوني/فيسبوك]

وفي حين زعمت تقارير صدرت لاحقا أن قذيفة روسية سقطت قرب المسجد وليس فيه مباشرة، إلا أن موجة الغصب استمرت.

وكانت القنصلية التركية في أوديسا قد طالبت في 7 آذار/مارس، عبر تويتر المواطنين الأتراك بـ"اللجوء" إلى المسجد "استعدادا لنقلهم إلى بلدهم".

وقال رئيس جمعية مسجد سليمان إسماعيل حاجي أوغلو إن جمعيته كانت قد حاولت مسبقا في 4 مناسبات إجلاء المواطنين الأتراك الـ 86 الذين كانوا لا يزالون في ماريوبول عبر تشكيل موكب لهم، "إلا أن الروس لم يسمحوا لنا باجتياز" الحواجز.

وأكد "سنحاول مرة خامسة".

وفي 17 آذار/مارس، قال إن الجنود الروس أوقفوا موكبا لمن حاولوا الفرار في مدينة توكماك على بعد 170 كيلومترا إلى الغرب.

وتابع "تم احتجازهم خلال الليل على يد الروس واضطروا إلى إيقاف المحركات لتوفير الوقود، ولكنهم كانوا يعانون من برد شديد. ولم يُسمح لهم بالخروج من السيارة".

دور العبادة تحت النيران

وبحسب الحكومة الأوكرانية، لحقت أضرار بما لا يقل عن 28 مبنى له أهمية روحية (ناهيك عن المباني المجاورة) في 6 مناطق أوكرانية على الأقل. وكانت هذه المباني بغالبيتها كنائس أرثوذكسية.

وفي هذا السياق، قال الشيخ عبد الظاهر شحاتة، وهو أستاذ محاضر في كلية الشريعة بجامعة الأزهر، للمشارق، إن القصف الروسي للمساجد الأوكرانية "يعتبر أمرا مرفوضا ليس فقط بالنسبة للمسلمين والدين الإسلامي، بل أيضا بالنسبة لجميع الديانات السماوية".

وأضاف "من يقوم بهذا العمل لا يتمتع بأية صفات إنسانية أو دينية أو أخلاقية، كون دور العبادة تعتبر خلال أوقات الحروب الملجأ الفطري الذي يفكر فيه المدنيون الذين يشعرون بالخطر وبأن التهديد الفعلي يقترب من حياتهم".

وقال شحاتة إن واقعة ماريوبول يجب أن "تكون حافزا للمجتمع الإسلامي للوقوف وقفة واحدة لاتخاذ موقف حازم تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي بدأت تأثيراتها تطال جميع الشعوب حول العالم".

واعتبر أن السياسات الدولية قد تتحكم بالقرارات السياسية والدبلوماسية، لكن يجب أن تبقى الإنسانية والقوانين الدولية في المرتبة الأولى لوقف أي اعتداء على أي بلد وشعب ودين وطائفة.

كذلك، استهدفت الهجمات الروسية مسرحا في ماريوبول كان يحتمي به الآلاف، كما استهدفت مدارس بينها روضة للأطفال ومدرسة فنية، ودارا للأيتام ومرافق أخرى مدنية كالمستشفيات.

وأكدت منظمة الصحة العالمية يوم الأربعاء، 23 آذار/مارس، حصول ما لا يقل عن 64 ضربة على مرافق للرعاية الصحية.

الحفاظ على قدسية المساجد

وبدوره، قال فاضل الهندي المشرف في مركز البحوث الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة الملك عبد العزيز، إن "جميع المؤسسات الدينية الإسلامية وغير الإسلامية تعارض التعرض لدور العبادة خلال أوقات الحروب".

وأضاف أن الغاية من ذلك "ليست فقط حفاظا على قدسية هذه الأماكن ورمزيتها، بل أيضا كونها ملجأ طبيعيا للهاربين من جحيم الحرب".

واعتبر الهندي أن واقعة مسجد ماريوبول "أضرت جدا بسمعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

ولفت إلى أن بوتين بدأ مغامرته العسكرية بحجة الدفاع عن أرض روسيا، ولكن من الصعب تصديق ذلك الآن في الشرق الأوسط وباقي دول العالم.

ومن جانبه، قال وائل الشريمي أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة القاهرة إن "ما قامت به القوات الروسية في أوكرانيا ولا تزال تقوم به من التعرض للمدنيين وأماكن العبادة والصروح المدنية يعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان بالكامل".

وأوضح أنه "بحسب ميثاق روما الصادر في العام 1998 والذي أسس المحكمة الجنائية الدولية، فكل شخص يشن بشكل متعمد هجوما على مبان مخصصة لأهداف مثل العبادة أو التعليم أو الفن أو العلم أو العمل الخيري يرتكب جريمة حرب".

يُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية فتحت تحقيقا في جرائم حرب محتملة بأوكرانيا.

وأضاف الشريمي أنه "بالإمكان الاسترسال طويلا بقائمة طويلة من الجرائم والمخالفات التي ستضع روسيا في موقف صعب جدا أمام المجتمع الدولي".

وتابع أن "عمليات توثيق هذه الجرائم باتت سهلة وسريعة بسبب التقدم التكنولوجي وسهولة الاتصال والتواصل".

وقال إن "هذه الملفات ستكون على طاولة المجتمع الدولي" في أقرب وقت لتكون الأداة الرادعة للقيادة الروسية لوقف تعديها المسفر على أوكرانيا.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500