بيروت -- بدأت أمهات مقاتلي حزب الله الذين قتلوا في سوريا، يكسرن حاجز صمتهن الدفين للسؤال عن المسار الذي يسلكه الحزب المدعوم من إيران.
حيث فقد آلاف الشباب الذين قاتلوا في صفوف حزب الله اللبناني حياتهم في سوريا منذ العام 2012، عندما تدخل الحزب دعما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ولكن لم يكشف حزب الله يوما علنا عن عدد قتلاه في سوريا.
ويقول كثيرون إن الحزب متردد في الكشف عن العدد خوفا من رد فعل المواطنين والتداعيات المحتملة لذلك، لا سيما في قاعدته الشعبية التقليدية.
وقالت مصادر للمشارق إن أي احتساب دقيق لحصيلة القتلى سيثير تساؤلات لدى الأهالي عن سبب إرسال أبنائهم ليقتلوا في سوريا.
وفي هذا السياق، قال مصدر يعرف الحزب عن كثب إن حزب الله تكتم على العدد الحقيقي لقتلاه في سوريا "لما سيترتب عن إعلان الحقيقة من نقمة كبيرة داخل الطائفة الشيعية وبيئته الحاضنة".
وأوضح المصدر للمشارق طالبا عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته أن مؤيدي الحزب التقليديين يتساءلون داخل الغرف المغلقة "إلى أين يأخذنا حزب الله؟".
وأشار إلى أن بعض الأسر الموالية للحزب قدمت "شهيدين أو 3 أو 4 شهداء"، وباتت تسأل "إلى متى وماذا بعد؟".
وتابع أن "هذه تساؤلات مشروعة نسمعها بالبيوت".
وفي هذه الأثناء، فإن أمين عام حزب الله حسن نصر الله "يحاذر مقاربة هذا الأمر ولا يكشف عن العدد الحقيقي للقتلى الذين سقطوا بسوريا، وذلك خوفا من ردة فعل الطائفة الشيعية التي طالها ظلم الحزب"، حسبما ذكر المصدر.
ولفت إلى أن حزب الله "دخل الحرب السورية بداية بـ 4 آلاف مقاتل، ثم رفعهم لحوالي 15 ألف وقد استدعى بمرحلة لاحقة عناصر التعبئة".
وقدّر عدد مقاتلي حزب الله اللبنانيين والسوريين الذين قتلوا في سوريا حتى اليوم "بحدود 10000 مقابل نحو 3000 من العناصر المصابين بجروح بين خفيفة ومتوسطة" وصولا للإعاقة الدائمة.
وقال إن أعمار من قتلوا أو أصيبوا في المعارك تتراوح بين 20 و30 سنة.
وأوضح أن مقتل عناصر حزب الله يقابله "صبر وصمت [الأمهات] على وجعهن"، فيما يخصهن حزب الله عبر مؤسسة الشهيد التابعة له براتب شهري لا يتجاوز الـ 200 دولار.
لا مساءلة
وبدورها، قالت الصحافية أسماء وهبة المعارضة لحزب الله، وهي من بلدة كفر حمام الجنوبية بإقليم العرقوب، إن حزب الله لا يستطيع الاعتراف بعدد قتلاه الكبير في سوريا.
وأوضحت للمشارق أن كثيرين في المجتمع الشيعي اللبناني "يعتبرون بعد مرور أكثر من 10 أعوام على أزمة سوريا، أن لا دخل لهم بسوريا ولا معنى لإرسال أولادهم للموت فيها".
ولفتت إلى أن شعار "فدى السيد" الذي يردده مؤيدو حزب الله في إشارة إلى نصر الله واستعدادهم لتقديم أبنائهم للقتال قد تغير مع طول أمد الأزمة في سوريا ولبنان.
وقالت إن حزب الله لا يعتبر نفسه مضطرا لتقديم كشف حساب لجمهوره عما حدث بسوريا، و"لن يقدم على ذلك".
أما عن أمهات القتلى، فذكرت وهبة إنهن يسألن "لم يُقتل أولادنا بسوريا" مع طول أمد الصراع السوري.
وأوضح المعارض الشيعي حسين عز الدين للمشارق أنه "وفقا لمتابعتنا وللأهالي فإن عدد الذين قتلوا من مقاتلي حزب الله بسوريا والعراق واليمن كبير ويتكتم الحزب عن إعلان عددهم خوفا من نقمة الأهالي".
وذكر للمشارق أنه عند سؤال الأهالي عن أولادهم المفقودين، يجيب المسؤولون في الحزب بالقول إنهم "بمهمات جهادية".
ولفت عز الدين إلى أن قيادة الحزب "بمأزق لن تخرج منه إلا بخسائر كبيرة"، مشيرا إلى أنه سواء تم الإعلان أن المفقودين شهداء أو في مهمات جهادية، فإن الأهالي لن يصدقوا ذلك.