اتسمت استجابة النظام الإيراني لأزمة فيروس كورونا بمغالطات ورهانات خاطئة ومعلومات مضللة وقيام المرشد الأعلى علي خامنئي علنا بحظر اللقاحات الغربية.
ولتبرير حظر خامنئي الذي صدر في كانون الثاني/يناير، دأبت الحكومة على نشر دفق منتظم من المعلومات الكاذبة عبر وكالات الأنباء الدعائية، بينها وكالة أنباء تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وعلى الرغم من إعلان إيران الشهر الماضي أنها تبحث في إمكانية شراء مليوني جرعة من لقاح فايزر/بيونتك الأميركي الألماني المضاد لكوفيد-19، قال كثيرون إن هذه الخطوة جاءت متأخرة للحد من حصيلة ضحايا تفشي المرض الأكثر فتكا في الشرق الأوسط.
ووسط تباطؤ النظام الإيراني، شنت الحكومة حملة تضليل ذات شقين حاولت من خلالها بث الشكوك في سلامة اللقاحات الغربية من جهة، ونشر الأكاذيب حول خضوع الطعام والأدوية للعقوبات الأميركية من جهة أخرى.
ولم يكتف النظام بذلك، بل ذهب إلى حد وصف منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة بأنها "الذراع التنفيذي" للحكومة الأميركية.
وفي هذا الإطار، أكد الصيدلاني مجتبى سادات الأحمري المقيم في طهران "نشر العديد من المقالات والتقارير في وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري الإيراني من أجل اختلاق ʼأسس علميةʻ لحظر المرشد الأعلى اللقاحات الغربية".
وقال إن بعض هذه التقارير "زعمت خطأ أن اللقاحات المجانية التي أرسلتها شركة فايزر إلى إفريقيا في السنوات الأخيرة لمكافحة الجدري والتهاب الكبد وشلل الأطفال، احتوت على فيروس [نقص المناعة البشرية] الأيدز".
وواصل النظام في الترويج لمثل هذه الأكاذيب، حتى مع إعلان وزارة الخارجية ووزارة الخزانة الأميركية بشكل متكرر وعلني أن العقوبات الأميركية على إيران لا تطال الغذاء والدواء.
وقال مراقبون إنه على الرغم من أن كل الأدلة تشير إلى عكس ذلك، أكد النظام الإيراني أنه لا يثق في اللقاحات الغربية متهما الغرب في الوقت عينه بعدم السماح له بالحصول على اللقاحات.
وذكروا أنه في الوقت نفسه، أن استجابة النظام الإيراني للأزمة فاقم الوضع من نواح كثيرة.
’لا ثقة في النظام‘
وأضاف سادات الأحمري أن إيران قللت جديا منذ البداية من أهمية "استمرار الفيروس وانتشاره"، مما ساهم في سوء إدارتها للأزمة التي أودت حتى الآن بحياة نحو 300 ألف إيراني.
وقد امتنع النظام عن تنفيذ حجر صحي واستمر في السماح لشركة طيران ماهان التابعة له بالسفر إلى الصين في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2020، حين كان الفيروس في وجه انتشاره.
وفي الأيام الأولى للجائحة، زعم الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني أن "المشكلة ستحل في غضون بضعة أسابيع" و"ستعود الأمور إلى طبيعتها".
وزعم خامنئي نفسه أن الفيروس "ليس بكارثة كبيرة".
ولكن حين أدرك النظام مدى صعوبة احتواء الفيروس، كان الأوان قد فات وكان الشعب قد فقد تماما ثقته بالسلطات.
وقال المحلل السياسي فارامارز إيراني المقيم في كرمان، إن "أحد العوامل الرئيسية كان ولا يزال الافتقار إلى التنسيق بين المسؤولين في البلاد"، مشيرا إلى أن الشعب لا يثق بالنظام.
وأضاف "في الوقت الذي زعم المجلس (البرلمان) فيه أن إدارة روحاني كانت مسؤولة عن إدارة المقر الوطني لمكافحة كوفيد -19، رفض روحاني قبول تحميله المسؤولية".
وتابع إيراني أن رفض روحاني "جاء على أساس أن المؤسسات العسكرية والأمنية لا تخضع لرئاسة الجمهورية، وهي مسؤولة فقط أمام المرشد الأعلى والحرس الثوري الإيراني".
وأردف أن هذا الأمر "ليس في الواقع بعيدا عن الحقيقة، وأظهر أيضا تهرب روحاني من تحمل أي مسؤولية".
عدم ثقة غير مسبوق لدى المواطنين
وعمدت وزارة الصحة إلى تقليل عدد المصابين أو المتوفين جراء كوفيد-19 بشكل كبير، معلنة عن 118 ألف حالة وفاة منذ بداية الوباء، علما أن الكثيرين يؤكدون أن هذا الرقم لا يشكل سوى نحو ثلث العدد الحقيقي.
وإن ممثلي المجلس غلام علي جعفر زاده إمينابادي وأحمد عميرابادي-فراهاني وعلي النجفي، هم ممن يقولون إن العدد الفعلي لضحايا الوباء في إيران أعلى بكثير من الأرقام الرسمية.
وذهب موقع جافان الإخباري التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حد القول إن العدد الحقيقي يصل إلى 7 أضعاف الإحصاءات الرسمية، وهو ما تعتبره معظم المصادر مبالغة كبيرة.
وفي غضون ذلك، وصل انعدام الثقة العام بالمسؤولين الحكوميين والذي تفاقم بفعل جائحة فيروس كورونا والمشاكل الاقتصادية في البلاد، إلى مستوى غير مسبوق لدرجة دفعت بوسائل الإعلام المدارة من الدولة إلى الإعراب عن قلقها.
ويحذر البعض من أن هذا الأمر لا يحمل بشائر خير للنظام الإيراني الحالي.
وختم إيراني بالقول إنه "على الرغم من أنه من غير الممكن تقدير تأثير الوباء بدقة على النظام، فإن التصريحات الصادرة عن بعض الشخصيات السياسية الموجودة خارج البلاد تشير إلى أن أزمة كوفيد-19 قد تكون بمثابة حافز للانتقال إلى مرحلة ما بعد الجمهورية الإسلامية".
ايران بتلعب ع كل الوجوه
الرد1 تعليق