يعيش سكان صنعاء حالة سخط كبيرة بسبب النقص في غاز الطبخ ووقود السيارات، وخرجوا خلال الأيام الماضية في تظاهرات احتجاجية في جميع أنحاء المدينة، تحولت في بعض المناطق إلى اشتباكات مسلحة مع الحوثيين (أنصار الله)، حسبما أكد السكان للمشارق.
وقطع الأهالي بعض الشوارع بأسطوانات الغاز الفارغة، معربين عن غضبهم من أزمة الوقود التي أجبرت العديد من السيارات الخاصة والحافلات العامة على التوقف عن العمل.
وشكلت السيارات طوابير طويلة أمام محطات الوقود، فيما سكان المدينة التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران، يقفون أيضاً في طوابير لتعبئة إسطوانات الغاز الفارغة.
وبدأت الأزمة الحالية بارتفاع مفاجئ للأسعار ظهر يوم الاثنين 5 آذار/مارس، ما أجبر أصحاب المركبات إلى التوجه بسرعة نحو محطات الوقود لتعبئتها.
وأضافوا أن أزمة البنزين سبقتها بأيام، أزمة اختفاء مادة الغاز المنزلي من السوق السوداء، ما أجبر الأهالي على إبقاء أبنائهم في طوابير أمام محطات بيع الغاز عدة أيام للحصول عليه.
وضع ’كارثي‘
ويتهم الأهالي الحوثيين بافتعال الأزمة كونهم سلطة الأمر الواقع المتحكمة في صنعاء منذ استيلائهم عليها عام 2014.
وقال علي ناصر الحجري: "أجبرت ابني على البقاء ثلاثة أيام في محطة الغاز في حي السبعين دون فائدة".
وأضاف للمشارق: "بحثنا عن الغاز في السوق السوداء ولم نجده"، لافتاً إلى أن "الوضع أصبح صعباً وكارثياً".
وفيما شهدت بعض أحياء العاصمة قطع الأهالي للشوارع بواسطة طوابير طويلة من إسطوانات الغاز، تطور الوضع إلى اشتباكات مسلحة مع الحوثيين الذين تدخلوا لفتح الطرقات بالقوة.
وفي حديث للمشارق، كشف سالم علي من أهالي حارة البليلي، أن "الأهالي انتظروا في طوابير طويلة ثلاثة أيام أمام محطات بيع الغاز، إلا أن الكمية التي تأمنت لم تف بحاجة الجميع".
وأضاف أن "هذا الأمر أدى إلى احتقان الوضع، واشتبك بعض السكان مع قوات [الميليشيا] التي حاولت فتح الشارع".
في غضون ذلك، اعترفت وزارة النفط التابعة للحوثيين أن الأزمة افتعلها بعض التجار "عديمي الضمير".
وأضافت أن "التجار تعهدوا ببيع أسطوانات الغاز بسعر 3000 ريال، لكنهم امتنعوا بعد ذلك عن إدخال مقطورات الغاز إلى صنعاء وبقية المحافظات".
تحميل الحوثيين مسؤولية ارتفاع الأسعار
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي عبد الجليل حسان، أن أزمة الغاز والبنزين يتحملها الحوثيون كونهم هم من أعطوا تصاريح الاستيراد للتجار.
وأشار للمشارق إلى أن "الحوثيين يسيطرون بشكل كامل على كل مؤسسات الدولة ويتحملون المسؤولية الكاملة عن الأعباء والمعاناة التي يعيشها المواطن في المناطق الخاضعة لسيطرتهم وبينها العاصمة صنعاء".
وعزا الباحث في جامعة صنعاء علي محمد ارتفاع الأسعار إلى "الاتاوات التي فرضها الحوثيون على التجار والمستوردين عند مداخل المدن".
وذكر للمشارق مستخدماً إسم مستعار حرصاً على سلامته، أن "أجهزتهم الأمنية تفرض غرامات بالملايين على أصحاب محطات بيع الغاز والبنزين في حال مخالفتهم الأوامر الصادرة عنهم بما في ذلك تحديد التسعيرة".
وأكد أن سعر إسطوانة الغاز عبوة 20 كيلوغراماً ارتفع إلى أكثر 7000 ريال (28 دولاراً)، بعد أن كانت تباع بسعر 5000 ريال (20 دولاراً) في السوق السوداء.
من جهة أخرى، ارتفع سعر صفيحة البنزين زنة 20 لتراً مساء يوم الاثنين 5 آذار/مارس إلى 8000 ريال (32 دولاراً)، بعد أن سجل صباحاً سعر 7000 ريال.
تعليق الرسوم الجمركية
في المقابل، أوعز الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوم الاثنين إلى الحكومة بتحرير سوق المشتقات النفطية والسماح لجميع الشركات والأفراد بالقيام بعمليات الاستيراد والبيع في جميع الموانئ اليمنية.
وتطال هذه التوجيهات الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون.
وذكرت تقارير إعلامية محلية، أن الرئيس هادي اتخذ هذا القرار من أجل تخفيض أسعار المواد الأساسية بما فيها الوقود وغاز الطهي.
ووجه هادي أيضاً بإلغاء القيود والإجراءات التي تعيق كل عمليات نقل مشتقات النفط.
ودعا إلى اعتماد أسعار معقولة للنقل تستند إلى تقديرات وزارة النقل، وتسريع إجراءات الإفساح في الموانئ بحيث لا تتعدى 72 ساعة، وتوجيه الموانئ والجمارك بالعمل دوامين يومياً.
وأوعز هادي أيضاً بتعليق الرسوم الجمركية على المشتقات النفطية فوراً، بهدف تخفيض أسعارها.
وسيتم مراجعة وتقييم هذه الإجراءات بعد ثلاثة أشهر لمعرفة مدى انعكاسها على حياة المواطنين اليمنيين.