في الذكرى السنوية الثامنة للمذبحة التي ارتكبها تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) بحق الإيزيديين في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، أعربت الأمم المتحدة عن دعمها المتواصل للمجتمع الإيزيدي.
ففي بيان صدر يوم 4 آب/أغسطس، أكد مكتب الأمم المتحدة في العراق ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لدعم المجتمع الإيزيدي.
وأضاف "فيما نحيي ذكرى هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ العراق، نجدد التزامنا بتحقيق السلام والاستقرار للإيزيديين وأهالي سنجار".
وتابع البيان "لن ننسى أولئك الذين قتلوا أو أصيبوا أو روعوا، ولا أولئك الذين ما يزالون مفقودين، ويجب مواصلة عمليات البحث عنهم لحين إغلاق هذا الفصل المؤلم".
ووفق الأمم المتحدة، ما يزال أكثر من 200 ألف إيزيدي في عداد النازحين، ومعظمهم يعيشون في مخيمات في محافظة دهوك المجاورة في ظل أحوال تتسم بالتحدي.
هذا وقد منعت مشاكل الاحتقان عودتهم إلى سنجار التي تم تحريرها من تنظيم داعش في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.
انعدام الأمن والاستقرار
وقال حسام عبد الله، وهو مدير المنظمة الإيزيدية للتوثيق، إن الوضع الأمني يمثل المشكلة الأكبر للإيزيديين.
وأضاف أن 27 فصيلا ينتشرون اليوم في مدينة سنجار، بعضهم متحالف مع إيران.
وشهد القضاء أيضا اشتباكات مسلحة بين قوات الجيش العراقي وتلك الجماعات التي ترفض الانسحاب. ففي أيار/مايو الماضي، وقعت اشتباكات بعد قيام وحدات مقاومة سنجار (يبشه) الموالية لحزب العمال الكردستاني بقطع طرق في بلدة سنوني شمالي سنجار.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2020، وقعت حكومتا بغداد وإربيل اتفاقا يهدف لبناء الاستقرار في سنجار والسماح للإيزيديين النازحين بالعودة.
لكن لم يتم تنفيذ بنود الاتفاق إلا جزئيا.
وإزاء ظروف انعدام الأمن والاستقرار في سنجار والمضايقات من مختلف الفصائل المسلحة، يعود مئات الإيزيديين الذين كانوا قد عادوا عقب اتفاق 2020 إلى مخيمات النزوح.
ووفق علي، ما تزال وعود إعمار سنجار ودعم المجتمع الإيزيدي مجرد حبر على ورق، حيث أن مشاريع البنى التحتية متلكئة وآلاف المنازل المملوكة للمواطنين مهدمة في سنجار وفي 13 قرية وبلدة أخرى في القضاء.
وما تزال الألغام الأرضية والذخائر الأخرى التي تركها تنظيم داعش تملئ القضاء الذي يفتقر لحكومة محلية شرعية، في حين أن الخلاف بين إربيل وبغداد بشأن سنجار قد عطل المخصصات من موازنة الدولة، حسبما أضاف.
ودعا عبد الله المجتمع الدولي إلى إنشاء صندوق خاص بإعمار سنجار، علما أنه ساعد في توفير خدمات أساسية كثيرة للإيزيديين.
تحديد هوية المفقودين والقتلى
وكان عناصر من تنظيم داعش قد ارتكبوا مذبحة عند اجتياح سنجار في آب/أغسطس 2014، كما اختطفوا عددا كبيرا من الذين بقوا، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن مصير أكثر من 2700 إيزيدي ما يزال مجهولا.
وأكد عبد الله أن أفرادا من المجتمع الإيزيدي نظموا عمليات الإنقاذ وتأمين العودة بجهود فردية، وأنه في بعض الأحيان، اضطروا "لدفع ما لا يقل عن 15 ألف دولار إلى مهربين في سوريا لإعادتهم".
ولفت إلى أن أعدادا كبيرة من الفتيات الإيزيديات اللاتي أجبرن على الزواج من عناصر بداعش أو تم بيعهن كرق جنسي انتهى بهن المطاف في دول مثل أذربيجان والشيشان بعد عودة أولئك الرجال لبلدانهم.
وأوضح أن اقتفاء أثر أولئك الفتيات وإثبات أنهن من المجتمع الإيزيدي وأنهن تعرضن للاختطاف أو الإتجار من قبل التنظيم أمر يتسم بالتحدي.
ومن جهة ثانية، أدت الجهود الوطنية لتحديد هوية بقايا إيزيديين قتلوا على يد داعش إلى العثور على 84 مقبرة جماعية في سنجار، وقد جرى منذ آذار/مارس 2020 فتح 27 مقبرة، معظمها في قرية كوجو بقضاء سنجار.
وبمساعدة الأمم المتحدة، قامت المنظمة الإيزيدية للتوثيق بتسييج المقابر الجماعية الباقية التي تم تحديدها.
وأوضح عبد الله أن رفات 156 ضحية إيزيدي قتلوا على يد تنظيم داعش وحددت هويتهم من قبل علماء الطب العدلي، تم دفنهم جميعا على مرحلتين في مراسيم رسمية.
وتابع، لكن ما تزال توجد في ثلاجات الطب العدلي ببغداد أجزاء من رفات مجهولة يصعب تحديد هوياتها، وهي على الأرجح رفات عائلات قتلت بالكامل على يد داعش.
وشدد على ضرورة مواصلة الجهود الرامية لفتح المقابر الجماعية وتحديد هوية رفات كل الضحايا الإيزيديين لحين إنجاز العمل.
وحّث عبد الله المنظمات الدولية ولجان التحقيق بجرائم داعش على تكثيف دعمها للعراق من حيث توفير المال والخبرة الفنية للتأكد من إنجاز هذه المهمة.