أدرجت الولايات المتحدة الاثنين، 24 تشرين الأول/أكتوبر، ثلاثة ضباط سوريين على لائحة العقوبات لدورهم في هجوم شن في آب/أغسطس 2013 ضد ضاحية الغوطة الشرقية بدمشق واستخدمت فيه الأسلحة الكيماوية، ما أسفر عن مقتل 1400 شخص على الأقل.
وفي بيان الإعلان عن الإدراجات الجديدة، شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين على ضرورة أن "يعلن النظام عن برنامج أسلحته الكيماوية ويدمره بالكامل".
وأضاف بلينكين أن على النظام السوري السماح "لمسؤولي منظمة حظر الأسلحة الكيماويةبالوصول الفوري وغير المقيد، وذلك بما يتوافق مع التزاماته الدولية".
ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية هي المنظمة الدولية المعنية بمراقبة الأسلحة الكيماوية، وفي حزيران/يونيو 2018، منحتها الدول الأعضاء صلاحيات جديدة في تسمية الجهات المسؤولة عن شن الهجمات الكيماوية.
وقبل ذلك التصويت الذي عارضته سوريا وداعمتها روسيا، لم يكن لدى المنظمة إلا سلطة التحقيق فيما إذا كانت الأسلحة الكيماوية قد استخدمت أم لا.
وأوضح بلينكين أن العقوبات الجديدة تهدف لتعزيز المساءلة.
وأضاف أنه "من بين الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد" والتي يرقى البعض منها لمستوى جرائم الجرب والجرائم ضد الإنسانية، فإن عددا قليلا منها يتصف بعدم الإنسانية والبغض مثل الاستخدام المتكرر للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين".
وذكر البيان أنه في آب/أغسطس 2013، استهدفت مديرية المدفعية والصواريخ السورية منطقة الغوطة في ضواحي دمشق "بوابل من الصواريخ المحملة بمادة كيماوية قاتلة هي غاز الأعصاب السارين، ما أسفر عن قتل 1400 شخص على الأقل، وبينهم الكثير من الأطفال".
'القمع العنيف' للمدنيين
وأكد بلينكين أن ثلاثة مسؤولين عسكريين تابعين للنظام، هم العميد عدنان عبود الحلوة واللواء غسان أحمد غنام واللواء جودت صليبي مواس، متورطون في تنفيذ الغارات الجوية القاتلة.
وأضاف أن الثلاثة "شاركوا في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لا سيما الإنكار الصارخ للحق في الحياة لـ 1400 شخص على الأقل في الغوطة".
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2016، كان اثنان من الثلاثة المدرجين على اللائحة السوداء، وهما الحلوة ومواس، قد عوقبا من قبل المجلس الأوروبي على خلفية مزاعم بشأن تورطهما في شن هجمات كيماوية ضد المدنيين.
ووفقا لهذا التصنيف، فإن الحلوة الذي يخدم في اللواءين 155 و157 بالجيش السوري، ومواس، الذي يخدم في مديرية المدفعية والصواريخ، كانا "مسؤولين عن القمع العنيف للمدنيين في سوريا".
وأوضح أن الحلوة نفذ هذا القمع عبر وسائل مختلفة، بينها "مسؤوليته عن نشر الصواريخ والأسلحة الكيماوية واستخدامها في المناطق المدنية عام 2013 وتورطه في عمليات احتجاز واسعة النطاق".
ومن جرائم مواس "استخدام الصواريخ والأسلحة الكيماوية من قبل الألوية التي تحت أمرته في مناطق مدنية مكتظة بالسكان في الغوطة عام 2013".
وورد إسما الحلوة ومواس على لائحة الأسماء التي قرأت في أحد اجتماعات مجلس الأمن الدولي في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 من قبل السفيرة الأميركية آنذاك سامانتا باور، وذلك إلى جانب 11 قائدا ومسؤول سجون سوريا آخرين.
واتهم المسؤولون الثلاثة عشر بشن هجمات ضد المدنيين والبنية التحتية وارتكاب أعمال عنف.
وورد اسم غنام في تقرير أعدته الشبكة السورية لحقوق الإنسان حول "الاستخدام الموسع والممنهج لصواريخ سكود من قبل القوات الموالية للحكومة السورية" بصفته قائدا للواء 155 الذي يتمركز في القلمون الجنوبي.
وجاء في التقرير أن "ترسانة اللواء تضم نحو 800 صاروخ، منها 200 صاروخ من طراز سكود، وبعض الصواريخ المزودة برؤوس كيماوية"، واستعرض التقرير تفاصيل الهجمات التي شنها النظام السوري على المدنيين في جميع أنحاء البلاد.
تذكر الضحايا
ووفق منظمة هيومان رايتس ووتش، التي أجرت تحقيقا موسعا في الهجوم، فإن الهجوم الذي شن في وقت مبكر من صباح 21 آب/أغسطس 2013 على الغوطة الشرقية والغربية "أسفر عن قتل مئات المدنيين، بمن فيهم أعداد كبيرة من الأطفال".
وقالت المنظمة في تقرير أعدته في أيلول/سبتمبر 2013 إن "الأدلة تشير إلى أنه من المرجح أن يكون المادة المستخدمة في الهجوم هي غاز السارين أو غتز أعصاب آخر مماثل من النوع الذي يستخدم في الأسلحة".
وأوضحت أن الأسلحة المستخدمة كانت "نظام صواريخ أرض-أرض يبلغ قطرها نحو 330مم، ومن المرجح أن تكون من إنتاج سوري، إلى جانب نظام صواريخ أرض-أرض قطر 140مم من الحقبة السوفياتية لنقل غاز الأعصاب".
وأشارت المنظمة إلى أن نوعية الصواريخ والقاذفات المستخدمة "تشير بقوة إلى أن نظم الأسلحة تلك معروف وموثق بأن القوات المسلحة التابعة للحكومة السورية هي من تمتلكها وتستخدمها فقط".
وظهرت على ضحايا الهجمات أعراض تتوافق مع تلك الناتجة عن التعرض لغاز الأعصاب.
ومن الأعراض التي ذكرتها المنظمة "الاختناق وضيق التنفس وعدم انتظامه والتشنجات العضلية اللاإرادية والغثيان والزبد في الفم وخروج سوائل من الأنف والعينين والتشنج والدوخة والرؤية غير الواضحة والعيون الحمراء والمتهيجة وحدقات العين البارزة".
وقال بلينكين في بيانه إن "الولايات المتحدة تتذكر ضحايا مذبحة الغوطة والناجين منها وتكرمهم، وأيضا الضحايا الآخرين للكثير من الهجمات الكيماوية التي نرى في تقديرنا أن نظام الأسد هو الذي شنها".
وتابع "نشجب بأشد العبارات أي استخدام للأسلحة الكيماوية في أي مكان ومن قبل أي أحد وتحت أي ظروف".
وتابع "سنستمر في دعم الجهود السورية والدولية للتأكد من وجود عواقب للانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان والانتهاكات المرتكبة في سوريا".
واستدرك أن "دعمنا للسوريين الشجعان الذين يستمرون في المخاطرة بحياتهم لمساءلة نظام الأسد لن يتزعزع، وسنتبع كل إجراء لضمان تحقيق العدالة للضحايا والناجين من الفظائع وتعزيز المساءلة ضد أولئك المسؤولين، بمن فيهم نظام الأسد وحلفائه".