إقتصاد

الميليشيات المدعومة من إيران تمهد الطريق لاستيلاء الصين اقتصاديا على العراق

فارس العمران

مسؤول صيني يتحدث عن آفاق التعاون الثنائي مع العراق خلال حفل إبرام عقد مع شركة صينية لتطوير حقل غاز في محافظة ديالى شرقي البلاد، يوم 20 كانون الثاني/يناير. [وزارة النفط العراقية]

مسؤول صيني يتحدث عن آفاق التعاون الثنائي مع العراق خلال حفل إبرام عقد مع شركة صينية لتطوير حقل غاز في محافظة ديالى شرقي البلاد، يوم 20 كانون الثاني/يناير. [وزارة النفط العراقية]

قال محللون عراقيون إن الفصائل المدعومة من إيران تسعى لقتح الطريق أمام الاستثمارات الصينية عبر خلق مناخ معادي للأعمال وترهيب المنافسين المحتملين.

وأضافوا أن أفعالهم وتهديداتهم تخدم أجندة النظام الإيراني الذي تربطه علاقات وثيقة مع الصينيين، لكنها ستضر في نهاية المطاف باقتصاد العراق وشعبه عبر إبعاده عن الغرب.

وأكدوا أن الهجمات الأخيرة التي استهدفت المصالح الغربية في العراق تهدف لإبعاد الشركات العالمية من المنافسة.

إلا أنه على الرغم من الضغوط التي يفرضها وكلاء إيران، فإنه من غير المرجح أن تحصل الصين على نصيب الأسد من المشاريع الاستثمارية في العراق.

وفد من مهندسين صينيين يطّلع على تصاميم إنشاء مشروع مطار الناصرية في جنوب العراق، يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. [الناصرية اليوم]

وفد من مهندسين صينيين يطّلع على تصاميم إنشاء مشروع مطار الناصرية في جنوب العراق، يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. [الناصرية اليوم]

وفي هذا الصدد، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني للمشارق إنه حين يتعلق الأمر بالاستثمارات الأجنبية في العراق، فإن الشعور بعدم الأمان ما يزال هو العثرة الأكبر.

وأكد أن "الهجمات الصاروخية على السفارات والبعثات الدولية والمطارات توجه رسائل سلبية للعالم وتعزز لدى شركات الاستثمار الشعور بعدم القدرة على تحمل مستوى المخاطر العالي".

وأضاف أن هذه الهجمات، التي حملت مسؤوليتها بصورة كبيرة للميليشيات التي تدعمها إيران، تخاطر بإبعاد استثمارات دول الغرب في المستقبل بسبب مخاوف الشركات من أن تصبح هدفا سهلا للميليشيات.

وأشار المشهداني إلى أن عامل القلق الأمني "يصب في مصلحة الصينيين الذين ليس لديهم مشكلة مع تلك الفصائل ويتحركون بحرية ودون محاذير أمنية بالعراق".

وتابع أن غياب المنافسة النتاج عن ذلك، يضغط أيضا على العراق للقبول بالاستثمارات الصينية، لاسيما أن بكين تقدم بدورها "مغريات" استثمارية.

وأوضح أن تلك المغريات تتضمن الاستعداد للعمل في بيئات ذات المخاطر عالية وتمويل المشروعات والسداد بالآجل من إيرادات بيع النفط.

وذكر المشهداني أن تراجع أداء قطاعات الخدمة العامة بالعراق يشكل قوة ضغط أخرى على صانع القرار العراقي لإبرام عقود مع أي طرف دولي يرغب بالاستثمار.

المعارضة لخطة بيع النفط

هذا ويدعم وكلاء إيران، مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، تفعيل اتفاق "النفط مقابل الإعمار" بين العراق والصين الذي تم إبرامه يوم 23 أيلول/سبتمبر 2019.

ولم يتم تنفيذ الاتفاق الممتد لعشرين عاما بعد المعارضة التي أثيرت ضده في ذلك الوقت، والجدل المحتد الدائر إزاء تفاصيل بنوده.

فقد شعر الكثير من العراقيين أن الاتفاق يرهن ثروتهم النفطية بيد الصينيين وحلفائهم الإيرانيين لعقدين من الزمن.

وقال المشهداني إن الحكومة عارضت الصفقة رغم ضغوطات الميليشيات، لكن تلك الصفقة ما تزال تُطرح سياسيا "لإغاظة الحكومة".

وفي هذه الأثناء، تواصلت الاستثمارات الصينية في العراق.

وقالت الصين إنها تخطط لاستثمار نحو 30 مليار دولار في صناعة النفط العراقية، فضلا عن تنفيذ مشروعات في قطاعات التشييد والبناء والخدمات.

كما أنها تطمح للحفاظ على الصدارة كأكبر مصّدر للسلع والبضائع للعراق إذ حققت في 2020 ما نسبته 15.8% من إجمالي الواردات العراقية، وفق إحصاءات رسمية.

هذا ووُقعت الكثير من العقود مع الشركات الصينية العام الماضي، لبناء 1000 مدرسة وإنشاء مصفاة لتكرير النفط الخام ومجمع للبتروكيماويات في ميناء الفاو بالبصرة وبناء محطات طاقة شمسية في العراق.

ويوم 20 كانون الثاني/يناير الجاري، أبُرم عقد لتطوير حقل المنصورية الغازي بمحافظة ديالى مع شركة سينوبك الصينية.

الصين تستغل الأزمات

بدوره، قال المحلل السياسي ثائر البياتي إن الصين تهدف عبر تعزيز استثماراتها في العراق لضم العراق لمشروع مبادرة الحزام والطريق.

وأضاف أن استثمارات الصين في العراق تخدم أهدافها التي تشمل تضخيم عائداتها من تصدير البضائع والسلع على طول طرق التجارة التي تسيطر عليها وفرض الهيمنة على سوق التجارة العالمي.

وأكد أن "الصين تحاول استغلال الأزمات للتوسع اقتصاديا في مناطق الصراع الإقليمي وفي العراق عبر إبرام التعاقدات أو شراء أصول الشركات العالمية".

وأشار إلى أن الميليشيات التي تدعمها إيران تسعى لإخلاء الساحة الاستثمارية للاعب الصيني والدفاع عن مصالحه بناء على توجيهات من الإيرانيين.

وأوضح البياتي أن الميليشيات تضغط على العراق لإلحاقه بالمحور الإيراني الصيني بالرغم من مساعي العراق للابتعاد عن ذلك المحور وتنويع مصادر استثماراته والانفتاح على المحيطين العربي والدولي.

ويرى أن قراءة الواقع السياسي الراهن لا تدعم فرضية نجاح الميليشيات في مسعاها لإعطاء الصين نصيب الأسد في فرص الاستثمارات.

واستدرك أن "الميليشيات فقدت سطوتها بعد خسارتها بالانتخابات الأخيرة".

وأوضح أن هناك تحالف سياسي بدأ يتشكل من التيار الصدري والسنة والأكراد لتأسيس حكومة أكثرية تقف ضد طموحات إيران ووكلائها وحلفائها.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500