بيروت -- أظهرت دول الخليج التزامها المستمر تجاه رفاه لبنان واستقراره رغم الخلافات الأخيرة، وذلك عبر إرسال سفرائها مجددا إلى البلد الذي يتخبط في الأزمات وإنشاء صندوق لمساعدة الشعب اللبناني.
وأعلنت السعودية وفرنسا يوم الثلاثاء، 26 نيسان/أبريل، إطلاق صندوق مشترك لتأمين المساعدات الإنسانية المباشرة للمواطنين اللبنانيين.
وكان البلدان قد تعهدا في كانون الأول/ديسمبر بتقديم الدعم المالي الطارئ وتنفيذ مشاريع إنسانية لدعم الشعب اللبناني، وذلك من خلال مساهمة أولية بقيمة 36 مليون يورو (38 مليون دولار).
وقال السفير السعودي في لبنان وليد البخاري إن "الصندوق سيخصص لمشروعات إنسانية وصحية وتعليمية وكهربائية، وسيشمل أيضا بعض المشاريع الأمنية".
وأوضح قبيل الإعلان عن الصندوق أنه سيتم تشكيل لجنة سعودية-فرنسية للإشراف على توزيع المساعدات مباشرة إلى الأفراد والكيانات.
وفي مطلع الشهر الجاري، عاد البخاري والسفير الكويتي عبد العال القناعي إلى لبنان بعد سحبهما في تشرين الأول/أكتوبر.
وأعلن اليمن أيضا عن إعادة مبعوثه إلى بيروت.
إعادة إحياء العلاقات
وفي هذا السياق، قال وزير العدل السابق أشرف ريفي للمشارق إن عودة سفراء الخليج للبنان "تفتح من جديد أفق التواصل بين المسؤولين" و"تعيد الحياة لعلاقته مع أشقائه الخليجيين".
وأشار إلى أن هذه خطوة مرحب بها في لبنان، إذ "لم يكن مقبولا قطع العلاقة الخليجية من قبل طبقة سياسية تقبض عليها إيران عبر حزب الله، فيما شريحة كبيرة من اللبنانيين ترفض هذه اليد".
وذكر "نتطلع كمسؤولين لأن يكون هناك مشروع عربي بوجه المشروع الإيراني لتحقيق التوازن والتخفيف من سطوة حزب الله على لبنان".
ولفت إلى أن عودة السفراء الخليجيين بالتزامن مع إطلاق الصندوق السعودي-الفرنسي الجديد "سيكون لها الأثر الطيب على حياة اللبنانيين اليومية بمجال الطبابة والاستشفاء والتعليم والغذاء".
وقال إنه "سيتم توفير المساعدات من خلال الصندوق ولن تمر عبر القنوات الرسمية التي لا ثقة بها"، مشيدا بهذه الخطوة التي اتخذتها السلطات الفرنسية والسعودية.
وتابع "وإلا لن يحصل اللبنانيون على تلك المساعدات التي من شأنها أن تخفف من وطأة الأزمات على حياتهم".
وبدورها، رأت الكاتبة السياسية رولا موفق أن سحب سفراء الخليج من لبنان "وجه رسالة قوية وصادمة وموجعة للبنانيين... حول مدى الصمت والاستسلام للأمر الواقع".
وأضافت "عاد الخليج للبنان ببعد إنساني لدعم الشعب بمختلف المجالات لتخطي أزماته لحين ترتيب أوراق المنطقة وإتمام الاستحقاقات الانتخابية اللبنانية من نيابية ورئاسية".
وتابعت أن "المساعدات الإنسانية محصورة بالشعب لتخطي أزماته المعيشية والمالية لحين قيام الدولة بواجباتها وإجراء إصلاحات حقيقية ووقف تهريب المخدرات للخليج".
استعادة التوازن
ومن جانبه، قال المتحدث باسم حزب القوات اللبنانية السياسي شارل جبور إن إعادة إحياء العلاقات الدبلوماسية مع الخليج جاءت استجابة "لمناشدات من أصدقاء للسعودية ودول الخليج في لبنان".
وأضاف أنه في حين يرغب كثيرون في لبنان بالحفاظ على علاقات جيدة مع الخليج، إلا أن السلطة التي تهيمن على القرار السياسي قد "أساءت لكل دول الخليج واللبنانيين بعد تحولها أداة بيد حزب الله".
وتابع أنه الآن "تعهد رئيس الحكومة نفسه بعدم استخدام لبنان منصة لاستهداف الدول الخليجية أمنيا وعسكريا وسياسيا وإعلاميا".
وأشار إلى أنه من الواضح أن دول الخليج تنظر إلى لبنان على أنه "جزء لا يتجزأ من العالم العربي" وهي حريصة على منع "أية محاولة لتحويله لمحافظة إيرانية خاضعة لسياسة طهران الإقليمية".
وشدد على أن عودة سفراء الخليج مهمة للغاية لترسيخ وتثبيت التوازن منعا لسيطرة إيران على لبنان وتحويله إلى أداة بيدها.
وقد أعطى توقيت هذه الخطوة قبيل الانتخابات النيابية المقررة في 15 أيار/مايو الأمل للبنانيين بأن لبنان "غير متروك لقدره ومصيره".