قال مسؤولون وخبراء للمشارق إن الحوثيين (أنصار الله) استنفذوا موارد الحكومة اليمنية، وأسفرت أزمة صرف الرواتب التي تأتت عن ذلك إلى مزيد من التدهور في الأوضاع المعيشية في البلاد التي تمزقها الصراعات.
وأضافوا أن الأزمة المالية الحالية أدت إلى تفاقم معاناة موظفي الحكومة بشكل خاص وأجبرت بعضهم إلى الإستدانة، لاسيما وأن أغلبهم يعتمد على رواتبهم الشهرية لتأمين حاجاتهم الأساسية.
وفي شهر آب/أغسطس الماضي، كشف تقرير للأمم المتحدة أن الحوثيين المدعومين من إيران يحولون شهريا من البنك المركزي في صنعاء نحو 100 مليون دولار أميركي، وأن الاحتياطي من العملات الأجنبية تراجع من 4 مليار دولار في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 إلى 1.3 مليار دولار.
وأدى هذا الكشف إلى توقيف فوري في دفع رواتب موظفي الحكومة في صنعاء ومناطق أخرى يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم.
كما دفع بالرئيس عبد ربه منصور هادي إلى نقل البنك المركزي إلى عدن، المقر المؤقت للحكومة.
وفي شهر أيلول/سبتمبر، أعلن رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر إلتزام حكومته دفع رواتب كل موظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري بعد قرار نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن.
وقال بن دغر إن "الحكومة اتخذت عددا من الإجراءات لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الإنهيار بسبب انقلاب مليشيا الحوثيين وقوات [الرئيس السابق علي عبد الله] صالح".
وأشار إلى أن الرئيس هادي اتخذ قرار نقل البنك المركزي "استشعاراً للمسؤولية تجاه كل الشعب اليمني" بعد أن أوقفت الميليشيا صرف رواتب الموظفين كما أوقفت النفقات التشغيلية للمؤسسات الحكومية.
ولم يتلق موظفو الدولة المدنيون رواتبهم عن شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر، في حين لم يتلق أفراد الجيش رواتبهم منذ ثلاثة أشهر (من آب/أغسطس حتى تشرين الأول/أكتوبر).
وقال الجندي اليمني صالح حسين للمشارق إن عدم تلقيه راتبه منذ ثلاثة أشهر وضعه في مأزق كبير.
وأضاف أنه اضطر لاقتراض المال والسلف من بعض المحلات التجارية، فيما أجبر أحيانا أخرى على بيع بعض الذهب ومجوهرات زوجته "لشراء احتياجاتهم الغذائية الأساسية، التي استنفدت تقريبا".
الحكومة تبدأ بحل الأزمة
إزاء ذلك وجهت وزارة المالية في صنعاء، في 6 تشرين الثاني/نوفمبر، البدء بإجراءات صرف رواتب الموظفين في إطار الموارد المتاحة، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام المحلية.
وبناء عليه، صرفت وزارة الدفاع كامل رواتب موظفيها عن شهر آب/أغسطس، وصرفت 50 بالمائة فقط من الرواتب الأساسية والبدلات القانونية عن شهر أيلول/سبتمبر.
إلى هذا، صرفت أيضا 50 بالمائة من مستحقات المتقاعدين المدنيين والعسكريين والأمنيين عن شهر أيلول/سبتمبر.
وردّ مرزوق عبد الودود مدير مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية أزمة صرف المرتبات لعبث ميليشيا الحوثيين بمؤسسات الدولة في صنعاء.
وأوضح للمشارق أن "استحواذ الحوثيين على مؤسسات الدولة بما في ذلك البنك المركزي هو سبب وصول اليمن لهذه المرحلة الصعبة وفي تردي الأوضاع الاقتصادية بما في ذلك ازمة صرف المرتبات".
وأكد أن قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن "قرار حكيم بسبب استنزاف الاحتياطي الأجنبي"، مشيرا الى أن هذه الخطوة تهدف للحفاظ على ما تبقى من سعر الريال أمام العملات الصعبة.
صرف الرواتب ’خلال أيام‘
فؤاد الذاري مدير عام الشؤون المالية في إحدى شركات القطاع العام في صنعاء، قال إنه "خلال أيام على الأكثر، سيتمّ صرف الرواتب في معظم المرافق الحكومية في صنعاء".
وأشار للمشارق إلى أن صرف نصف الراتب "خطوة إيجابية" لأن الموظفين وصلوا الى "حالة صعبة من المعاناة إذ أنهم يعتمدون على رواتبهم لتوفير الاحتياجات الغذائية الأساسية".
بدوره، وصف الخبير الاقتصادي عبد الجليل حسان قرار نقل البنك المركزي إلى عدن "بالخطوة الإيجابية التي تستحق الثناء"، إلا أنه لفت إلى أن صرف نصف راتب قد لا يكون مجديا لأن معظم الناس عليهم ديون.
وأضاف للمشارق أن "المدينين سيتهافتون على [الرواتب] من كل حدب وصوب لاستيفاء ديونهم قبل غيرهم، كأصحاب الإيجارات المتراكمة او الاحتياجات الأساسية الغذائية بين التجار وأصحاب البقالات والصيدلية وغيره".
وأكد على ضرورة مواصلة الحكومة "التزامها بدفع المرتبات وتخفيف الظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها الناس في ظل معاناة إنسانية مستمرة".
نريد الأخبار كل يوم بيومه يعني كل يوم أخبار جديدة
الرد1 تعليق