إقتصاد

الفقر يزيد اليأس في جنوب العراق رغم توفر الثروة النفطية

المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

رجل يجلس أمام مشاعل تحرق الغاز الفائض في حقل نفط نهر بن عمر في محافظة البصرة بالعراق يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر. وتنتج البصرة نحو 70 في المائة من النفط الخام في العراق، ومع ذلك تضررت المحافظة على نحو خاص جراء المشاكل الكثيرة التي تعاني منها البلاد. [حسين فالح/وكالة الصحافة الفرنسية]

رجل يجلس أمام مشاعل تحرق الغاز الفائض في حقل نفط نهر بن عمر في محافظة البصرة بالعراق يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر. وتنتج البصرة نحو 70 في المائة من النفط الخام في العراق، ومع ذلك تضررت المحافظة على نحو خاص جراء المشاكل الكثيرة التي تعاني منها البلاد. [حسين فالح/وكالة الصحافة الفرنسية]

البصرة - مع أن النفط يتدفق بغزارة في محافظة البصرة بجنوب العراق، إلا أن استفادة الأهالي من الثورة المحلية تعد محدودة جدا، ويعاني كثيرون بشدة لتغطية نفقاتهم.

وقال سجاد الذي يبلغ من العمر 17 عاما ويعيش في مدينة البصرة، إن "ليس له مستقبل" ولا حاضر. وكالشباب الآخرين، قال إنه بالكاد يعيش، وهو مؤشر حي على المصاعب التي تعصف بالمدينة.

وتنتج محافظة البصرة نحو 70 في المائة من النفط الخام في العراق، وهو ثاني أكبر مصدّر للنفط في منطقة الشرق الأوسط بعد السعودية.

ومع ذلك، فإن المحافظة تتضرر على نحو خاص جراء الكثير من المشاكل التي يعاني منها العراق، علما أن هذا الأخير لا يزال يسعى للتعافي من سنوات من الحرب والاضطرابات.

وتؤثر البطالة في البصرة على ما بين 20 و25 بالمائة من السكان وعلى نحو 30 بالمائة من الشباب، بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي العراقي باريك شوبر في غياب الإحصائيات الرسمية.

وبحسب أرقام البنك الدولي، فإن هذا المعدل يقارن بمعدل وطني يبلغ 13.7 بالمائة.

وتعاني محافظة البصرة وسكانها البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، من الإمدادات غير المنتظمة للمياه والكهرباء والطرق المليئة بالحفر والتلوث السام الذي يتسبب به استخراج الهيدروكربون.

ʼالناس غاضبونʻ

ولكن يعد العامل أكثر تأثيرا يأس الشباب.

وواجه سجاد وجواد وكلاهما في الـ 16 من العمر وهما يجلسان بالقرب من نرجيلة يدخنانها، صعوبة في إيجاد أسباب للتفاؤل.

فسجاد لا يعمل، في حين أن جواد قال إنه يكدح بين "8 إلى 13 ساعة من العمل في مطعم مقابل 7 آلاف دينار عراقي (أي نحو 4.8 دولار أميركي) في اليوم الواحد".

وقال سجاد وهو جالس على شاطئ الممر المائي لشط العرب حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات، "لا أرى مستقبلا هنا. أريد أن أذهب إلى بغداد".

وتم تنفيذ بعض الاستثمارات، مثل ملعب جديد قيد الإنشاء قبيل بطولة كأس الخليج لكرة القدم المقرر إقامتها في البصرة في كانون الثاني/يناير 2023.

ولكن أقر نائب محافظ البصرة ضرغام الأجودي أن "الناس غاضبون".

وقد ألقى باللائمة على الحكومة المتواجدة بعيدا ببغداد في التوزيع غير العادل للميزانية الفدرالية.

وقال في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية إنه "في عام 2021، تبلغ ميزانية العراق نحو 130 تريليون دينار عراقي (أي 89 مليار دولار)، إلا أن المبالغ المخصصة للبصرة هي أقل من تريليون واحد".

وأوضح أن "هذا لربما يمثل نحو 0.7 بالمائة من الميزانية الإجمالية، في حين أن أكثر من 108 تريليون تأتي من البصرة".

النفوذ الإيراني

وبالنسبة لمرتضى البالغ من العمر 27 سنة وهو من أهالي البصرة، تتحمل السلطات المحلية المسؤولية وليس بغداد.

وأوضح أنه قبل الجائحة، كان يدير متجرا غير مرخص لبيع البوظة.

وقال "قامت السلطات بإغلاق المتاجر غير القانونية، ومنها متجري"، طالبا عدم نشر اسم عائلته لتجنب المشاكل مع "أشخاص معينين".

وفي الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العراق يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر، صوت مرتضى لصالح مرشح مستقل غير تابع لأي من الأحزاب الرئيسية "لأني أعتقد أنه يستطيع أن يغير الأمور".

وقد شكلت الانتخابات هزيمة مدوية للميليشيات الموالية لإيران.

وتعد المظالم أعمق من ذلك بكثير بالنسبة لكثيرين.

فكانت البصرة بؤرة لاحتجاجات هائلة في منتصف العام 2018 شكلت مقدمة للاحتجاجات التي عمت معظم أنحاء البلاد اعتبارا من تشرين الأول/أكتوبر 2019.

واندلعت موجة غضب في البصرة بسبب الفساد وتردي الخدمات العامة، وقبل كل ذلك نفوذ الدولة الإيرانية المجاورة التي أضرمت النيران في قنصليتها المحلية.

ولطالما مارست إيران نفوذها على العراق عبر أحزاب محلية معينة، إضافة إلى فصائل قوات الحشد الشعبي.

وفي البصرة، يتهم البعض "الفصائل الموالية لطهران" بالتمتع بنفوذ ضار وبالتغلغل في النسيج الاقتصادي.

وقد رفض أحد المعارضين ذكر اسمه، قائلا "إذا نشر اسمي، سأكون عرضة للقتل".

وقال أهالي البصرة الذين تحدثوا إلى ديارنا عام 2019 إنهم يعتقدون أن نفط المحافظة يُنهب من قبل الميليشيات التي تدعمها إيران وأن العائدات تذهب لتمويل الحرس الثوري الإيراني.

وفي هذه الأثناء، أثرت الهجمات الصاروخية التي ألقيت باللائمة فيها على تلك الميليشيات على شركات الطاقة الدولية بما فيها شركة النفط الأميركية هاليبورتون وشركة النفط الإيطالية إي.أن.أي اللتين تعرض موقعهما المشترك في البصرة لهجوم بـ 5 صواريخ يوم 6 نيسان/أبريل 2020.

وظائف عبر المحسوبيات

ووفق مرتضى الذي يعمل بوظائف غير منتظمة ويحلم بالعمل "لحساب الدولة"، فإنه على الرغم من مرور 3 سنوات على مظاهرات البصرة، لم يتغير إلا القليل.

ففي المحافظة الجنوبية وأكثر من أي مكان آخر في البلاد، يُنظر للعمل في قطاع البترول على أنه المكافأة النهائية بسبب ما يعد به من استقرار ورخاء.

ولكن وفقا لماك سكيلتون المدير التنفيذي لمعهد الدراسات الإقليمية والدولية ومقره في إقليم كردستان بالعراق، تُمنح الوظائف في قطاع البترول بالبصرة على أساس المحسوبيات.

وأوضح أن "الأحزاب الرئيسية ذات الأغلبية الشيعية تتنافس على شركة نفط البصرة. وتتنافس على الفوز بالعقود الأمنية في حقول النفط وعلى الأصول المختلفة".

ولكنه أشار إلى أن "العلاقات" ضرورية من أجل إيجاد طريقة للدخول إلى القطاع، مضيفا أنه "في نهاية المطاف، هناك حد معين لعدد الأشخاص الذين يستطيعون الاستفادة من مجالات القوة المختلفة هذه".

وأوضح سجاد الذي يعمل عمه في وزارة النفط، أن بعض العراقيين غير قادرين على الحصول على مثل هذه الوظائف رغم العلاقة التي تربطهم بجهات نافذة.

واشتكى الشاب من أن قريبه الأكبر سنا "ساعد بالفعل 2 من أسرته" ومن ثم "لم يستطع توظيفي".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500