بين الهجمات على المصالح العراقية والأجنبية والتهديدات بالتصعيد عقب الانتخابات العراقية وعمليات القتل الطائفية التي نفذت مؤخرا في محافظة ديالى، تخسر ميليشياعصائب أهل الحق المدعومة من إيران سريعا شعبيتها لدى الشعب العراقي.
وبعد هجوم شنه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في 26 تشرين الأول/أكتوبر على حي الرشاد في قضاء المقدادية بمحافظة ديالى وأسفر عن مقتل 15 شخصا، نفذ مسلحون زعم أنهم مرتبطون بميليشيات مدعومة من إيران، ومن بينها عصائب أهل الحق، سلسلة أعمال قتل انتقامية في المدن المجاورة ذات الغالبية السنية.
وقالت مصادر أمنية إن ما لا يقل عن 3 أطفال كانوا من بين القتلى، وأضرمت النار في عدة منازل في قريتي نهر الإمام والعامرية.
وفي بيان صدر لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومجلس الأمن الأممي، طالب مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بتحقيق سريع وشفاف في أعمال القتل.
واتهم البيان بصورة محددة زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وزعيم منظمة بدر هادي العامري بارتكاب "الجرائم الطائفية" في ديالى، وطالب بملاحقة كل المسؤولين عنها.
وفي هذه الأثناء، تواصل ميليشيا عصائب أهل الحق التنديد بنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 تشرين الأول/أكتوبر، متهمة عدة بلدان بالتلاعب بالنتائج في ظل إطلاقها تهديدات ضد مؤسسات الحكومة العراقية.
هذا ومنيت الكتلة السياسية لعصائب أهل الحق، وهي كتلة الصادقون، وغيرها من الأحزاب السياسية التي تمثل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران والتي تشكل تحالف الفتح، وهو الجناح السياسي لقوات الحشد الشعبي، بهزيمة مدوية في الانتخابات.
حيث خسر التحالف أكثر من نصف مقاعد نوابه الـ 48.
وبعد الانتخابات، نظم أتباع الميليشيا وغيرها من الجماعات المهزومة مظاهرات في بغداد وقاموا بقطع الطرق وإحراق الإطارات مع التهديد بمزيد من الأفعال التصعيدية.
رفض الإقرار بالهزيمة
وفي هذا السياق، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل إن على الخاسر في الانتخابات "البحث في أسباب [الخسارة] لأن وراءها بالتأكيد أسباب دفعت الناخب لمعاقبة هذا الحزب أو تلك الكتلة السياسية".
ولكن ميليشيا عصائب أهل الحق وغيرها من الميليشيات التابعة لإيران ترفض الإقرار بالهزيمة.
وأضاف فيصل أن تصعيد تلك الجماعات لنبرة التهديد ضد الحكومة العراقية ومفوضية الانتخابات العليا المستقلة والبعثات الدبلوماسية يظهر أنها تواصل تهديد الأمن.
وتابع أنه عبر رفض الخضوع للعملية الدستورية والقانونية للانتخابات، تدفع عصائب أهل الحق البلاد نحو فتنة داخلية وترتكب "خطيئة كبرى" ضد العراقيين.
وتأتي تهديدات عصائب أهل الحق في ظل انشقاق عدة ميليشيات شيعية عن قوات الحشد الشعبي.
حيث أعلن ميثم الزيدي قائد ميليشيا فرقة العباس القتالية الشيعية في 28 أيلول/سبتمبر في كربلاء، تأسيس حشد العتبات المتحالف مع آية الله علي السيستاني، وهو أعلى مرجعية شيعية في العراق.
وتشمل الوحدة الجديدة 4 جماعات قررت العام الماضي الالتحاق بوزارة الدفاع العراقية وإنهاء ارتباطها بقوات الحشد الشعبي.
يُذكر أن هذه الخطوة أغضبت زعماء الميليشيات المدعومة من إيران، ولا سيما الخزعلي.
حالة توتر عبر الحدود
هذا وشاركت عصائب أهل الحق أيضا بالحرب السورية إلى جانب نظام بشار الأسد الذي يعد حليفا لإيران.
وتواصل الميليشيا تنسيق أنشطتها المسلحة مع وكلاء إيرانيين آخرين مدعومين من الحرس الثوري الإيراني للحفاظ على هيمنة إيران على المنطقة الحدودية بين شرقي سوريا والعراق.
وفي 16 أيلول/سبتمبر، وجه الخزعلي تهديدات ضد الحكومة العراقية بعد استهداف طائرات مسيرة مجهولة آليات الميليشيا في الجانب السوري من المنطقة الحدودية، مما أدى إلى مقتل 3 مسلحين.
وتزايدت حدة التوتر في المنطقة بعد هجوم شن يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر بطائرة مسيرة واستهدف قاعدة التنف في منطقة الحدود الثلاثية جنوبي سوريا، حيث يتمركز نحو 200 عنصر أمني أميركي.
ولم يتم تسجيل سقوط ضحايا بين صفوف الأميركيين، ولكن الصور التي تم تناقلها عبر الإنترنت أظهرت أضرارا كبيرة في القاعدة.
وفي إحاطة أجريت 26 تشرين الأول/أكتوبر، وصف المتحدث باسم البنتاغون جون كربي الحادثة بأنها "هجوم معقد ومنسق ومتعمد"، قائلا إن الميليشيات التابعة لإيران نفذت هجمات مماثلة ضد القوات الأميركية في أماكن أخرى.
وفي هذا السياق، قال مزاحم الحويت، وهو أحد زعماء العشائر العراقية، للمشارق إن نظام إيران يدفع بوكلائه، وبينهم عصائب أهل الحق، لإغراق العراق والمنطقة في دوامة الصراعات.
وذكر أن تلك الجماعات مستمرة بتحدي الجهود العراقية لإبعاد البلاد عن السياسات الهادفة إلى إذكاء العنف والاضطرابات.
وأشار الحويت إلى أن عصائب أهل الحق تستمر أيضا بسلوكها المضر بالأمن الداخلي والسلم الأهلي.
ولفت إلى أن تهديداتها المتكررة للحكومة وللنظام العام فيها هي "مخالفة واضحة للقانون والدستور وانتقاص من السيادة الوطنية".
وكانت الجماعة وراء الهجمات المتكررة التي نفذت بصواريخ إيرانية الصنع على مقرات الحكومة والمباني المدنية والقواعد العسكرية العراقية، فتسببت بسقوط ضحايا في صفوف المدنيين والعسكريين على حد سواء.