فيما تحتفل إسرائيل بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لاستقلالها هذا الأسبوع، تواصلت شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لا سيما في صورة الدعم العسكري الذي حصلت عليه من واشنطن على مدار السنوات.
فقد قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية وأشكال دعم موسعة لإسرائيل منذ استقلالها في عام 1948، حيث ساعدتها في الرد على التهديدات من إيران وأذرعها وفي تعزيز الاستقرار الإقليمي.
وفي السنوات الأولى لوجود إسرائيل، قدمت الولايات المتحدة معدات وتدريبات عسكرية للمساعدة في إنشاء قوات الدفاع الإسرائيلية. وتضمن ذلك أسلحة خفيفة ومدفعية وطائرات، وأيضا تدريبات للطيارين والضباط العسكريين الإسرائيليين.
بل حتى حارب عسكريون أميركيون إلى جانب القوات الإسرائيلية في السنوات الأولى.
ومن ضمن هؤلاء العسكريين الكولونيل الأميركي ديفيد "ميكي" ماركوس الذي خدم كمستشار عسكري وساعد في إنشاء قوات الدفاع الإسرائيلية وتنظيمها.
وكان قد تم تعيين ماركوس كجنرال وأسندت إليه قيادة جبهة القدس يوم 28 أيار/مايو 1948. وبما أنه لم يكن حينها يمنح أي رتب عسكرية لكبار القادة الإسرائيليين، فقد أصبح هو أول جنرال في إسرائيل.
ولعب ماركوس دورا حاسما في الدفاع عن القدس، لكنه قتل بنيران صديقة بعد ساعات من بدء وقف إطلاق النيران في حزيران/يونيو 1948. ويتم تذكره في إسرائيل كبطل، ويعتبر الأميركي الوحيد الذي دفن في أكاديمية ويست بوينت مع أنه قتل تحت علم بلد آخر.
ومنذ ذلك الحين، استمرت الولايات المتحدة في تقديم مساعدات عسكرية كبيرة لإسرائيل، بما في ذلك أسلحة متقدمة وتبادل للمعلومات الاستخبارية ومناورات عسكرية مشتركة.
وتضمن ذلك نقل أسلحة مثل المقاتلة إف-16 والمقاتلة إف-35، وأيضا أنظمة دفاع صاروخية متقدمة مثل نظام القبة الحديدية.
وحتى تاريخه، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات ثنائية وتمويلا دفاعيا صاروخيا بقيمة 158 مليار دولار أميركي.
وبين عامي 1971 و2007،قدمت الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية كبيرة لإسرائيل، لكن المساعدات باتت اليوم تقتصر على المساعدات العسكرية.
وفي عام 2016، وقعت الحكومتان مذكرة تفاهم تعهدت بموجبها الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 38 مليار دولار أميركي على مدار عشر سنوات، بما في ذلك التزام غير مسبوق بقيمة خمسة مليار دولار أميركي للدفاع الصاروخي.
المقاتلة إف-16: رمز التحالف الأميركي-الإسرائيلي
وأحد الرموز الثابتة للتحالف الأميركي-الإسرائيلي هو المقاتلة إف-16 فالكون، وهي مثال واضح على قيام الولايات المتحدة بتصدير المقاتلات الأساسية بسرعة لإسرائيل بعد الإنتاج المبدئي لها واستخدامها الفوري في العمليات القتالية.
وقد أنتجت الولايات المتحدة أكثر من 4600 مقاتلة من هذا الطراز منذ الموافقة على إنتاجها عام 1976، ما يجعلها المقاتلة الأكثر تحليقا حول العالم.
واستخدمت إسرائيل هذه المقاتلات بنجاح لأكثر من أربعة عقود.
ففي نيسان/أبريل 1981، وبعد أقل من خمس سنوات من موافقة الولايات المتحدة على إنتاجها، أسقطت مقاتلتان من طراز إف-16 من نفس السرب التابع لسلاح الجو الإسرائيلي مروحيتين سوريتين من طراز مي-8 بالقرب من بلدة زحلة اللبنانية.
وأيضا في عام 1981، نفذت ثماني مقاتلات طراز إف-16 إلى جانب ست مقاتلات طراز إف-15 إيغل، تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي هجوما مفاجئا على مفاعل أوزيراك النووي في العراق.
وكانت المقاتلات إف-16 مسؤولة عن إلقاء الذخائر دقيقة التوجيه على الهدف، في حين وفرت المقاتلات إف-15 الغطاء الجوي واشتبكت مع طائرات العدو في المنطقة. وكانت العملية ناجحة، حيث دمرت المفاعل وعطلت البرنامج النووي العراقي.
وفي حرب لبنان عام 1982، اشتبكت مقاتلات إسرائيلية من طراز إف-16 مع طائرات سورية في واحدة من أطول المعارك الجوية التي شاركت فيها طائرات نفاثة، إذ استمرت ثلاثة أيام.
ونجحت المقاتلات الإسرائيلية من طراز إف-16 بنسبة تدمير قدرها 44-0 خلال الاشتباك، إذ ورد أن طائرة واحدة أسقطت أربع مقاتلات سورية في طلعة واحدة.
ومنذ ذلك الحين، استمرت المقاتلات إف-16 في تنفيذ مهام مهمة لسلاح الجو الإسرائيلي.
وأثناء التصعيد الذي وقع في عام 2021 بين إسرائيل وحماس، شكلت المقاتلة إف-16آي سوفا غالبية الطائرات المسؤولة عن ضرب شبكة الأنفاق تحت الأرض وغيرها من مستودعات الأسلحة التابعة لحماس.
واستهدفت المقاتلات إف-16 التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي أيضا القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لإيران في سوريا.
مضاعف للقوة
وقد أثبتت المقاتلة إف-16 نفسها كمضاعف للقوة بفضل قدراتها المتقدمة وتعدد استخداماتها في المواقف القتالية.
فتصميمها وتكنولوجيتها يمكنانها من الاشتباك بفعالية مع مجموعة من الأهداف، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي الأرضية وطائرات العدو والأهداف البرية.
وخاصية رئيسة أخرى تجعل من المقاتلة إف-16 مضاعف للقوة هي إلكترونيات الطيران والأنظمة الإلكترونية المتقدمة بها، التي تسمح لها باكتشاف الأهداف وتتبعها بدقة عالية والاستجابة بسرعة للتهديدات.
كما تضم الطائرة أنظمة أسلحة متقدمة، بما في ذلك الصواريخ جو-جو وذخائر محكمة التوجيه التي تمكنها من ضرب الأهداف بدقة وفعالية.
وإضافة إلى ذلك، فإن قدرة هذه المقاتلة على المناورة وسرعتها تجعلها منصة فعالة في كل من مهام جو-جو وجو-أرض، كما أن قدرتها على العمل في مجموعة كبيرة من البيئات، بما في ذلك البيئات الصحراوية والتضاريس الجبلية، تمنحها مرونة عملياتية كبيرة.
والمقاتلة إف-16 فالكون هي واحدة من أكثر المقاتلات استخداما في العالم، حيث أنها مستخدمة من قبل بلدان عديدة في سلاحها الجوي.
كما أنها معقولة التكلفة نسبيا وسهلة في صيانتها مقارنة بالمقاتلات الأخرى المتقدمة، ما يجعلها خيارا جذابا للبلدان التي لديها ميزانيات دفاع محدودة.
واعتبارا من 2021، فإن المقاتلة إف-16 تستخدم في أكثر من 25 بلدا مختلفا، بما فيها الولايات المتحدة وبلجيكا والدنمرك ومصر واليونان وإسرائيل وكوريا الجنوبية وتركيا، من بين بلدان أخرى.
القوة الأكثر رشاقة في المنطقة
وإضافة إلى المقاتلة إف-16، يضم سلاح الجو الإسرائيلي أيضا مقاتلات الجيل الأحدث إف-35 الشبح، ما يجعله من بين القوات الأكثر رشاقة وتنوعا في المنطقة.
وإسرائيل هي المشغل الدولي الأول لمقاتلة الهجوم المشترك إف-35، حيث حصلت على أولى طائراتها من هذا الطراز في العام 2016 واستخدمتها بالفعل في عمليات قتالية للمرة الأولى في العام 2018.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، استلمت قاعدة نيفاتيم الجوية بإسرائيل ثلاث مقاتلات جديدة طراز إف-35، ما رفع العدد الإجمالي إلى 36 مقاتلة من هذا الطراز.
ووفق مجلة ديفينس نيوز، سيكون لدى إسرائيل 50 من هذه الطائرات المتقدمة بحلول 2024.
وفي آذار/مارس، أرسلت إسرائيل سبع طائرات من طراز إف-35 للمرة الأولى إلى مناورة الراية الحمراء بقيادة الولايات المتحدة في ولاية نيفادا، وذلك وسط التوترات المتزايدة مع إيران.
وتبني هذه المناورة على النجاح الذي حققته مناورةجونيبر أوك 23.2ومناورة جونيبر فالكون وغيرها من المناورات المشتركة، وتعطي سلاح الجو الأميركي الفرصة لتعزيز قابلية التشغيل البيني مع سلاح الجو الإسرائيلي وتقوية التعاون الثنائي وتحسين القدرات بطرق تعزز الاستقرار الإقليمي وتدعمه، بحسب ما قال سلاح الجو الأميركي.