كشفت معلومات استخبارية جديدة أن طهران وموسكو اتفقتا سرا على البدء بتصنيع المسيرات الإيرانية على الأراضي الروسية، مما يشير إلى تعميق التحالف بين الطرفين.
وأوردت صحيفة واشنطن بوست يوم السبت، 19 تشرين الثاني/نوفمبر، أن مسؤولين روس وإيرانيين أتموا الاتفاق في إيران في مطلع الشهر الجاري، ويتوجه البلدان سريعا إلى نقل التصاميم والمكونات الأساسية.
وقال مسؤولون مطلعون على الأمر للصحيفة إن ذلك سيسمح ببدء أعمال إنتاج المسيرات المسلحة في غضون أشهر.
وذكرت الصحيفة أن دولا عدة في حلف شمال الأطلسي اطلعت على المعلومات الاستخبارية، رغم رفض مسؤولين حكوميين التحدث عن التفاصيل.
وأشار مسؤولون للصحيفة إلى أنه في حال تم الاتفاق، فسيشكل توطيدا إضافيا للتحالف الروسي-الإيراني الذي قدم فعلا دعما أساسيا لحملة موسكو العسكرية المتعثرة في أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أنه "بالحصول على خط إنتاج خاص بها، قد تزيد روسيا إلى حد كبير مخزونها من أنظمة الأسلحة غير المكلفة نسبيا والتي هي مدمرة للغاية، والتي قد غيرت في الأسابيع الماضية طابع الحرب الأوكرانية".
وتابعت "بالنسبة لموسكو، قد يلبي الاتفاق حاجة ماسة لذخائر دقيقة التوجيه باتت تشهد نقصا بعد 9 أشهر من القتال".
وقال مسؤولون إن إيران تسعى لكسب فوائد اقتصادية وسياسية مهمة من هذه الصفقة، بما في ذلك احتمال تجنب أية عقوبات جديدة في حال تم تجميع المسيرات على الأراضي الروسية.
وذكرت الصحيفة أن أحد المسؤولين "تحدث عن جهود حثيثة تبذلها الدولتان لتسهيل إنتاج المسيرات إيرانية التصميم بداخل روسيا"، علما أن هذه الجهود تتقدم سريعا من مرحلة اتخاذ القرار إلى التنفيذ.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون لواشنطن بوست "تستطيع إيران وروسيا أن يكذبا على العالم، لكنهما لا تستطيعان إخفاء الوقائع".
وأضافت أن "طهران تساعد في قتل المدنيين الأوكرانيين من خلال تزويد الأسلحة ومساعدة روسيا في عملياتها. ويعد ذلك مؤشرا على مدى عزلة كل من إيران وروسيا."
إيران ʼتنشر إراقة الدماءʻ
هذا ووجه وزير الخارجية البريطاني يوم السبت انتقادات لاذعة لإيران كونها "تنشر إراقة الدماء"، متعهدا بالعمل مع الحلفاء من أجل مواجهة طهران، وذلك في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر المنامة السنوي للحوار في البحرين، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
هذا وقد اتهمت أوكرانيا وحلفاؤها في الغرب إيران بتزويد روسيا بالمسيرات التي تقول إن موسكو استخدمتها في الأسابيع الماضية لتنفيذ هجمات في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن "الأسلحة التي تزودها إيران تهدد المنطقة بأكملها".
وتابع "عمد النظام إلى بيع المسيرات المسلحة التي تقتل المدنيين في أوكرانيا إلى روسيا".
وانتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كذلك بعبارات قاسية على تهديده الأمن العالمي.
وأوضح "ما من بلد محم من الفوضى التي أحدثها في الأسواق العالمية أو الضرر الذي تسبب به في الأمن الغذائي العالمي".
وأضاف أن "حرب بوتين تتسبب بمزيد من المعاناة للسوريين واليمنيين الذين يواجهون أصلا الحرمان بحالة الطوارئ الإنسانية من جهة، وللبنانيين العاديين العالقين في الأزمة الاقتصادية من جهة أخرى".
وقبل يوم من ذلك، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أيضا في البحرين، قائلة إن "انتشار الأسلحة" الإيرانية هو تهديد لأوروبا، وألمحت إلى فرض عقوبات إضافية ضد الجمهورية الإسلامية.
وذكرت في مؤتمر المنامة للحوار أن طهران تتعاون مع روسيا لتقويض "النظام العالمي" عبر تأمين أسلحة كالمسيرات.
وتابعت أن "عدة دول خليجية تحذر منذ سنوات من الخطر المتمثل بتزويد إيران الدول المارقة حول العالم بالمسيرات".
وأوضحت "أخذنا وقتا طويلا لفهم واقع بسيط جدا، وهو أنه في ظل سعينا لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لا بد أن نركز أيضا على أشكال أخرى من أعمال نشر الأسلحة، من المسيرات إلى الصواريخ البالستية".
وأضافت "هذا خطر أمني، ليس فقط للشرق الأوسط، بل أيضا لنا جميعا".
وقالت "ننسق مع الشركاء والحلفاء من أجل فرض عقوبات إضافية على إيران على خلفية نشرها المسيرات الإيرانية".
صفقات أسلحة وإنكار
هذا وفرضت الولايات المتحدة في 15 تشرين الثاني/نوفمبر دفعة جديدة من العقوبات على كيانات وأفراد إيرانيين وروس، بما في ذلك مجموعة المرتزقة فاغنر، على خلفية دعم حرب روسيا على أوكرانيا.
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن ذلك يشمل نقل طهران للمسيرات إلى روسيا التي تستخدمها لضرب البنية التحتية المدنية والمدن.
وبعد إنكارها على مدى أسابيع نقلها المسيرات إلى موسكو رغم أدلة كثيرة تشير إلى عكس ذلك، غيرت طهران موقفها بشكل مفاجئ في 5 تشرين الثاني/نوفمبر.
حيث أكد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان أن إيران زودت روسيا بالمسيرات، إلا أنه نفى التقارير المرتبطة بإرسالها صواريخ إلى موسكو لاستخدامها في حربها على أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية إن إيران لا تعلم كيف يتم استخدام المسيرات في أوكرانيا، مع زعم طهران اتخاذ موقف حيادي في الحرب المتواصلة بين روسيا وأوكرانيا. وادعى أنه تم إرسال المسيرات قبل اندلاع الحرب على أوكرانيا.
وكانت إيران قد أقرت سابقا إرسال مسيرات إلى روسيا، إلا أنها أصرت على أنها زودتها لحليفتها قبل غزو موسكو لأوكرانيا.
وفي هذه الأثناء، استمرت طهران بإبرام صفقات أسلحة مع موسكو.
ففي تقرير صدر في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، نقلت محطة سكاي نيوز على لسان مصدر أمني قوله إن روسيا نقلت جوا 140 مليون يورو (144 مليون دولار) نقدا ومجموعة من الأسلحة أميركية وبريطانية الصنع المضبوطة إلى إيران مقابل عشرات المسيرات الفتاكة.
ونفذت العملية بحسب المعلومات في الساعات الأولى من يوم 20 آب/أغسطس.
وزعم المصدر أنه تم الاتفاق على صفقة إضافية بقيمة 200 مليون يورو مؤخرا بين طهران وموسكو، ما يعني أنه "سيكون هناك شحنة كبيرة أخرى من المسيرات القادمة من إيران قريبا".