أكد خبراء أنه في الوقت الذي يسعى فيه لبنان إلى تحديد مسار للخروج من الأزمة الاقتصادية التي شلت قطاعاته وألحقت ضررا ساحقا بسكانه، تترك علاقات حزب الله مع النظام الإيراني خيارات قليلة أمام الحكومة بشأن سبل الحصول على المساعدة.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن لبنان يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية شهدها منذ الحرب الأهلية 1975-1990، وجاءت جائحة كورونا لتفاقمها وتجعل 45 في المائة من سكانه يعيشون تحت خط الفقر وعشرات الآلاف عاطلين عن العمل.
ووافق مجلس الوزراء في 30 نيسان/أبريل الفائت على خطة إصلاح اقتصادي تهدف إلى فتح الباب أمام تدفق المساعدات الخارجية وإعادة هيكلية الدين العام وخفض النفقات.
ويسعى لبنان إلى جمع 10 مليارات دولار من الدعم المالي، ليضافوا إلى 11 مليار دولار من المنح والقروض التي تعهد بتقديمها المانحون الدوليون عام 2018.
وعن الخطة الاقتصادية هذه، قال الأستاذ المساعد في السياسة والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت، ناصر ياسين، إنها محاولة لحل الأزمة "من خلال أدوات مالية ومحاسبية للحصول على مساعدة خارجية من خلال صندوق النقد الدولي".
"لكنها تمهد الطريق لظروف صعبة بسبب الإجراءات التقشفية ولما ستقطتعه من المزايا الاجتماعية"، مضيفا أن ارتفاع التضخم والانكماش الاقتصادي سيكونان جزءا من الثمن الذي سيتعين دفعه.
وكان الرئيس ميشال عون قد قال في 6 أيار/مايو، إن خارطة الطريق الاقتصادية تأتي مع طلب الحكومة المساعدة من صندوق النقد الدولي، واصفا إياها بأنها "مسار إلزامي للتعافي إذا تفاوضنا جيدا وكنا جميعا ملتزمين التزاما مطلقا ... بالإصلاح".
حزب الله عائق أمام تنفيذ الخطة
وتشكلت هذه الحكومة بعد أن أطاحت الاحتجاجات بسابقتها، وهي لا تتمتع بدعم شعبي قوي.
لكنها تبقى مدعومة من قوى سياسية رئيسة بينها حزب الله الذي يشغل مقاعد في البرلمان، وذلك على الرغم من تصنيفه من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وراهنا ألمانيا بأنه "إرهابي".
وفي هذا الإطار، أكد الزميل الباحث في الشؤون المصرفية والمالية في جامعة كوليدج دبلن، محمد فاعور، أن "الأمر دونه صعوبات جمة، لكن باستطاعة لبنان الوقوف مجددا على قدميه عبر خطة إصلاح صلبة ومدعومة دوليا".
وتابع: "لكن القلق الرئيس يكمن في معرفة إذا ما كانت السياسة الداخلية ستسمح بتنفيذ خطة تتمتع بالمصداقية".
وفي موقف يعاكس توجهاته السابقة، كشف زعيم حزب الله حسن نصر الله في خطاب متلفز ألقاه يوم 4 أيار/مايو عن عدم معارضته الطلب من صندوق النقد الدولي مساعدة لبنان خلال هذه الأزمة، مؤكدا في الوقت عينه ضرورة الالتزام ببعض الشروط.
وفي حديثه للمشارق، قال الخبير الاقتصادي سامي نادر إن "مواقف حزب الله تشكل عائقا كبيرا أمام تدفق المساعدات الدولية إلى لبنان".
وأردف أنه "لا يمكنك طلب المساعدة من دول فيما أنت تثير المشاكل معها"، لافتا إلى أن الحزب صنف كمنظمة إرهابية ويواجه عقوبات دولية.
واعتبر أن "حزب الله يحاول الإمساك بالورقة اللبنانية خدمة لإيران التي تشهد تراجعا لنفوذها وضغطا عليه في كل من العراق وسوريا".
وأوضح أن الضغوطات التي تواجهها إيران والناتجة عن انهيار أسعار النفط وجائحة كورونا والعقوبات الاقتصادية، تترك أثرا سلبيا على القاعدة الموالية لها في دول المنطقة وتطال شظاياها أيضا قاعدة حزب الله في لبنان.
’لا بد من دفع أثمان سياسية‘
وأكد نادر أن "السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو التوجه إلى صندوق النقد الدولي الذي سيفتح بدوره الباب أمام دول أخرى لمساعدة لبنان". ولفت إلى أن "تحقيق ذلك سيتطلب دفع أثمان سياسية، لكن بدلا عن ذلك نرى أن حزب الله يضع شروطا على صندوق النقد الدولي".
من جهته، قال الباحث السياسي لقمان سليم للمشارق، إن "لبنان لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه لولا سياسات حزب الله الداخلية والخارجية".
واتهم حزب الله بتسهيل الفساد داخل الحكومة عبر شراء سكوت السياسيين عن ترسانة أسلحته.
وذكر سليم أن الأمر لم يقتصر فقط على السكوت عن فسادهم، بل غطى الفساد الذي ينخر صفوفه. "وبسبب الحزب، لم يبق للبنان صديق في المنطقة العربية أو في العالم".
واعتبر أن حزب الله يلتزم بأجندة إيران وتدور أولوياته حول مصالح النظام الإيراني على حساب مصالح لبنان، وهذا ما يفسر تلكوء الحزب عن طلب المساعدة الدولية عبر صندوق النقد الدولي.
وختم مؤكدا أن لبنان يدفع راهنا ثمن فشله في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن "خروجه عن الشرعية الدولية" عبر إشراك حزب الله في حكومته كان أيضا مكلفا.
فاقد الشئ لا يعطيه... ايران لم تنفع لنفسها فكيف تنفع غيرها وحزب الله امتداد لها
الرد1 تعليق