توجه سلسلة من الاختبارات التي أجرتها البحرية الأميركية مؤخرا على نظام أسلحة بالليزر رسالة لإيران ووكلائها بشأن استخدام الطائرات المسيرة لتنفيذ هجمات في الشرق الأوسط.
ففي منتصف كانون الأول/ديسمبر، دمرت السفينة يو.أس.أس بورتلاند هدفا عائما أثناء الإبحار في خليج عدن، باستخدام ليزر الحالة الصلبة.
وحققت البحرية الأميركية نجاحا على اختبار سابق للنظام نفسه في أيار/مايو 2020، عندما أسقطت طائرة مسيرة في المحيط الهادئ.
ويعتبر النظام، الذي يحمل اسم مبرهن نظام أسلحة الليزر (LWSD)، جيلا جديدا من تكنولوجيا الليزر السابقة التي يملكها الجيش الأميركي، بحسب ما جاء في بيان صدر عن البحرية الأميركية في 15 كانون الأول/ديسمبر.
وتعد السفينة بورتلاند جزءا من المجموعة البرمائية التي بدأت بالعمل في منطقة الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية في أيلول/سبتمبر، حسبما ذكر البيان.
ويتولى الأسطول الخامس المسؤولية عن منطقة عمليات تغطي نحو 6.5 مليون كيلومتر مربع من المياه وتشمل الخليج العربي والبحر الأحمر وخليج عُمان وأجزاء من المحيط الهندي.
وفي حين أن أنظمة الأسلحة عالية الطاقة بالليزر قد تكون مكلفة من حيث التطوير والنشر، إلا أنها تقدم للقادة بديلا منخفض الكلفة نسبيا عن أنظمة أخرى مضادة للطائرات فور تشغيلها.
ويمكن أن تكون كل طلقة من نظام يستند إلى الليزر أقل كلفة من الرصاص أو الصواريخ المضادة للطائرات، شريطة أن تتمكن السفن من توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل النظام، وهو ما يجعله فعالا في وجه التهديدات منخفضة الكلفة كالطائرات المسيرة التي استخدمتها إيران في المنطقة.
وتمثل أحدث تقنيات الجيش الأميركي تحذيرا لإيران وحلفائها في ظل ازدياد استخدام الطائرات المسيرة في الهجمات.
استهداف مباشر للطائرات المسيرة
وقد ربطت أدلة الطب الشرعي إيران بسلسة من الهجمات التي نفذت بالطائرات المسيرة في المنطقة.
حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية والأدلة التي تم جمعها في المواقع المستهدفة بالطائرات المسيرة المفخخة، بما في ذلك منشآت في العراق والسعودية، صلة إيران بالهجمات.
وبدأت الأدلة حول دور إيران في مثل هذه الهجمات تظهر بعد الهجمات العنيفة التي نفذت في 14 أيلول/سبتمبر 2019، والتي عطلت عمل منشأتين لمعالجة النفط تابعتين لشركة أرامكو السعودية في خريص وبقيق.
وخلص تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن الهجوم الذي أوقف فعليا إنتاج النفط في السعودية لم ينفذ من قبل الحوثيين المدعومين من إيران والذين تبنوا العملية في الأساس.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إن الأقمار الصناعية الرقابية التقطت صورا تظهر تحضير إيران للطائرات المسيرة والصواريخ في مواقع إطلاقها على أراضيها قبل الهجوم، حسبما نقلت الإذاعة الوطنية العامة.
كذلك، كشف لاحقا تدقيق في حطام الطائرات المسيرة التي استخدمت في الهجوم أن المكونات التي تم جمعها في موقع حدوث الهجوم مطابقة لمكونات الطائرات المسيرة المصنوعة في إيران.
يُذكر أن السعودية والولايات المتحدة لطالما اتهمتا إيران بتزويد الحوثيين بالأسلحة المتطورة.
وفي أحد الحوادث التي حصلت مؤخرا، قال التحالف بقيادة السعودية والذي يقاتل في اليمن في 23 كانون الأول/ديسمبر إنه أسقط طائرة مسيرة مفخخة كانت تستهدف مطار أبها في جنوبي البلاد، ما تسبب بسقوط شظايا في المناطق المجاورة من دون سقوط ضحايا.
وفي هذه الأثناء، قامت الدفاعات الجوية العراقية يوم الثلاثاء، 4 كانون الثاني/يناير، بإسقاط طائرتين مسيرتين مفخختين أثناء اقترابهما من قاعدة عين الأسد الجوية التي تستضيف قوات أميركية.
إيران تخفي مسؤوليتها
وفي مطلع آب/أغسطس من العام الماضي، أعلن البنتاغون أيضا أن التحقيقات في هجوم بطائرة مسيرة نفذ في 29 تموز/يوليو على سفينة ميرسر ستريت في بحر العرب قبالة ساحل عُمان أنتجت أدلة واضحة تشير إلى مسؤولية إيران في الحادث.
وقد قتل حارس أمني بريطاني وقبطان السفينة الروماني في الهجوم.
وفي هذا السياق، قال المحلل الأمني والضابط السابق في الجيش العراقي ماجد القيسي إن العالم ينظر إلى تهديدات إيران للملاحة التجارية في مياه الخليج وبحر العرب واستهدافها للبنية التحتية النفطية السعودية على أنها "أعمال انتقامية ومضايقات".
وأضاف أنها تحمل "رسائل ضغط أمنية وسياسية" من القادة الإيرانيين إلى المجتمع الدولي لإعادة النظر بالعقوبات المفروضة على بلادهم والتأثير على المفاوضات المتعلقة ببرنامجهم النووي.
وأشار إلى أن إيران تنشط في تهريب الصواريخ والأسلحة لأذرعها في العراق واليمن وسوريا ولبنان لتتمكن من مهاجمة الأهداف والمصالح الدولية ومواصلة أنشطتها الخبيثة.
وتابع أنها تمد كذلك تلك الأذرع بالطائرات المسيرة، حيث أن هذه النوعية من الأسلحة يصعب رصدها وتدميرها.
وأكد القيسي أن إيران "تطور خبرات الأذرع على صناعة وتشغيل هذه الطائرات لأن [هذه الأذرع] لا تمتلك القدرة الكافية على إنتاجها بمفردها".
وشدد على أن الحرب بالوكالة تمثل سياسة استراتيجية لدى إيران، مشيرا إلى أن هذا النوع من الحروب يمتاز بسهولة إنكار المسؤولية، ما يعني أنه يسهل لإيران إنكار أي دور مباشر لها فيها.