إرهاب

الإبادة الجماعية لداعش تقلي بظلالها على احتفال رأس السنة الإيزيدية

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

إيزيديون عراقيون يضيئون الشموع خلال احتفال نظم بمناسبة رأس السنة الجديدة أمام معبد لالش بالقرب من دهوك بتاريخ 18 نيسان/أبريل. [صافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

إيزيديون عراقيون يضيئون الشموع خلال احتفال نظم بمناسبة رأس السنة الجديدة أمام معبد لالش بالقرب من دهوك بتاريخ 18 نيسان/أبريل. [صافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

لالش، العراق -- مع إضاءة أبناء المجتمع اليزيدي في العراق مصابيح الزيت يوم الثلاثاء، 18 نيسان/أبريل، للاحتفال بحلول رأس السنة الجديدة عند ضريح لالش بمحافظة دهوك، قال البعض إنهم لا يستطيعون نسيان الألم الذي عاشه مكونهم.

ففي العام 2014، اجتاح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أراض واسعة من العراق، مرتكبا أعمال عنف مروعة ضد الأقلية الناطقة باللغة الكردية.

وأقدم تنظيم داعش على ذبح آلاف الرجال الإيزيديين واختطاف آلاف النساء والفتيات كسبايا، كما دمر منازل المدنيين والبنى التحتية وأجبر العديد من أبناء الأقلية الآخرين على النزوح.

ولا يزال آلاف الإيزيديين نازحين أو في عداد المفقودين، في حين فقد كثيرون أحباءهم أو طبعوا بندوب سترافقهم طوال حياتهم جراء التجارب التي عاشوها.

إيزيديون عراقيون تجمعوا بمعبد لالش في أحد الوديان بالقرب من مدينة دهوك الكردية بتاريخ 18 نيسان/أبريل، خلال احتفال نظم بمناسبة رأس السنة الإيزيدية. [صافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

إيزيديون عراقيون تجمعوا بمعبد لالش في أحد الوديان بالقرب من مدينة دهوك الكردية بتاريخ 18 نيسان/أبريل، خلال احتفال نظم بمناسبة رأس السنة الإيزيدية. [صافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

وبعد 6 سنوات على إعلان العراق انتصاره على داعش، جاء الإيزيديون إلى لالش حفاة ومرتدين ملابس بيضاء بمناسبة حلول رأس السنة الإيزيدية التي تحتفل بنشوء الكون.

وارتدى الرجال سترات مطرزة فوق قمصانهم، في حين ارتدت النساء أغطية الرأس التقليدية المزينة بقطع ذهبية.

ومع غروب الشمس يوم الثلاثاء وراء معبد لالش في شمالي العراق، بدأ الإيزيديون بإضاءة مصابيح الزيت وقد بلغ عددها 365 وهو ما يمثل مصباحا لكل يوم من السنة.

وفي هذا الإطار، قال عمر سنان الذي شارك في الاحتفال مع أولاده، "في السابق، كان هذا وقت الاحتفال وكانت فرحتنا هائلة. أما اليوم… فلا يمكننا أن ننسى ما مررنا به".

حزن لا يزول

وعندما اجتاح تنظيم داعش العراق في آب/أغسطس 2014، تمثل أحد أهداف التنظيم بسنجار وهي المنطقة التاريخية للإيزيديين في سهل نينوى وتقع في ناحية نائية من شمالي العراق.

وقال سنان، وهو مدرس رياضيات ويبلغ من العمر 37 عاما، "منذ الإبادة الجماعية، هناك حزن في قلوبنا. وهذا حزن لن يختفي".

وأضاف "هذا الحزن سيعيش فينا إلى الأبد".

وخلال احتفال حلول السنة الجديدة، يلقي الإيزيدون تحية احترام عند مقابر أقربائهم، ويقوم البعض من ذوي الإمكانيات المادية الكافية بذبح خروف وتقديم اللحوم إلى الفقراء.

وخصصت الحكومة الاتحادية العراقية في بغداد أول يوم أربعاء من شهر نيسان كيوم عطلة للمكون الإيزيدي.

وقبل اجتياح داعش لقراهم عام 2014، كان عدد الإيزيديين في البلاد يبلغ 550 ألف شخص من أصل 1.5 مليون نسمة حول العالم، بما في ذلك الدول المجاورة والمهجر.

ولكن بعد المجازر وعمليات الخطف، هرب ما يقارب المائة ألف إيزيدي إلى الخارج، بحسب ما ذكرته الأمم المتحدة. وتوجهت الغالبية إلى أوروبا وأستراليا وكندا لمحاولة بناء حياة جديدة.

وكان مدرس اللغة العربية فالح جمعة البالغ من العمر 60 سنة من بين الذين قرروا البقاء في العراق مع زوجته وأطفاله الثلاثة، خلافا لأشقائه الأربعة وعائلاتهم الذين هاجروا إلى ألمانيا.

وذكر "عانى المجتمع الإيزيدي 74 إبادة جماعية عبر التاريخ ولكنه ينهض ويعود إلى الحياة كل مرة، كما تنهض النباتات من أعماق الأرض".

وفي كانون الثاني/يناير، اعترف البرلمان الألماني بالمجزرة التي ارتكبها تنظيم داعش بحق الإيزيديين عام 2014 باعتبارها "إبادة جماعية"، وذلك في أعقاب خطوات مماثلة اتخذتها البرلمانات في أستراليا وبلجيكا وهولندا.

بانتظار العودة

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2020، وقّعت حكومتا بغداد وأربيل اتفاقية من أجل إحلال الاستقرار في سنجار والسماح للإيزيديين النازحين بالعودة ولكن التقدم كان بطئيا مع تعثر مشاريع إعادة الإعمار.

وأدى وجود الميليشيات المدعومة من إيران في بعض المناطق المحررة من داعش، ومن بينها القرى القريبة من سنجار، إلى تعقيد عودة النازحين، بحسب ما ذكره موقع المشارق في كانون الثاني/يناير.

وبين عامي 2014 و2017، أي بعد أن أخرجت القوات العراقية داعش من بعض المناطق، سعت ميليشيات موالية لإيران مثل كتائب حزب الله وحركة النجباء وعصائب أهل الحق إلى بسط هيمنتها.

ومنعت الميليشيات الدخول إلى تلك المناطق بحجة أنها لم تزل منها مخلفات الحرب، قائلة إنها متواجدة فيها للحفاظ على الأمن ومنع عودة المتطرفين.

وفي آذار/مارس، خصصت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني 38.5 مليون دولار لإعادة بناء سنجار والقرى الواقعة في سهل نينوى.

ولكن السوداني قال يوم الثلاثاء إنه لا بد من اتخاذ "إجراءات سياسية وأمنية" للسماح للإيزيديين بالعودة إلى سنجار.

وبحسب منظمة الهجرة العالمية، لا يزال أكثر من 200 ألف إيزيدي نجوا من أعمال داعش الوحشية في وضع النزوح، ويقيمون داخل وخارج مخيمات في مختلف أنحاء إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي في العراق.

وذكرت المنظمة في تقرير صدر في كانون الثاني/يناير أن "احتياجات النازحين والعائدين في سنجار لا تزال عالية"، لافتة إلى "نقص في الملاجئ والخدمات الأساسية الملائمة... بما في ذلك الماء والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم".

وأضافت أن عناصر داعش "دمروا نحو 80 في المائة من البنية التحتية العامة و70 في المائة من المنازل المدنية في مدينة سنجار والمناطق المحيطة بها".

وفي السياق نفسه، اختارت خولة عبده البالغة من العمر 67 سنة وقد فرت مع زوجها وبناتها الثماني إلى ألمانيا، العودة إلى ديارها خلال العام الجاري للاحتفال بحلول رأس السنة الجديدة في لالش.

وأوضحت "جئنا لنصلي في هذا اليوم المقدس إلى الله ونسأله أن يحرر بناتنا اللواتي لا زلن بقبضة العدو".

وذكرت "نتمنى أن يسمع الله صلاتنا ويحرر بناتنا. لا يمكننا نسيانهن ولن ننسى أبدا ما حصل في سنجار".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500