طاقة

الحوثيون يفتعلون أزمة الوقود لإنعاش السوق السوداء ومضاعفة الأرباح

نبيل عبد الله التميمي

تاجر يبيع المشتقات النفطية يضع في صندوق سيارته حاوية صغيرة تحتوي على وقود عالي الكلفة. [هيثم محمد/المشارق]

تاجر يبيع المشتقات النفطية يضع في صندوق سيارته حاوية صغيرة تحتوي على وقود عالي الكلفة. [هيثم محمد/المشارق]

عدن -- قال مسؤولون وخبراء اقتصاد إن الحوثيين يواصلون افتعال أزمة وقود في المناطق الخاضعة لسيطرتهم من أجل تعظيم أرباحهم من عمليات بيع البنزين وقوارير غاز الطبخ وغيرها من المنتجات النفطية في السوق السوداء.

وتشهد صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي أزمة نقص حادة بمشتقات النفط منذ 4 أيلول/سبتمبر، عندما نفذت الجماعة "خطة طوارئ" قيدت أماكن بيع تلك المنتجات.

وبعد الإعلان عن هذه القيود، استأنفت السوق السوداء في صنعاء بيع البنزين بسعر مضاعف تقريبا، مع وصول سعر الـ 20 لترا إلى 20 ألف ريال يمني (33 دولارا) في السوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 12 ألف ريال يمني (20 دولارا).

وتكونت في صنعاء طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود القليلة التي لا تزال مفتوحة.

ينتشر التجار الذين يبيعون المشتقات النفطية من سياراتهم بأعداد كبيرة في شوارع صنعاء، وسط نقص الوقود في المحطات الرسمية لمشتقات النفط. [هيثم محمد/المشارق]

ينتشر التجار الذين يبيعون المشتقات النفطية من سياراتهم بأعداد كبيرة في شوارع صنعاء، وسط نقص الوقود في المحطات الرسمية لمشتقات النفط. [هيثم محمد/المشارق]

وفي أحد الطوابير، قال سائق سيارة الأجرة محمد حمود للمشارق إنه ينتظر منذ مساء الليلة السابقة حتى يزود سيارته بالوقود ليتمكن من العمل في الصباح الباكر من أجل كسب رزقه ورزق أسرته.

وطالب السلطات بتخصيص عدد كاف من محطات الوقود لسيارات الأجرة لأنها تشكل "مصدر دخل لكثير من الأسر".

وأضاف حمود أن "المحطات كانت تبيع الوقود بشكل طبيعي حتى عصر يوم 4 أيلول/سبتمبر، وفجأة أغلقت وأعلنت الأزمة".

ومن جانبه، لفت سائق حافلة النقل عيسى ناجي إلى مدى سرعة انتشار تجار السوق السوداء في الشوارع لبيع مشتقات النفط بعد الإعلان عن الإقفال.

وأضاف ناجي للمشارق أن "تبادل أدوار البيع بين السوق السوداء والمحطات يشعرنا وكأن الأمر جرى بتنسيق بين الجانبين".

وأشار إلى أن "أسعار المشتقات في السوق السوداء تتجاوز ضعف أسعارها في محطات البيع الرسمية، وهذا يجعلنا نعمل يوما ونقف أمام المحطات الرسمية في اليوم الثاني للحصول على الوقود".

وأكد أن "هذا يضاعف معاناة سائقي الباصات بشكل خاص والجميع عموما".

إنعاش السوق السوداء

وفي هذا السياق، ذكر رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي بتاريخ 7 أيلول/سبتمبر أن "جماعة الحوثي هي من تمنع سفن الوقود من الوصول إلى موانئ الحديدة"، فتختلق الذرائع لإنعاش السوق السوداء.

وأضاف خلال لقاء عقد مع مبعوث الأمم المتحدة لليمن هانس غروندبيرغ للبحث في مستجدات جهود السلام، أن الجماعة تقوم بذلك "دون الاكتراث لمعاناة المواطنين".

وقالت وزارة الخارجية اليمنية إن الحوثيين افتعلوا الأزمة، إذ أجبروا منذ 10 آب/أغسطس الماضي شركات وتجار المشتقات النفطية على مخالفة آلية الاستيراد السارية منذ 2 نيسان/أبريل لموانئ الحديدة.

وذكرت الوزارة أن ذلك عرقل دخول سفن المشتقات النفطية وفقا لبنود الهدنة السارية منذ 2 نيسان/أبريل والتي مددت مرتين منذ ذلك الحين، مضيفة أن الحوثيين خلقوا بالتالي أزمة وقود مصطنعة.

واتهمت الوزارة جماعة الحوثي باختلاق الأزمة بهدف تسهيل استيراد النفط المهرب من إيران وتمكين الشركات الخاصة التابعة للقيادات الحوثية من استيراد الوقود بشكل مباشر.

كذلك، اتهمت الجماعة المدعومة من إيران بإعادة إنعاش السوق السوداء التي يجني من وراءها الحوثيون أموالا طائلة.

وأوضحت أن الحوثيين يسعون من خلال افتعال أزمة مشتقات نفطية غير حقيقية، إلى ضخ الكميات المخزنة من النفط والتي تم إدخالها منذ بداية الهدنة إلى السوق السوداء لمضاعفة أرباح الجماعة منها.

عوائق جديدة في وجه الهدنة

وبدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت للمشارق إن هدنة 2 نيسان/أبريل "سهلت دخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة إلى مناطق سيطرة الحوثي"، وأنهت أزمة مشتقات كانت قد استمرت لأكثر من 6 أشهر.

وأضاف أن إعلان الهدنة "قضى على السوق السوداء التي تجذرت في شوارع صنعاء حيث ارتفعت أسعار النفط بشكل خيالي".

وأشار ثابت إلى أنه في فترة ما قبل إعلان الهدنة، أدت الأسعار المرتفعة والنقص في المشتقات النفطية إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية والنقل.

وأكد ثابت أن اختفاء السوق السوداء التي تعد مصدر دخل رئيسيا لجماعة الحوثي لتمويل حربها، دفع الجماعة إلى تعطيل آلية استيراد المشتقات النفطية المتفق عليها مع الأمم المتحدة.

ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي فارس النجار للمشارق إن هدف الحوثي من خلق أزمة المشتقات هو "فرض عوائق جديدة أمام الهدنة الإنسانية وإمكانية تمديدها".

ومن جانبه، أوضح المحلل السياسي بليغ المخلافي للمشارق أن هدف جماعة الحوثي يكمن بتسهيل دخول النفط الإيراني وتعظيم أرباحها.

وأشار إلى أن الجماعة المدعومة من إيران "لا تأبه لمعاناة المواطنين ولا يهمها إلا تحقيق مكاسب لها تخدم مصالح إيران".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500