مجتمع

مناطق سيطرة النظام في سوريا تئن تحت وطأة الإهمال والفساد المستشري

وليد أبو الخير

أطفال سوريون يلعبون وسط ركام الأبنية التي دمرت خلال الحرب في بلدة مورك في ريف حماة الشمالي. [عمر حاج كدور/وكالة الصحافة الفرنسية]

أطفال سوريون يلعبون وسط ركام الأبنية التي دمرت خلال الحرب في بلدة مورك في ريف حماة الشمالي. [عمر حاج كدور/وكالة الصحافة الفرنسية]

ما تزال المناطق السورية التي كانت سابقا بيد المعارضة السورية وباتت اليوم تحت سيطرة نظام بشار الأسد، تشهد تراكم أنقاض المباني التي دمرت خلال الحرب في شوارعها وبنية تحتية مدمرة وخدمات محدودة في أفضل الأحوال.

وأشار أكاديميون ومواطنون سوريون إلى أنه إضافة إلى الإهمال الذي تعاني منه تلك المناطق منذ عودتها لسيطرة النظام، استشرى الفساد بشكل كبير بين المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن إدارتها.

وأضافوا أن الفساد أوقف إحراز أي تقدم عبر تعطيل الأشغال العامة المولجة تنفيذ مشاريع إعادة إعمار وعرقلتها.

وقال الخبير الاقتصادي السوري والأستاذ المحاضر في جامعة دمشق، محمود مصطفى، إن المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة تعرضت لدمار كبير بسبب الغارات الجوية وعمليات القصف المكثفة من قبل النظام وحلفائه، بالإضافة إلى الدمار الذي نتج عن المعارك.

أحد الأبنية الحكومية في ريف دمشق ما يزال مدمرا رغم توقف المعارك منذ ثلاث سنوات تقريبا. [سانا]

أحد الأبنية الحكومية في ريف دمشق ما يزال مدمرا رغم توقف المعارك منذ ثلاث سنوات تقريبا. [سانا]

يعيش أهالي مناطق ريف دمشق وسط مخلفات الحرب وركام الأبنية المدمرة التي لم تتم إزالتها بعد. [سانا]

يعيش أهالي مناطق ريف دمشق وسط مخلفات الحرب وركام الأبنية المدمرة التي لم تتم إزالتها بعد. [سانا]

وتابع أن الدمار طال جميع أنواع الأبنية والبنى التحتية.

وأكد أنه في بعض المناطق، كمنطقة ريف دمشق، لم تتم إزالة الركام إلا بنسبة 10 في المائة تقريبا، رغم صدور قرارات ومراسيم حكومية لإزالة الأنقاض والأبنية المتصدعة تمهيدا لإطلاق عملية إعادة الإعمار.

ولفت إلى أن "هذا الوضع المزري للمنطقة جعلها غير صالحة للسكن، ما جعل أعداد العائدين إليها منخفضا بشكل واضح، بل وأخرج العشرات من العائلات نحو مناطق أخرى".

وأكد مصطفى أن وسائل الإعلام التابعة للنظام تزعم أن تقديم الخدمات يتم على أكمل وجه في المناطق المنكوبة، لكن الواقع على الأرض يناقض هذه المزاعم.

وأوضح أنه إذا تم تقديم أي خدمات، فتكون موجهة لمناطق موالية للنظام أو للميليشيات التابعة له.

إهمال متعمد

من جهته، قال المزارع السوري من إدلب المقيم حاليا بأحدى القرى القريبة من الحدود التركية، حسين الضاهر، "يبدو إن إهمال النظام للمناطق المدمرة عمل مقصود من قبله".

وأضاف أن النظام يهدف لإبقاء هذه المناطق غير قابلة للسكن "بهدف إبعاد سكانها الأصليين والسير قدما بعملية تغيير ديموغرافي وإسكان الموالين للنظام وإيران فيها".

وكشف أن المشاريع التي تم تنفيذها حول العاصمة دمشق، أسندت إلى شركات موالية لإيران أو لعناصر الميليشيات التابعة للنظام.

وأردف أن ما يجري في ريف دمشق يجري أيضا في أماكن أخرى أعاد النظام السوري السيطرة عليها.

وأكد الضاهر أن "المئات من العائلات تركت منازلها وأراضيها بسبب استحالة العيش في المناطق المنكوبة" دون مياه وكهرباء وصرف الصحي.

وأوضح أنه "مع مرور الوقت، تتزايد المخاوف من أن تصبح العودة مستحيلة، خصوصا بعد الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية إما بوضع اليد عليها أو من قبل مؤسسات حكومية الحكومية بعد طرحها في مزادات".

وذكر أنه شخصيا فضل الانتقال إلى المنطقة الحدودية والبقاء في مخيمات النازحين "بسبب عدم قدرتي على تأمين أدنى المتطلبات" لعائلته في منزله السابق.

وذكر أن جزءا كبيرا من منزله قد دمر وأن المرافق العامة والخدمات، بما فيها المدارس، غير متوفرة.

فساد ممنهج

بدوره، قال الناشط من ريف دمشق محمد البيك، إن الفساد الممنهج هو أحد الأسباب الرئيسة للحالة المزرية التي تقبع فيها مناطق سيطرة النظام.

وأضاف "تبين أن مسؤولين حكوميين، بينهم عدد من الوزراء والمحافظين ورؤساء البلديات، متورطون في أنشطة فساد واسعة".

وتابع أنه تم فضح عدد من المسؤولين الفاسدين لسرقتهم المال المخصص للاستعانة بمقاولين لتنفيذ عمليات إزالة الركام قبيل إعادة الإعمار، وأن السلطات أطاحت بالعديد منهم.

وأكد أنه لولا الخلافات التي حصلت بين المسؤولين الفاسدين، لما انكشف الأمر، مشيرا إلى أنهم اختلفوا على المبالغ المالية التي يتقاضونها كما اختلفوا على تقسيم الأموال.

وأوضح أن مسؤولي النظام والمقربين منه يحصلون أيضا على أرباح من بيع مخلفات الإنشاءات، وخصوصا الحديد المسلح.

ففي عمليات الاحتيال هذه، يتم سحب الحديد المسلح من المباني التي انهارت أثناء الحرب ويباع بأسعار مرتفعة على أنه جديد، في حين أن ثمنه الفعلي أقل بـ 25 في تامائة من السعر المسجل.

وأكد البيك أن الإهمال لا يقتصر على منطقة ريف دمشق بل ينسحب على العديد من المناطق كمدينة مصياف بريف حماة الغربي، والتي تعتبر من أبرز مراكز الاصطياف في البلاد.

وأوضح أن "المدينة وضواحيها يعانون من الغياب التام لأي نوع من الخدمات، ما أدى إلى غياب الأنشطة السياحية غيابا كاملا".

في المقابل، أشار إلى أن بعض المناطق الساحلية تحصل على الخدمات، وهي تعتبر الحاضنة الأساسية للنظام علما أنها شهدت خلال الفترة الماضية "حالة من التململ".

"أي أن النظام يحاول رشوتهم بما هو حق لهم من الأساس وذلك على حساب مناطق أخرى"، بحسب البيك.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500