بعدما دفع ما يقرب من 100 ألف دولار أميركي كفدية لإطلاق سراح عشرة من أفراد أسرته، ما يزال ابن الأقلية الإيزيدية في العراق، خالد طالو، يعمل على إطلاق سراح أقارب مفقودين آخرين اختطفهم مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وعلى الرغم من جهوده، فإن خمسة أقارب آخرين، إلى جانب آلاف الإيزيديين الآخرين، ما يزالون مفقودين بعد اختطافهم على أيدي عناصر التنظيم المتطرف.
وقال الصحافي والكاتب البالغ 46 عاما "ما زلنا نبحث. لم نفقد الأمل بعد".
وكان تنظيم داعش قد اجتاح منطقة جبل سنجار في آب/أغسطس 2014، وهي المقر التاريخي للأقلية الناطقة بالكردية في شمالي العراق.
وذبح التنظيم آلاف الإيزيديين وجند أطفالهم وأسر الآلاف من نسائهم لبيعهن كـ "زوجات" أو للعمل في الاسترقاق الجنسي.
ووصف محققو الأمم المتحدة الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش بأنها إبادة جماعية.
وكان 19 من أقارب طالو قد اختطفوا، منهم شقيقه وشقيقته، إلى جانب أزواجهما وأطفالهما.
وأكد "اقترضنا ما استطعنا من مال من هنا وهناك لإخراجهم".
والآن، وعلى الرغم من أنه نازح يعيش في قرية شاريا بالمنطقة الكردية في العراق بعد فراره من داره في سنجار، تمكن طالو على مدار فترة سبعة أعوام من تحرير 10 من أقاربه.
وأوضح أن عمليات إطلاق السراح المكلفة يتم التفاوض بشأنها "عبر شبكات من المهربين في العراق والخارج".
وكان آخرهم حفيدة شقيقه التي حررت في شباط/فبراير 2022 بعد أن كانت تقيم في مخيم سوري. وما يزال خمسة من أقاربه مفقودين، في حين أن اثنين من أفراد أسرته لقيا حتفهما.
ووفق مدير المنظمة الإيزيدية للتوثيق، حسام عبدالله، فإن أبناء المجتمع الإيزيدي نظموا عمليات هروبهم وعودتهم بجهودهم الذاتية.
وفي بعض الحالات، اضطرت الأسر لدفع "ما لا يقل عن 15 ألف دولار أميركي للمهربين في سوريا لإرجاعهم"، حسبما صرح للمشارق في آب/أغسطس الماضي.
ولفت إلى أن أعدادا كبيرة من الفتيات الإيزيديات اللاتي أجبرن على الزواج من عناصر بداعش أو تم بيعهن كرق جنسي، انتهى بهن المطاف في دول مثل أذربيجان والشيشان بعد عودة أولئك الرجال لبلدانهم.
وأوضح أن اقتفاء أثر تلك الفتيات وإثبات أنهن من المجتمع الإيزيدي وأنهن تعرضن للاختطاف أو الإتجار من قبل التنظيم أمر يتسم بالتحدي.
'أعين على الطريق'
بعد سنوات من هزيمة تنظيم داعش على الأرض في العراق، ما تزال حصيلة الضحايا التي تسبب فيها هو وخلافته المزعومة قيد الإحصاء.
فوفقا للأمم المتحدة، ما يزال أكثر من 200 ألف إيزيدي نازحين، ومعظمهم يعيشون في مخيمات بمحافظة دهوك في شمالي العراق في ظل ظروف صعبة.
وقد منعت مشاكل الاحتقان عودتهم إلى سنجار التي تم تحريرها من قبضة داعش في تشرين الثاني/نوفمبر، 2015.
من جهة أخرى، تتواصل عمليات فتح المقابر الجماعية في سنجار، وقالت منظمة الهجرة الدولية إن أكثر من 2700 إيزيدي ما يزالون في عداد المفقودين.
وفي حين يقبع البعض منهم قيد الأسر لدى تنظيم داعش، "مكان البعض الآخر مجهول".
فصلت بحار إلياس عن زوجها جاسم وابنهما أحمد، الذي كان بالكاد في التاسعة عشرة حين اختطفت الأسرة لدى استيلاء تنظيم داعش على سنجار.
ودفع الأقارب للوسطاء 22 ألف دولار أميركي لتأمين إطلاق سراح إلياس وشقيقاتها الثلاث الأصغر.
وقالت بحار، 40 سنة، التي تعيش الآن في مخيم للنازحين بالقرب من شاريا، إن "عيناها مثبتتان دوما على الطريق" على أمل أن يعود زوجها وابنها.
وناشدت الحصول على مساعدة دولية "من أجل إعانتنا للعثور على أي أثر لأسرنا ومعرفة ما إذا كانوا على قيد الحياة أم أمواتا".
وأكدت أن معرفة مصيرهما سيسمح لها "بأن تتحرر من الألم".
'لا شيء متبق في سنجار'
من جانبه، قال حسين قايدي مدير مكتب رسمي في المنطقة الكردية التي تتمتع بالحكم الذاتي في العراق يعمل على إنقاذ الإيزيديين المخطوفين، إن تنظيم داعش اختطف من سنجار 6417 إيزيديا.
وتم إنقاذ أكثر من 3500 في العراق أو من سوريا وتركيا.
وقدر أن 2855 إيزيديا ما يزالون مفقودين، مؤكدا أن فريقه يعمل بلا ملل أو كلل على "جمع المعلومات المتاحة وتحرير المخطوفين كافة".
أما هيام، فقد كانت تبلغ 17 عاما حين اختطفها تنظيم داعش يوم 3 آب/أغسطس 2014، إلى جانب والديها وشقيقاتها الخمس وشقيقيها.
وهي تعيش الآن في شاريا، وقد تمكنت من إعادة بناء حياتها بعد رحلة عبر الأراضي التي كان التنظيم المتطرف يسيطر عليها في وقت من الأوقات.
وفي أحد سجون داعش، التقت ليلى، وهي إيزيدية أخرى. في أيار/مايو 2015، بيعت هيام لمواطن سوري في حين بيعت ليلى لمواطن عراقي.
وبعد أربعة أشهر، أعطيت هيام لرجل من داغستان قبل أن تفر من محنتها وتصل إلى العراق بعد عام ونصف في الأسر.
ومنذ ذلك الحين، تزوجت مروان شقيق ليلى، وقد سعى الزوجان مع طفليهما للحصول على اللجوء في أستراليا حيث لدى هيام أسرة في انتظارها.
وقد وشمت كلمة "حرية" على معصمها، ولا نية لديها للعودة إلى بلدتها الأصلية السابقة.
وقالت "لا شيء ينتظرنا في سنجار"، مضيفة أن أسرتها وأصدقاءها لم يعودوا هناك.
"بعضهم قتل والبعض الآخر ما يزال قيد الأسر لدى تنظيم داعش، في حين هاجر البعض الآخر. لقد تغير كل شيء".