بيروت - مع حلول الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 آب/أغسطس 2020 وفي ظل حالة الحزن والحداد التي لا تزال تغمر عائلات الضحايا، استئناف المرفأ نشاطه بصورة ملحوظة عقب الكارثة المميتة التي حلت به ليعمل حاليا بكامل طاقته تقريبا.
ولكن أشار مراقبون إلى عقبات تعرقل إحيائه بالكامل، ومن بينها فساد القطاع العام وعرقلة حزب الله المستمرة للتحقيق في الانفجار.
ومع ذلك، تم تسجيل تقدم ملحوظ في المرفأ.
وحاليا، يتم فيه تشغيل 13 رافعة من أصل 16، وقد عالجت نحو 600 ألف حاوية في عام 2021 و700 ألف حاوية في عام 2022 ومن المتوقع أن تقوم بتخليص ما يقارب الـ 800 ألف حاوية بحلول نهاية العام 2023.
ولأول مرة منذ عام 2020، رست 3 سفن تحمل على متنها 8000 حاوية في الرصيف 16 بالمرفأ دفعة واحدة في 13 تموز/يوليو.
وفي هذا السياق، قال وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية إنه من المرجح أن يشارك القطاع الخاص في تشغيل المرفأ بكامل طاقته.
يُذكر أن محطة الحاويات في المرفأ مدارة من قبل مجموعة الشحن الفرنسية سي إم ايه - سي جي إم المملوكة لعائلة سعادة اللبنانية-الفرنسية والتي فازت في شباط/فبراير 2022 بعقد لإدارة وتشغيل وتجديد وتحديث المحطة على مدى 10 سنوات.
زيادة في حركة الحاويات
وقال نائب رئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة والرئيس السابق لغرفة الملاحة الدولية في بيروت إيلي زخور، إن حركة الحاويات في مرفأ بيروت تشكل عادة أكثر من 75 في المائة من إجمالي حركة المرور فيه.
ولفت إلى أنه بعد تضرر محطة الحاويات في الانفجار، أجرى كونسورتيوم محطة الحاويات في بيروت الذي يشرف على إدارة وتشغيل المحطة إلى جانب هيئة مرفأ بيروت، إصلاحات لبعض الرافعات في المرفأ.
وأوضح للمشارق أن الإصلاحات سمحت للمحطة باستئناف عمليات استقبال ومعالجة سفن الحاويات بشكل جزئي بعد أسبوع من وقوع الانفجار.
وأضاف أنه منذ عام 2022، قامت شركة سي إم ايه - سي جي إم بضخ الأموال في المحطة من خلال شركة سي إم إيه بيروت ترمينال التي تشغل محطة الحاويات، وقد اشترت قطع غيار ومعدات جديدة.
وقال زخور إن الشركة انتهت من إصلاح جميع المعدات، ما أتاح للمحطة فرصة استئناف العمل بكامل طاقتها.
وأكد أن التحسن في الخدمات المقدمة للسفن دفع شركات الشحن الدولية ولا سيما شركة سي إم ايه - سي جي إم، إلى استئناف استخدام المرفأ كمركز حيوي لنقل الشحنات إلى موانئ الدول المجاورة.
وبحسب زخور، سجل مرفأ بيروت في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023 زيادة ملحوظة في حركة الحاويات المخلّصة.
ولكنه أشار إلى أن مرفأ بيروت القديم حيث توجد إهراءات الحبوب والذي يستقبل السفن التي تحمل بضائع مثل الحديد والحبوب وكذلك السيارات، لا يزال مدمرا ولم تبذل أي جهود ملموسة لإعادة بنائه.
كذلك، لا تزال إهراءات الحبوب التي كانت تدعم الأمن الغذائي العام غير شغالة.
وإن لبنان شبه مفلس وعاجز عن إعادة بناء المرفأ القديم وإهراءات الحبوب بموارده الخاصة، وفقا لزخور الذي لفت إلى الحاجة إلى استثمارات أجنبية.
حاجة إلى التطوير
ومن جهته، قال ربيع صبرا مدير عام غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان وهي أكبر منظمة تجارية في البلاد، إن "تطوير المرفأ ضرورة ملحة".
وأوضح للمشارق أن التطوير "سينعكس إيجابا على أنشطة الاستيراد والتصدير وسيزيد الدخل القومي ويخلق فرص عمل للشباب اللبناني".
ومن جانبه، ذكر الكاتب والمحلل الاقتصادي أنطوان فرح للمشارق أن مرفأ بيروت استأنف نشاطه بمعدل شبيه بالمعدل الذي كان يسجل قبل الانفجار، واصفا إياه بأنه حجر الزاوية للاقتصاد اللبناني.
وأوضح أنه على الرغم من أن النشاط يعد رمزا للتقدم، إلا أنه لن يكون له أي معنى اقتصادي إذا لم تتم معالجة مسألة الفساد في البلاد، بما في ذلك الفساد الذي يشوب عمليات المرفأ.
وأشار إلى أن على لبنان إشراك القطاع الخاص في إدارة المرفأ للحد من الفساد والقيام بالأعمال اللازمة لاستئناف العمليات بشكل كامل.
وبحسب صبرا، تتمثل إحدى طرق إشراك القطاع الخاص في ضم غرفة بيروت إلى مجلس إدارة المرفأ كونها تمثل هذا القطاع.
عقبات وعراقيل
وقال فرح إن "هناك العديد من المعوقات التي تواجه تطوير المرفأ، منها رفض السياسيين السماح للقطاع الخاص بتشغيل المرافق العامة لأن إبقائها تحت سيطرة الحكومة يخدم مصالحهم الخاصة".
وتابع أن العقبة الأكبر هي حزب الله، لأن الحزب المدعوم من إيران لديه في المرفأ خط بضائع خاص به تحت ستار "حاجات المقاومة".
وفي هذا الإطار، قالت الكاتبة السياسية سوسن مهنا للمشارق إنه لو لم يكن لحزب الله دور في انفجار المرفأ، لكان اتخذ موقفا محايدا وسهّل التحقيق فيه.
وأضافت أن "حزب الله يضع عقبات أمام التحقيقات التي تجري تحت إشراف القاضي طارق البيطار، متهما هذا الأخير بالتسييس واستخدام سلطته بشكل استنسابي، كما قال مسؤولو الحزب".
وختمت مهنا مؤكدة أنه "ليس من مصلحة حزب الله تسهيل التحقيقات".