أكد مسؤولون أن آلاف اليمنيين فروا هذا العام من منازلهم نتيجة لاستمرار الصراع، مع تسببالهجمات التي شنها الحوثيون المدعومون من إيران على مآرب ومحافظات أخرى تسيطر عليها الحكومة بموجات النزوح التي حصلت مؤخرا.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة قد أعلنت أن 24 ألف أسرة في اليمن نزحوا مرة واحدة على الأقل بين كانون الثاني/يناير حتى أيلول/سبتمبر الماضي.
وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر، قالت المنظمة الأممية عبر وسائل التواصل الاجتماعي إنها تدعم حاليا أكثر من 13 ألف أسرة يقيمون في 55 مخيما للنازحين منتشرين في جميع أنحاء البلاد.
أم محمد هي أرملة في العقد الرابع من العمر، نزحت مع أطفالها الأربعة مرات عدة بعد فرارها من محافظة الجوف بسبب قصف الحوثيين لها، ويعاني ولدها الرضيع من سوء التغذية.
وقالت للمشارق إن النزوح يشكل خطرا على الحياة بسبب ظروف العيش القاسية في المخيمات حيث لا طعام يكفي ولا مال ولا رعاية صحية.
وتابعت: "أشعر وكأنني في رحلة تقودني إلى مصير مجهول وأعيش نوعا من الموت البطيء".
’هجمات متعمدة على المخيمات‘
وقال عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الانسان مراد الغارتي للمشارق، إن موجة النزوح التي تحدثت عنها الأمم المتحدة جاءت نتيجة لهجمات الحوثيين على مأرب والجوف والبيضاء والضالع وبعض مناطق محافظة الحديدة.
وأضاف أن أغلب النازحين توجهوا إلى محافظة مأرب، حتى باتت تحتضن 140 مخيم نزوح يقيم فيها أكثر من مليون وثمانمائة ألف نازح.
وأشار إلى أن "ارتفاع عدد النازحين وانخفاض المساعدات يعرضان حياة النازحين للخطر"، مضيفا أن الحوثيين يتعمدون استهداف المناطق السكنية لإخلائها من سكانها عبر تهجيرهم قسرا وذلك بهدف استخدامها كمواقع عسكرية.
وأكد الغارتي أن المخيمات تتلقى مساعدات من منظمة الهجرة الدولية والصليب الأحمر ومركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية، "إلا أنها تبقى غير كافية".
وفي حديثه للمشارق، قال مدير مستشفى هائل للأمومة والطفولة في مدينة مأرب علي السعيدي، إن "تزايد عدد النازحين الهاربين إلى محافظة مأرب وضع ضغوطا على مستشفيات المدينة وأثر سلبا على جودة الخدمات المقدمة".
استهداف الآبار بالصواريخ
بدوره، قال مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب، سيف مثنى، إن صواريخ الحوثيين تستهدف منشآت تقدم خدمات للنازحين.
وكشف للمشارق أن الميليشيا استهدفت آبار مياه الشرب التي تغذي مخيمات النازحين.
وأشار إلى أن ميليشيا الحوثي قصفت أواخر شهر آب/أغسطس الماضي بئر المياه الوحيد في مديرية مدغل، وهو يزود سكان المديرية ومخيمات النزوح بالمياه.
وأكد أن "الحكومة المحلية تعمل على تأهيل آبار بديلة ليستخدمها السكان والنازحون ".
وتفاقمت معاناة النازحين مع خفض الأمم المتحدة لبرامج المساعدات بسبب تراجع التمويل، حسبما أكد الناشط الحقوق أحمد المصباحي للمشارق.
وأضاف أن تدني الخدمات الصحية يضر النازحين اليمنيين بشكل خاض، لا سيما بعد انهيار قطاع الرعاية الصحية في البلاد منذ بدء الحرب عام 2015.
وأشار إلى أن "سبب هذا الانخفاض يعود إلى نقص التمويل، إضافة إلى العقبات اللوجستية التي فرضتها ميليشيا الحوثي".
وأوضح المصباحي أن الحوثيين فاقموا أزمة النزوح عبر مهاجمة المدنيين الذين يعيشون بالقرب من مناطق سيطرتهم، مؤكدا أن هذا التهجير القسري يهدف إلى إخلاء هذه المناطق من سكانها.
وختم حديثه بالقول إن "محاولة النازحين الهرب من الموت في مناطقهم قد تكون بداية رحلة نحو الفقر والجوع والمرض".