الحرب وتغير المناخ يضران بإنتاج العسل في اليمن

عدن - في فترة من الفترات، كان فؤاد الوادعي يبيع العسل فقط في متجره بصنعاء. ولكن حاليا ومع تراجع تجارة العسل وسط الحرب الدائرة في اليمن، لم يعد أمامه خيار سوى بيع سلع أخرى كالعطور والزيوت الطبيعية.

وقال الوادعي وهو في الأربعينيات من عمره وكان يصدّر العسل إلى الإمارات وماليزيا، إن الحرب والألغام الأرضية وتغير المناخ كلها عوامل قيدت حركة مربي النحل.

وأوضح للمشارق أن ذلك أدى إلى تراجع إنتاج العسل.

وأدى قطع الأشجار في محافظات عمران وصعدة وحجة إلى تقليل عدد الأشجار وأثّر على تنوع النباتات التي يتغذى عليها النحل. ويأتي أفضل عسل من أزهار شجر السدر والعلب.

وأشار الوادعي إلى أن هذا الأمر حدث سابقا في منطقة العصيمات المشهورة بعسلها عالي الجودة.

وقال إنه من ناحية أخرى، تسببت الحرب ببطالة الكثير من اليمنيين وتراجع دخل آخرين، ما أثر على قدرتهم الشرائية.

وأضاف أن ما جعل الأمور أكثر تعقيدا، هو أن نقل العسل بين المحافظات بات يشكل تحديا لأن بعضها يخضع لسيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران والبعض الآخر تسيطر عليه الحكومة الشرعية.

سمعة متضررة

وفي هذا السياق، قال تاجر العسل فتح نصر المقيم في صنعاء وهو في الثلاثين من العمر، إن الحوثيين أضروا بسمعة العسل المنتج في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم بما في ذلك صنعاء والمحافظات المجاورة.

وأصبح العسل المنتج في مناطق سيطرة الحوثيين أسوأ اليوم، إذ أثر تركيز الميليشيا على فرض الضرائب والرسوم على عملية الإنتاج.

وأوضح أن العسل ذي الجودة المتدنية يتم خلطه مع عسل أفضل جودة ويباع في السوق.

وفي ذكر أنه في هذه الأثناء، لم يتأثر إنتاج العسل بالمقدار نفسه في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة مثل حضرموت على الرغم من تغير المناخ، وعزا ذلك لكون مناطق إنتاج العسل بعيدة عن الحوثيين.

ولكنه أوضح للمشارق أن عمليات النقل والتسويق تأثرت بسبب تقييد الحركة بين المحافظات.

وأعرب نصر عن شعوره بالقلق من استمرار التحديات التي يواجهها تجار العسل ومربي النحل بما في ذلك فرض الحوثيين ضرائب ورسوم أحيانا بذريعة الزكاة، وكلها تحديات تؤثر على إنتاج العسل.

ووفقا لأرقام الأمم المتحدة، ثمة نحو 100 ألف أسرة يمنية تعمل في تربية النحل وتعتمد عليها كمصدر وحيد للدخل.

وفي أواخر أيار/مايو، حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من تأثير تغير المناخ والممارسات الأخرى التي تقتل النحل على إنتاج العسل في اليمن.

ولفتت إلى أن عملية إنتاج العسل تتأثر أيضا بصعوبات نقل خلايا النحل بين المراعي بسبب الألغام الأرضية ونقاط التفتيش التابعة للحوثيين، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود.

التداعيات على الأمن الغذائي

وبدوره، قال أستاذ الزراعة بجامعة صنعاء عبد الله ناشر إن "جودة العسل اليمني يعود للتنوع الطبوغرافي من تنوع طبيعي ونباتي وتنوع تضاريس".

وتابع "يمكنك السفر مدة 10 ساعات بين مناطق في دولة أخرى لرؤية أنواع النباتات نفسها، لكن اليمن يتمتع بتنوع نباتي كبير في جميع مناطقه ما يؤمن وفرة من الزهور المختلفة التي يتغذى عليها النحل".

وأكد أن تغير المناخ كان له تأثير على إنتاج العسل لأنه أثر على طول مواسم غرس الأشجار.

وأوضح للمشارق أن هذه التغييرات تربك مربي النحل إذ بات وقت جمع العسل اليوم يختلف عما كان عليه في السنوات السابقة، وقد يؤثر ذلك على التسويق في الوقت المناسب.

وأشار ناشر إلى أن استيراد العسل المغشوش وخلطه بالعسل المحلي أضر بسمعة العسل اليمني.

ومن جهته، ذكر الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت أن الأضرار التي لحقت بقطاع العسل تؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي للبلاد والاقتصاد بشكل عام.

ودعا ثابت إلى "تسهيل حركة النحالين في مختلف المناطق وتشديد الرقابة على المنافذ والأسواق ومنع الاحتطاب في المناطق التي تشهد مراعي للنحل".