أكد خبراء لديارنا أنه على الرغم من أن هدف التحالف الدولي والنظام السوري وحلفائه هو القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إلا أنهم اختلفوا في النهج الذي اتبعوه لتحقيق هذا الهدف كما في دوافعهم.
فمن جهة، شكل الحفاظ على حياة المدنيين أولوية مطلقة للتحالف الدولي خلال معاركه لطرد داعش من معاقلها في سوريا، ساعياً في نهاية المطاف إلى تأمين عودة الحياة الطبيعة لسكان المناطق المحررة.
أما في الجهة الأخرى، انصب تركيز النظام السوري وحلفائه - بما فيهم روسيا وإيران والميليشيات الطائفية المتحالفة معه - في المقام الأول على استعادة الأرض، ضاربين بعرض الحائط الخسائر البشرية بين المدنيين التي يمكن أن تنتج عن ذلك ومتسببين بتغيير ديموغرافي في البلاد.
وقال الخبراء إن النظام وحلفاءه لم يهتموا بخدمة السكان المدنيين أو مساعدتهم.
النظام وحلفاؤه يرتكبون المجازر
في المقابل، وفي الوقت الذي وضع فيه التحالف نصب عينيه تنفيذ مهمته الرئيسية وهي تحرير الأرض والسكان من سيطرة تنظيم داعش، لم يتهاون في مهمة الحفاظ على الحياة البشرية حسبما قال المحلل العسكري االلواء المتقاعد من الجيش المصري، عبد الكريم أحمد.
وأضاف لديارنا أنه خلال معركة الرقة لطرد داعش، كان التحالف الدولي حريصاً جداً على حياة المدنيين، وساعدهم بالتعاون مع قوات سوريا الديموقراطية على تأمين ممرات آمنة لإخراجهم من المدينة.
وتابع أحمد أن عملية تحرير الرقة تأجلت لأكثر من مرة، واستمرت المعركة فترة أطول بسبب حرص غرفة عمليات التحالف على الحد من الخسائر البشرية وإبقائها قدر الإمكان في أدنى مستوياتها".
وأردف أنه على عكس ذلك، أظهر النظام وحلفاؤه، بينهم روسيا والحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة معهم، القليل من الاهتمام بحياة المدنيين أثناء محاولتهم تعزيز سيطرتهم.
وقال إن النظام وحلفاءه ارتكبوا "مجازر حين استهدفوا المناطق الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية".
وبالفعل، أضاف، "إن الاستهداف المباشر للمدنيين كان أبرز وسيلة للضغط على هؤلاء [مقاتلي المعارضة] لإخراجهم من مناطق الشمال السوري".
وجاء اتفاق الإجلاء الذي تم التوصل إليه في 9 نيسان/أبريل بين النظام وفصيل جيش الإسلام المعارض، بعد يوم واحد من ما يشتبه أنه هجوم كيميائي على شرق مدينة دوما، أدى إلى مقتل 48 شخصاً.
وفي حينه، رجح محللون أن يكون النظام قد نفذ الهجوم لبث الرعب بين السكان المحليين وضمان مغادرة جيش الإسلام مدينة دوما وفق الشروط التي حددتها دمشق.
ورداً على هذا الهجوم، وجهت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا يوم السبت، 15 نيسان/أبريل، ضربات صاروخية عقابية ضد سوريا.
معاناة المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام
من جهته، قال الصحافي السوري محمد العبد الله، إنه في حين عاد النازحون إلى المناطق التي حررها التحالف من تنظيم داعش، بقيت العديد من المناطق التي استعادها النظام السوري في ريف دمشق وحلب وحمص ودير الزور أشبه بالصحراء.
وأوضح لديارنا أن فشل النظام بتوفير الأمن والخدمات جعل من الصعب على المدنيين العودة.
وتابع أن الاهتمام تركز فقط على المناطق التي كانت أساساً وبشكل جزئي تحت سيطرة النظام، كما حصل في حلب، حيث تم ترميم الأسواق التجارية فقط وبجهد من التجار.
في غضون ذلك، "بقيت سائر المدن في المنطقة تعاني من الإهمال الشديد".
ولفت إلى أن هذا الأمر دفع حتى المدنيين الموالين للنظام إلى مغادرة المنطقة باتجاه مناطق أخرى كالعاصمة دمشق ومناطق الساحل وصولاً حتى طرطوس واللاذقية.
"من جهة أخرى، بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى المناطق التي تحررت بجهود التحالف الدولي وحلفائه على الأرض"، وفقاً له.
ففي محافظة الرقة مثلاً، بذلت الجهود لتأمين المياه والكهرباء وتعبيد الطرقات، وذلك بسبب الدعم الذي قدمه التحالف للجان المحلية التي تشكلت من المدنيين العائدين.
وذكر أن "هذه اللجان استطاعت إصلاح محطات ضخ المياه وانتاج الكهرباء وترميم بعض الجسور، وإعادة بناء تلك التي تهدمت أثناء المعارك".
مخطط لإحداث تغيير ديموغرافي
أما عكيد ابراهيم، الإداري في الهلال الأحمر الكردي، فقال لديارنا إن إهمال النظام للمناطق التي استطاع العودة إليها هو "إهمال مقصود كلياً".
وتابع أن غالبية المناطق لم يتم تنظيفها من الألغام وركام الحرب، ما جعل عودة الأهالي أمراً مستحيلاً، هذا إضافة إلى الملاحقات الأمنية التي طالت جميع المدنيين فيها.
وأوضح ابراهيم أن النظام يهدف من خلال ذلك إلى منع السكان النازحين من العودة إلى مناطق معينة، واستبدالهم بآخرين بغية تنفيذ مخطط تغيير ديموغرافي.
وذكر أن ملامح هذا المخطط بدأت تظهر ملامحها بوضوح في مناطق دمشق وريفها.