بغداد - أعلنت السلطات العراقية يوم الخميس، 27 تموز/يوليو، عن اعتقال مشتبه به في واحدة من أبشع جرائم الحرب التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وهي مجزرة قتل فيها ما يصل إلى 1700 طالب عسكري في حزيران/يونيو 2014.
فبعد اجتياح أكاديمية تكريت الجوية (معسكر سبايكر) وهي كناية عن موقع تدريب لآلاف الطلاب العسكريين، قام عناصر تنظيم داعش بفصل الشيعة والمسيحيين عن المتدربين الآخرين وقاموا بقتلهم الواحد تلو الآخر.
ثم قاموا برمي الجثث في مقابر جماعية أو في نهر دجلة القريب من الموقع.
وقد حددت وزارة الداخلية هوية المشتبه به على أنه عبد الخالق خزعل سلطان وقالت إنه اعتقل في عملية مشتركة قامت بها وكالات المخابرات الفدرالية وشرطة مكافحة الإرهاب في السليمانية بإقليم كردستان في العراق.
وكان سلطان قد انضم لتنظيم داعش في 2013، حسبما ذكر الناطق باسم الوزارة اللواء سعد معن.
وقال معن إن سلطان "شارك في عدة عمليات استهدفت القوات الأمنية... وشارك في مجزرة معسكر سبايكر التي كان أحد منفذيها".
هذا وأصدرت المحاكم العراقية عشرات الأحكام بالإعدام ضد المدانين بالضلوع في المجزرة.
ففي كانون الثاني/يناير، صدرت أحكام بالإعدام بحق 14 شخصا لدورهم في المجزرة. وفي عام 2016، أعدم العراق 36 شخصا مدانا بتنفيذ عمليات القتل.
ضحايا من كافة الطوائف
وكان فاضل الغراوي من المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق قد قال للمشارق في 2017 إنه يمكن العثور في مقابر التنظيم الجماعية على ضحايا من كل الطوائف.
وأضاف أنه "توجد مقابر جماعية في معسكر سبايكر وطوز خرماتو والبشير في محافظتي صلاح الدين وكركوك، وجميع الضحايا من المواطنين الشيعة".
وتابع أن التنظيم استهدف أيضا السنة المعارضين له، مشيرا إلى أن جثث هؤلاء موجودة في مقابر جماعية في العلم والفلوجة وديالى. وأضاف أنه تم اكتشاف عدة مقابر جماعية تضم رفات ضحايا إيزيديين في سنجار.
وأكد الغراوي أن "كل أطياف الشعب العراقي كانت على لائحة استهداف داعش".
وحين حررت تكريت من تنظيم داعش في نيسان/أبريل 2015، بدأت قصص المقابر الجماعية في الظهور.
فقال محمد العبودي الذي استقبل في عام 2017 بالدموع رفات ابنه كمال التي تم انتشالها من مقبرة جماعية في محافظة صلاح الدين، "هدفنا الوحيد كان العثور على رفات ابننا".
وأوضح للمشارق أن كمال كان يخضع لتدريب عسكري في معسكر سبايكر عام 2014 حين سقطت المحافظة في أيدي تنظيم داعش.
وتابع "كنا نعلم أنه قتل على يد الإرهابيين لأننا شاهدناه في إحدى اللقطات المصورة التي بثها التنظيم. فقد كان ضمن مجموعة من الجنود وهم يساقون إلى الإعدام، لكننا لم نر تحديدا لحظة إعدامه".
وحين فتحت المقبرة الجماعية في وقت سابق من ذلك العام، أعطى العبودي لمختبر الطب الشرعي في بغداد عينة من الحمض النووي لمقارنتها بمئات الجثث الأخرى التي تم العثور عليها في الموقع.
وتم التعرف على جثمان كمال وتمت إعادته إلى أسرته.
وذكر العبودي "لم تكن جثة بالمعنى السائد، بل مجموعة عظام لا ملامح لها"، ولكن سمح ذلك لعائلته بإعطائه قبرا معلوما.
واستدرك "أحمد الله أنه أصبح لكمال قبرا نزوره في كل عيد".
مساءلة تنظيم داعش
وكان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2379 الذي أقر في 21 أيلول/سبتمبر 2017، قد طالب الأمين العام للأمم المتحدة بتشكيل فريق تحقيق مستقل لدعم الجهود المحلية لمساءلة تنظيم داعش على أفعاله في العراق.
وبدأ فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد) عمله الميداني منذ 5 سنوات.
وعمل الفريق على جمع وحفظ وتخزين الأدلة على الأعمال التي يمكن أن ترقى لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش في العراق.
ويعمل الفريق باحترام كامل لسيادة العراق وولايته القضائية على الجرائم المرتكبة على أرضه، ويضم في عضويته قضاة تحقيق وخبراء جنائيين عراقيين آخرين يعملون إلى جانب الخبراء الدوليين.
وفي أيار/مايو 2019، أكمل الفريق تحقيقه في مجزرة أكاديمية تكريت الجوية.
وقال محققون أمميون في تقرير قدم لمجلس الأمن في عام 2021 إن "جرائم حرب" ارتكبت خلال عملية ذبح "طلاب عسكريين عزل غالبيتهم من الشيعة" ومدربيهم.
وأضاف المحققون أن تلك الجرائم تشمل "القتل والتعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الشخصية".