إقتصاد

تصاعد استياء الأهالي من المشاريع الصينية في العراق

فارس العمران

عراقيون يتجمعون عند بوابة مدخل حقل الغراف النفطي في محافظة ذي قار يوم 21 كانون الأول/ديسمبر 2021 للمطالبة بفرص عمل وحصولهم على الخدمات الأساسية. [صفحة ثورة تشرين على فيسبوك]

عراقيون يتجمعون عند بوابة مدخل حقل الغراف النفطي في محافظة ذي قار يوم 21 كانون الأول/ديسمبر 2021 للمطالبة بفرص عمل وحصولهم على الخدمات الأساسية. [صفحة ثورة تشرين على فيسبوك]

قال محللون عراقيون إن الاستثمارات الصينية أثارت استياء وشكوكا بين الأهالي في العراق، مع اعتبار الكثيرين منهم أنها استغلالية ولا تخدم إلا مصالح الصين.

وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن السلطات العراقية تحقق في هجوم استهدف شركة خدمات نفطية صينية في محافظة ذي قار، وأنها ألقت حتى الآن القبض على ستة أشخاص.

ومع أن الهجوم الذي شن يوم 28 كانون الأول/ديسمبر لم يسفر عن أي خسائر بشرية أو أضرار كبيرة، اعتبر محللون إنه مؤشر على التوترات التي تحيط بالاستثمارات الصينية.

فقد تجمع المحتجون في محافظة ذي قار وغيرها من المحافظات الجنوبية في الأسابيع الأخيرة للمطالبة بالوظائف والخدمات وإنهاء الفساد المستشري.

مسؤولون عراقيون وممثلون عن شركات نفطية يشاركون يوم 19 شباط/فبراير 2019 في حفل افتتاح مشروع تطوير حقل الغراف الذي تعرض لهجوم مسلح يوم الثلاثاء، 28 كانون الأول/ديسمبر 2021. [شركة نفط ذي قار]

مسؤولون عراقيون وممثلون عن شركات نفطية يشاركون يوم 19 شباط/فبراير 2019 في حفل افتتاح مشروع تطوير حقل الغراف الذي تعرض لهجوم مسلح يوم الثلاثاء، 28 كانون الأول/ديسمبر 2021. [شركة نفط ذي قار]

ووفق مسؤول في شركة نفط ذي قار، فإن الهجوم كان محاولة للضغط على الشركة الصينية لتوفير وظائف للأهالي.

وأفاد مدير إعلام شركة نفط ذي قار، كريم الجنديل، أن "صواريخ وذخيرة حية سقطت على مقر شركة زيبيك الصينية التي تعمل في حقل الغراف النفطي في شمالي مدينة الناصرية".

وقال مسؤول أمني إن الصاروخ لم ينفجر وأن الأضرار الوحيدة التي لحقت بالموقع كانت آثار الرصاص على كارافان خارجي.

وتتولى الشركة الصينية المسؤولية عن حفر الآبار في حقل الغراف النفطي.

عدم توظيف السكان المحليين

وقال المحلل السياسي علاء النشوع للمشارق، إن "الظروفالمعيشية السيئة التي يعاني منها السكان المحليون" في ذي قار ربما تكون هي التي أثارت الهجوم على الشركة الصينية.

وأضاف أن أكثر من عشرة ملايين عراقي صاروا تحت خط الفقر مع تفشي البطالة نتيجة الفساد والسياسات الخاطئة والصراعات السياسية.

وتابع أن ما زاد الطين بلة هو "شعور السكان اليوم بخيبة أمل من قدوم الشركات الأجنبية التي تأتي وتستثمر، لكنها لا توفر وظائف للعمالة الوطنية في المشروعات".

وأوضح أن عدم تعيين موظفين محليين ينتهك معظم العقود التي تنص على ضرورة تشغيل ما نسبته 40 في المائة من الأيدي العاملة المحلية.

وشدد على مسؤولية الحكومة في إلزام الشركات بحصص العراقيين من الوظائف وفق ما ينص عليه القانون، وفي ضمان أن تساهم مشروعات الاستثمار بفاعلية في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمجتمعات المحلية.

وأكد النشوع أن الميليشيات التي تنخرط في الأنشطة المشبوهة والتجارة غير المشروعة والممارسات الفاسدة هي السبب الرئيس وراء تردي مستوى المعيشة للكثير من العراقيين.

ونوه إلى أن هذه الميليشيات لا تبحث إلا عن مصالحها ومصالح داعمتها، إيران، وبالتبعية مصالح حليف إيران الاستراتيجي، وهي الصين.

وشدد على أن إيران والصين تسعيان للهيمنة على العراق اقتصاديا واستغلال موارده على نحو يضر بالشعب العراقي.

واستدرك أن "الصين تسعى للتوسع بالعراق عبر تنفيذ مشاريع استثمارية تخدم بالدرجة الأولى أهدافها الاقتصادية"، مشيرا إلى أن الصين في سباق محموم للحصول على الاستثمارات الخارجية حتى تتمكن من دعم مكانتها الدولية.

وأكد أن بيجين مستعدة للقيام بأي شيء لضمان مصالحها الاستراتيجية دون أي اعتبار لمصالح بقية الشعوب.

مدين للصين

هذا وأثارت المشروعات الصينية السابقة في العراق الاستياء.

ففي عام 2009، ظهرت حركة حقوقية محلية في محافظة واسط أججها الغضب العام إزاء صفقة وقعتها أكبر شركة نفط صينية مع الحكومة العراقية لتطوير حقل نفط، بحسب ما أوردت صحيفة نيويورك تايمز.

فالسكان المحليون الغاضبون من وجود شركة أجنبية لديها موارد هائلة في محافظتهم الفقيرة طالبوا بدولار واحد على الأقل من كل برميل من النفط يتم إنتاجه من حقل الأحدب، على أن يستخدم في تحسين الوصول للخدمات في محافظة واسط.

وأضافت الصحيفة أن الغضب تطور إلى أعمال تخريب وترهيب لعمال النفط الصينيين.

ومنذ ذلك الحين، وقعت الحكومة العراقية سلسلة من الاتفاقيات للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي شبكة عالمية ضخمة من الموانئ والسكك الحديدية والطرق والمناطق الصناعية.

وفي حين أن مبادرة الحزام والطريق ستشهد استثمار تريليونات الدولارات في البنية التحتية الجديدة، فقد واجهت انتقادا كونها تثقل كاهل الدول الفقيرة بديون كبيرة، كما يُنظر لها على أنها محاولة من الصين لتوسيع نفوذها وتمديده.

وكانت الميليشيات المتحالفة مع إيران، مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، تطالب بتفعيل اتفاق "النفط مقابل الإعمار" الذي أبرم بين العراق والصين في 23 أيلول/سبتمبر 2019.

هذا ولم يتم تنفيذ الاتفاق الممتد لعشرين عاما بسبب الاعتراضات التي أثيرت في ذلك الوقت والجدال الحاد الدائر حول تفاصيل نصوصه.

وتركزت الاعتراضات حول المخاوف من أن توثيق العلاقات مع الصين لن يخدم إلا النظام الإيراني الذي يسعى لتعزيز مصالحه على حساب الاقتصاد العراقي.

وقال المحلل السياسي غانم العابد إن الحقيقة هي أن مثل هذه الاستثمارات ستكون بمثابة "شريان حياة" للاقتصاد الإيراني الذي يوشك على الانهيار وتاليا للنظام الإيراني، وذلك على حساب ثروة العراق ومستقبل شعبه.

وأضاف أن الميليشيات تريد أن من العراق أن يتوضع في محور إيران-الصين-روسيا.

ويقول منتقدو الاتفاق إنه سيرهن النفط العراقي للصين لسنوات كثيرة مقبلة وإنه سيترك العراق مدينا للصين.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500