بيروت -- استأنف لبنان وإسرائيل المحادثات بوساطة أميركية بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها يوم الثلاثاء، 4 أيار/مايو، وذلك في إطار جهود أميركية طويلة المدى لإحلال السلام بين البلدين المتجاورين واللذين لا يزالان عمليا في حالة حرب.
وعلى رأس الفريق الأميركي الذي سيلعب دور الوسيط في المفاوضات بين ممثلي الحكومتين السفير جون ديروشيه الذي وصل إلى لبنان يوم الاثنين.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أعلنت فيه استئناف المحادثات التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر ولكن توقفت بعد بضعة أسابيع، إن "استئناف المحادثات يشكل خطوة إيجابية باتجاه حل طال انتظاره".
وقبيل المحادثات، التقى الرئيس اللبناني ميشال عون بالوفد اللبناني بحضور قائد الجيش الجنرال جوزيف عون، حسبما ذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء يوم الاثنين.
ومن المتوقع أن يؤدي ترسيم الحدود البحرية بين البلدين إلى تمهيد الطريق للتنقيب عن النفط والغاز في البحر.
وتأتي المحادثات بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية الأميركية بين الطرفين. ولكن هذه المحادثات توقفت بعد أن طالب لبنان بمنطقة أكبر، بما في ذلك حقل كاريش للغاز حيث أعطت إسرائيل حقوق التنقيب لشركة يونانية.
وخلال زيارة أجراها في منتصف نيسان/أبريل إلى بيروت، قال المبعوث الأميركي ديفيد هيل إن الولايات المتحدة ستستمر بلعب دور الوسيط في المحادثات "على الأسس التي استندنا إليها لإطلاق تلك المباحثات"، فيما بدا كرفض للخطوة اللبنانية للمطالبة بمنطقة أكبر.
خفض التوترات الإقليمية
وفي هذا السياق، قالت الخبيرة اللبنانية بشؤون الطاقة لوري هايتايان إن موقف الإدارة الأميركية لجهة تجديد تعهدها بالمساعدة في المفاوضات مع إسرائيل هو أمر "إيجابي جدا".
وأوضحت أنه من العوامل المهمة استعداد الولايات المتحدة "لإحضار خبراء ترسيم حدود دوليين لإبداء رأيهم بالمفاوضات التقنية وخطوط [الترسيم] المعروضة".
وأشارت إلى أن "كل المؤشرات تؤكد استعداد الولايات المتحدة لمناقشة كل خطوط [الترسيم]، وتصريحات ديفيد هيل تعبر عن التزام الإدارة الجديدة بمساعدة لبنان".
ومن المتوقع أن تعزز المحادثات الاستقرار الإقليمي عبر تخفيض حالة التوتر على الحدود الجنوبية للبنان، والسماح لهذا الأخير بالاستفادة من موارد النفط والغاز المتنازع عليها حاليا.
وفي بيان صدر في 1 تشرين الأول/أكتوبر، عبّرت قوة حفظ السلام المؤقتة التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) عن دعمها للمحادثات الخاصة بالحدود البحرية، مؤكدة "استعدادها لتقديم كل الدعم المتوفر لديها للطرفين".
هذا، وقد شهدت قوة اليونيفيل، التي أنشأت في العام 1978 كقوة لحفظ السلام وأوكلت إليها مهمة مساعدة الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله، شهدت عرقلة عملها بصورة متكررة من قبل الحزب المدعوم من إيران.
وقد صوّت مجلس الأمن الدولي العام الماضي لصالح تجديد ولاية اليونيفيل حتى 31 آب/أغسطس، مكررا استنكاره لكل محاولات تقييد حرية تحرك عناصرها أو مهاجمتهم ومهاجمة معداتهم.
وطالب مجلس الأمن أيضا بتوفير إمكانية الوصول الكامل لكل المواقع التي تريد اليونيفيل التحقيق فيها والتي منعت من الوصول إليها بصورة مستمرة، بما في ذلك تلك المرتبطة بالأنفاق غير الشرعية العابرة للحدود والتي يستخدمها حزب الله.
مناشدة لإجراء ʼإصلاح جذريʻ
هذا ويتخبط لبنان في أزمة اقتصادية وسياسية تفاقمت على أثر انفجار 4 آب/أغسطس الدامي في مرفأ بيروت وجائحة فيروس كورونا.
وفي تصريحات أدلى بها بتاريخ 15 نيسان/أبريل في قصر بعبدا، وهو محل الإقامة الرسمي للرئيس اللبناني، دعا هيل القادة اللبنانيين إلى تشكيل حكومة جديدة "تكون مستعدة وقادرة على تنفيذ إصلاح حقيقي وجذري".
وقال "هذا هو المسار الوحيد للخروج من الأزمة".
واتهم حزب الله بتقويض الدولة اللبنانية.
وذكر أن "تكديس حزب الله للأسلحة الخطيرة وانخراطه بأعمال التهريب وغيرها من الأنشطة غير القانونية والفاسدة التي يمارسها تقوض مؤسسات الدولة الشرعية. وهو يحرم اللبنانيين من القدرة على بناء بلد مسالم ومزدهر".
وتابع أن "إيران هي التي تغذي وتمول هذا التحدي الذي تواجهه الدولة، وهذا التشويه للحياة السياسية اللبنانية".
وأضاف أن "من يستمرون بتعطيل التقدم في مشروع الإصلاحات يعرضون علاقتهم بالولايات المتحدة وشركائنا للخطر ويعرضون أنفسهم لإجراءات عقابية".
وتابع "وسيحظى من يسهلون التقدم في هذا المسار بدعمنا القوي".
وفي هذا الإطار، قال وزير العدل السابق أشرف ريفي "هذا كلام كان ينتظره لبنان".
وأضاف أن الولايات المتحدة "تتمتع بمصداقية بتعاونها مع لبنان رغم معضلة حزب الله وما يمثله"، معربا عن أمله في أن "تساهم [الولايات المتحدة] بتحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية".
جهود فرنسية لكسر الجمود
هذا وقد لعبت فرنسا دورا رياديا في محاولة كسر الجمود السياسي، ولكن مواطنين لبنانيين كثيرين قالوا إن لبنان لا يستطيع الاعتماد على فرنسا وحدها، بل يجب أن يعتمد على المجتمع الدولي والولايات المتحدة.
وتعارض الولايات المتحدة أية حكومة تضم حزب الله، وهونفس الموقف الذي يتبناه الكثير من اللبنانيين الذين يزعمون أن بلدهم بات "رهينة" الحزب.
وبدوره، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يوم الخميس أن فرنسا بدأت بفرض قيود على دخول بعض الشخصيات اللبنانية إلى أراضيها، وذلك كعقوبة على دورهم في الأزمة السياسية أو الفساد في لبنان، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال في بيان "على المستوى الوطني، بدأنا بتطبيق قيود ترتبط بالدخول إلى الأراضي الفرنسية ضد شخصيات متورطة في الجمود السياسي الحالي أو في قضايا الفساد".
وأضاف "نحتفظ بحق اتخاذ إجراءات إضافية ضد كل من يعرقلون مسار التوصل إلى حل للأزمة، وسيتم ذلك بالتنسيق مع شركائنا الدوليين"، من دون تسمية الشخصيات التي طالها الإجراء المذكور.
وقال دبلوماسيان إنه تم إعداد قائمة أسماء ويتم إبلاغ الأشخاص المعنيين بذلك، بحسب وكالة رويترز.
وذكر لودريان أن المحادثات جارية مع شركاء فرنسا في أوروبا بشأن "الأدوات" التي يمكن استخدامها لزيادة الضغط على الشخصيات السياسية اللبنانية التي "تعرقل حل الأزمة".
ساهمت نهاد طوباليان في هذا التقرير من بيروت.