عدالة

تحقيق انفجار مرفأ بيروت يواجه عراقيل أخرى من النخبة السياسية وحزب الله

نهاد طوباليان

الأهالي يحملون صور ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي وقع عام 2020، أثناء تظاهرة أمام منزل المدعي العام غسان عويدات في بعبدا شرقي العاصمة بيروت بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير. [وكالة الصحافة الفرنسية]

الأهالي يحملون صور ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي وقع عام 2020، أثناء تظاهرة أمام منزل المدعي العام غسان عويدات في بعبدا شرقي العاصمة بيروت بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير. [وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت -- بعد مرور عامين ونصف على انفجار مرفأ بيروت المدمر عام 2020 والذي أسفر عن مقتل 218 شخصا، لا يزال التحقيق اللبناني في القضية يواجه عراقيل سياسية ممنهجة وصارخة منذ اليوم الأول.

ويوم الأربعاء، 25 كانون الثاني/يناير، أمر المدعي العام اللبناني غسان عويدات بإطلاق سراح كل الموقوفين على خلفية التحقيق، وذلك في ضربة أخرى موجهة للتحقيق.

واتهم أيضا قاضي التحقيق في الانفجار طارق البيطار بـ"التمرد على القضاء" وفرض عليه حظر سفر، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وتأتي هذه الخطوة بعد قيام البيطار يوم الاثنين باستئناف التحقيق في انفجار المرفأ بعد توقف دام 13 شهرا على خلفية تحديات قانونية أثارها سياسيون وجهت إليهم في التحقيق تهم إهمال، وبينهم عويدات، وحزب الله المدعوم من إيران والذي طالبه بالتنحي.

صورة من إحدى مذكرات الاستدعاء التي أصدرها القاضي طارق البيطار على باب مكتبه. [صورة تم تداولها على مواقع التواصل]

صورة من إحدى مذكرات الاستدعاء التي أصدرها القاضي طارق البيطار على باب مكتبه. [صورة تم تداولها على مواقع التواصل]

ويوم الاثنين، أمر البيطار بإطلاق سراح 5 من أصل المعتقلين الـ 17 في القضية ووجه تهما لـ 8 شخصيات أخرى، من بينهم المسؤولون الكبار في المخابرات اللواء عباس إبراهيم واللواء طوني صليبا إلى جانب عويدات.

واتهمهم بـ"القتل والإحراق والتخريب".

يُذكر أن انفجار 4 آب/أغسطس 2020 هو أحد أكبر الانفجارات غير النووية التي سجلها التاريخ، وقد دمر معظم مرفأ بيروت والمناطق المحيطة به وأسفر عن مقتل 218 شخصا وإصابة أكثر من 6500 آخرين.

وقالت السلطات إن الانفجار كان سببه حريق اندلع في عنبر خزنت فيه كمية كبيرة من مادة نترات الأمونيوم الكيميائية بصورة عشوائية على مدى سنوات.

وكان مسؤول قضائي قد ذكر سابقا لوكالة الصحافة الفرنسية أن عويدات أشرف عام 2019 على تحقيق بالخدمات الأمنية في مسألة ثغرات وجدت في المستودع حيث كان يخزن نترات الأمونيوم.

حزب الله وأمل يعرقلان التحقيق

وفي شباط/فبراير 2021، تم عزل سلف البيطار كقاض أساسي من القضية بعد أن وجه تهما لعدة سياسيين رفيعي المستوى.

وأيدت غالبية أهالي ضحايا الانفجار البيطار وطالبت السلطات بالسماح بإجراء تحقيق دقيق لا عراقيل أمامه.

وكانوا ينفذون وقفات احتجاجية شهرية منذ وقوع المأساة، في سعيهم لتحقيق العدالة والمحاسبة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية يوم الخميس أن العشرات من أفراد عائلات الضحايا تجمعوا "لدعم التحقيق" بقيادة البيطار، وحمل البعض صورا لمن سقطوا في الانفجار.

وقال المتظاهر عبده متى، 54 سنة وفقد ابنه في الانفجار، "كنا نثق بالعدالة، لكن القناع سقط اليوم".

وأكد "لن نتوقف، نريد أن نعرف من قتل أولادنا".

أما وليام نون الذي فقد شقيقه في الانفجار، فقال للمشارق العام الماضي إن عائلات الضحايا تطالب بالعدالة وتنوي الكشف عمن يعرقلون التحقيق.

وأوضح أنه تبين لأهالي الضحايا أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري حاولا عرقلة التحقيق عبر تقديم طلبات رد ومخاصمة بحق القاضي البيطار.

وأشار إلى أن حمايتهما للسياسيين المتهمين ومساعيهما لملاحقة المحقق القضائي تؤكد تورطهما.

هذا ودعا حزب الله وحليفته حركة أمل لتظاهرات للمطالبة بإقالة البيطار في تشرين الأول/أكتوبر 2021، حيث اندلع اشتباك مسلح في تجمع ببيروت أسفر عن مقتل 7 أشخاص.

وفي هذا السياق، اعتبر الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك أن عودة القاضي البيطار للتحقيقات ستكشف فساد حزب الله والنخبة السياسية الحاكمة ومسؤوليتها في انفجار المرفأ.

ʼرسالة لتحقيق العدالةʻ

وأضاف للمشارق أن "قرار استئناف البيطار عمله رسالة لتحقيق العدالة. وبذلك، نحن أمام مفصل جديد لتحقيق العدالة الضائعة".

وتابع "نحن أمام كباش حقيقي بين رموز سلطة فاسدة والقاضي البيطار، خصوصا وأن فساد [المنظومة السياسية] وحزب الله على ارتباط وثيق بانفجار المرفأ".

هذا وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في تغريدة "ندعم ونحث السلطات اللبنانية على استكمال تحقيق سريع وشفاف الانفجار المروع بمرفأ بيروت".

وبدوره، أوضح الكاتب القضائي يوسف دياب أن استئناف التحقيق أعاد الملف لمساره وعزز في الوقت عينه الانقسام داخل القضاء.

ولفت إلى أن الصراع داخل القضاء هو انعكاس للصراع السياسي بين معسكر يدعمه حزب الله ومعسكر آخر تدعمه القوى السياسية التي تريد كشف الحقيقة.

وقال إن حزب الله "متضرر من مسار التحقيق وعبر عنه حسن نصر الله أكثر من مرة بخطاباته".

أما الكاتب والمحلل السياسي طوني بولس، فرأى أن استئناف التحقيق جاء كصدمة بالنسبة لحزب الله والنخبة السياسية.

وأوضح "بعدما ارتاحوا ورتبوا أمورهم وطووا صفحة المرفأ... فوجئوا بفتح الملف من جديد".

وتابع أن "سبب ذلك هو أن التحقيق سيخرج أسرار ما ارتكبوه بالمرفأ".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500