سكان بيروت يتظاهرون ضد حزب الله تحت وطأة أزمتهم

وجه سكان بيروت الذين تحدثوا إلى المشارق أصابع الاتهام إلى حزب الله محملين إياه مسؤولية كل المصائب الأخيرة التي حلت بلبنان وشعبه، آخرها الانفجار المدمر الذي هز مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس.

وعلى الرغم من أن الكارثة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 171 شخصا وإصابة 6000 آخرين وإحداث حفرة على الساحل بعمق 43 مترا، إلا أن اللبنانيين واجهوها بحشد طاقاتهم لمساعدة السكان في المناطق الأكثر تضررا.

وفي ساحة الشهداء، خرج المحتجون إلى الشارع في تظاهرة تحت شعار "يوم الحساب"، أقاموا خلالها تشييعا رمزيا للضحايا وطالبوا بتنحي الطبقة السياسية هاتفين "لا لسلاح حزب الله".

ودعا بعضهم إلى تقديم قائد حزب الله حسن نصر الله إلى المحاكمة.

وفي حديثها للمشارق، قالت المتظاهرة ميرنا السباعي أن "الكيل قد طفح"، مضيفة أن "الوقت حان ليدرك حزب الله أنه السبب في خرابنا وأزماتنا التي لا تعد ولا تحصى".

وتابعت: "أثبت حزب الله أنه غير مؤهل ليكون شريكا إيجابيا في بناء البلد. بل على العكس، فقد تبين أنه مصدر دماره وأزماتنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية".

وأردفت أن "تدخله في الشؤون اللبنانية السياسية عبر حكومة يقف خلفها، فاقم من مشالكنا الداخلية والخارجية".

علاقة حزب الله بالمرفأ

وشددت السباعي على أنه "مهما نفى حزب الله علاقته بمرفأ بيروت، تؤكد الوقائع أنه المتحكم بكل شرايينه وكل ما يجري فيه ويديره كما يشاء".

وعليه، أكدت أن "نفيه مسؤوليته عن الانفجار يثير السخرية. فهو قد تسبب بمقتل أبرياء وتدمير بيروت التي كنا نفتخر بها".

يتردد صدى اتهام "حزب الله بأنه هو من فجر مرفأ بيروت" في أحياء بيروت المنكوبة، حسبما قال ناجي الجبيلي الذي نجا من الانفجار لكن منزله الكائن في محلة المدور-شركة الكهرباء تدمر بالكامل.

ووسط كومة الركام وسقف المنزل المنهار الذي بناه وأشقاؤه الثلاثة بجنى عمرهم، أضاف للمشارق أن "العناية الإلهية أنقذت عائلتي التي كانت بزيارة لأقارب لنا في الجبل".

وتابع: "جميعنا في الحي والأحياء المجاورة فقدنا سقوف البيوت التي كانت تأوينا وجنى العمر الذي حققناه بعرق الجبين". وسأل: "أين هو حزب الله من الكارثة التي حلت بنا؟".

وأكد أن "على حزب الله الكف عن الإدعاء أن لا علاقة له بالمرفأ. جميع أبناء المنطقة يعرفون أنه يسيطر بشكل كامل على المرفأ وكل مرافقه، تماما كما يتحكم بالحكومة ويتدخل بكل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية".

وذكر أن الحزب "يدخل ما يريد من بضائع مهربة عبر المرفأ كما عبر المعابر غير الشرعية دون حسيب ولا رقيب".

’غير كفوء لبناء وطن‘

وأردف الجبيلي: "منذ أشهر ونحن ندفع ثمنا لسياسات حزب الله تجسد بانهيار اقتصادي ومالي لأنه حزب محاصر بالعقوبات".

ولفت إلى أن حزب الله "لا يتمتع بكفاءة تؤهله تحمل مسؤولية بناء وطن، لأنه أثبت أنه غير وطني".

ولا يحمل أهالي مناطق بيروت المنكوبة حزب الله مسؤولية كارثة مرفأ بيروت وأزمات البلاد الاقتصادية والمالية فحسب، بل أيضا توتير علاقات لبنان مع الدول العربية والمجتمع الدولي.

وفي هذا الإطار، قال جميل فريحة الذي كان يتفقد منزل أقاربه المنهار قرب شركة الكهرباء إن "حزب الله قتل لبنان منذ سنوات عبر تدخله بحروب المنطقة وتنفيذ أعمال إرهابية".

وأكد للمشارق أن هذه الممارسات "ضربت علاقات لبنان بكل العالم، فقاطعنا العرب والخليجيون وسدت أمامنا سبل العيش"، لافتا إلى أن هذه الدول "تتضامن معنا اليوم".

من جانبه، قال مدير موقع أساس الإلكتروني محمد بركات للمشارق، إن حزب الله هو بطبيعته ومشروعه منظمة عسكرية ويلعب بهذه الصفة دورا مباشرا في النزاعات المندلعة في ثلاث دول على الأقل.

وأشار إلى أن "لبنان هو أكواريوم المياه الدافئة لحزب الله الذي يسيطر على كل منافذه من المطار والمرفأ وصولا إلى الحدود البرية جنوبا وشرقا وشمالا". "وبالتالي، تصبح حقيقة أنه يسيطر على المرفأ بديهية وتفصيلية"، على حد قوله.

وأكد أن هذا الوضع لا يصطلح إلا مع عودة لبنان إلى موقفه الحيادي كما اقترح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وعلى حزب الله فك ارتباطه بالصراعات الإقليمية.

الشعب اللبناني يتضور جوعا

وفي حديثه للمشارق، أكد الخبير الاقتصادي سامي نادر أن انهيار لبنان الاقتصادي امتد ليطال كل القطاعات الإنتاجية، وبات الناس على مشارف التضور جوعا.

واتهم حزب الله بأنه السبب الرئيس وراء أزمة لبنان الاقتصادية لأنه أعاق قدرته على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتاليا تأمين حصوله على مساعدة دولية.

واعتبر نادر أن الميليشيا "تتحمل مسؤولية كبيرة في [الأزمة الاقتصادية] التي يمر بها لبنان نتيجة لالتزامها بأجندة إيران على حساب لقمة عيش اللبنانيين".

أما المحاضر في قسم التاريخ بالجامعة الأميركية في بيروت مكرم رباح، فقال إن النظام السياسي القائم في لبنان يسمح لحزب الله بالتمتع بالنفوذ كما بجعل البلد ورقة يحركها كيفما يريد.

وأضاف للمشارق أن "الحزب يتحمل مسؤولية تعريض لبنان لعقوبات دولية أدت لقطع المساعدات عنه"، واستتبع ذلك انهيار اقتصادي يهدد كل الأسر في لبنان.