سياسة

تهديدات حزب الله تسعى لإضعاف العزم بكشف حقيقة انفجار المرفأ

تامر أبو زيد

امرأة تحمل لافتة عليها صورة رجل يعبّر عن مشاعره إزاء انفجار مرفأ بيروت في العام 2020، وذلك في تظاهرة نظمت بالقرب من قصر اليونسكو في العاصمة اللبنانية بتاريخ 12 آب/أغسطس قبيل انعقاد جلسة نيابية عن التحقيقات الخاصة بالانفجار. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

امرأة تحمل لافتة عليها صورة رجل يعبّر عن مشاعره إزاء انفجار مرفأ بيروت في العام 2020، وذلك في تظاهرة نظمت بالقرب من قصر اليونسكو في العاصمة اللبنانية بتاريخ 12 آب/أغسطس قبيل انعقاد جلسة نيابية عن التحقيقات الخاصة بالانفجار. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت -- تجاهل المراقبون اللبنانيون اتهامات حزب الله بتسييس التحقيق الأخير بانفجار مرفأ بيروت.

وقد حذر أمين عام حزب الله حسن نصرالله في 7 آب/أغسطس من "تسييس" التحقيق في الانفجارين المميتين اللذين دمرا المرفأ في 4 آب/أغسطس، رافضا الاتهامات بتورط الحزب في إحضار السماد المتفجر إلى رصيف الميناء.

وجاءت تصريحاته بعد مرور سنة تماما على انفجار أطنان من نترات الأمونيوم في مستودع بمرفأ بيروت في لبنان، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 214 شخصا وتدمير أنحاء واسعة من المدينة.

وفي الأسابيع الماضية، زعم منشقون عن الحزب الشيعي أن هذا الأخير كان متورطا في عملية إحضار هذه المواد إلى المرفأ ليتم إرسالها إلى سوريا المجاورة حتى يستخدمها نظام الرئيس بشار الأسد، وهو حليف حزب الله، في البراميل المتفجرة خلال الحرب الأهلية السورية.

صورة عامة لمشهد الانفجار الذي هز بيروت في 4 آب/أغسطس 2020. [زياد حاتم/المشارق]

صورة عامة لمشهد الانفجار الذي هز بيروت في 4 آب/أغسطس 2020. [زياد حاتم/المشارق]

ما بقي من إحدى صوامع الغلال التي تضررت في الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت بتاريخ 4 آب/أغسطس 2020. [زياد حاتم/المشارق]

ما بقي من إحدى صوامع الغلال التي تضررت في الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت بتاريخ 4 آب/أغسطس 2020. [زياد حاتم/المشارق]

هذا وانتقد نصرالله في كلمته أيضا القاضي الرئيسي الذي يحقق في الانفجار، مطالبا إياه بتوفير إثباتات لتبرير قراره باستدعاء مسؤولين حاليين وسابقين للمساءلة.

وقال "أين الأدلة؟"، مطالبا القاضي البيطار بإظهار الأدلة.

وقد طالب القاضي البيطار بأن يرفع المجلس النيابي اللبناني الحصانة عن 3 وزراء سابقين ليتابع التحقيقات، إلا أن النواب طالبوا مزيدا من الأدلة قبل اتخاذ قرار برفع الحصانة أو عدم رفعها.

ورفض البيطار طلب مجلس النواب.

وينتمي كل من الوزراء السابقين الثلاثة إلى أحزاب متحالفة مع حزب الله.

كذلك، لم يسمح وزير الداخلية بالوكالة للبيطار بالتحقيق مع مسؤول الاستخبارات البارز عباس إبراهيم في قضية الانفجار.

وقال نصرالله إن "التحقيق مسيس. إما على [البيطار] العمل... بصورة واضحة، أو على القضاء إيجاد قاض آخر".

وفي شباط/فبراير، تمت إزاحة سلف البيطار كقاض رئيسي في التحقيق.

ʼلا يستحيʻ

وفي هذا السياق، قال النائب اللبناني السابق فارس سعيد "لا يستحي [نصرالله]. فهو تخلّص من أول قاضي تحقيق بشأن [انفجار] المرفأ وها هو يحاول التخلّص من الثاني".

وأضاف "كان واضحا تهديد [نصرالله] للقاضي البيطار في آخر إطلالة له".

وتابع أن "المطلوب ليس فقط رفع الحصانات، بل إنهاء الاحتلال الإيراني للبنان".

أما الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك، فقال إن حزب الله قلق من أن يتم الكشف في سياق التحقيقات عن "وقائع ملموسة وثابتة" قد تؤكد مسؤولية الحزب في استيراد وتخزين نترات الأمونيوم.

وأضاف "سيقوم حزب الله بما يلزم من أجل إزاحة القاضي البيطار، ولذلك يجب أن نبقى إلى جانبه ونشكّل له الدعم اللازم من أجل كشف الحقيقة".

واعتبر مالك أن "السبيل الوحيد لحماية التحقيق هو تنفيذ طلبات المحقق العدلي لجهة رفع الحصانات عن الوزراء والنواب".

ليست المرة الأولى

وقال إن موقف حزب الله من تحقيق مرفأ بيروت يذكر بموقفه من التحقيقات باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 2005، وقد شملت اتهامات مماثلة بالتسييس.

وقد أدانت محكمة خاصة تابعة للأمم المتحدة في نهاية المطاف، سليم جميل عياش، وهو أحد القياديين في حزب الله، في المحاكمة بقضية الاغتيال وأصدرت بحقه غيابيا 5 أحكام متزامنة بالسجن المؤبد لتهم مرتبطة بالإرهاب.

ويُعتقد أن عياش مختبئ في لبنان، حيث رفض نصرالله تسليمه.

وذكر مالك أن "الرهان لا يزال اليوم على التحقيق المحلي... على أمل أن يصل إلى النتيجة المرجوة".

وتابع "أما في حال لم يتمكن التحقيق من ذلك... فهذا سيضطرنا إلى الذهاب نحو التحقيق الدولي وأقلّه إلى لجنة تقصي حقائق دولية لتقدم تقريرها".

وأوضح أن "حزب الله يدرك حجم مسؤوليته بالنسبة إلى ما جرى، وسيسعى جاهدا إلى إخفاء وطمس الحقائق وعدم تسليم أعضائه المتهمين".

وأضاف أن الحزب "سيطلب من الوزراء المقربين منه عدم الالتزام بطلبات المحقق العدلي".

يُذكر أن منظمة العفو الدولية قد اتهمت في 2 آب/أغسطس السلطات اللبنانية بعرقلة التحقيق "دون خجل" وبالتالي منع وصول التعويض ودفعات التأمين إلى الضحايا.

وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة لين معلوف إنه "نظرا لحجم هذه المأساة، فمن المذهل أن نرى المدى الذي تستعد السلطات اللبنانية أن تذهب إليه لحماية نفسها من التحقيق".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500