بعد مرور 3 أشهر على مقتل 6 شبان في انفجار لغم أرضي قرب بلدة الزبير بمحافظة البصرة، لا يزال وقع المأساة شديدا على السكان المحليين الذين يطالبون ببذل جهود أكبر لمنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
وقُتل الستة في كانون الثاني/يناير أثناء سيرهم في البرية بالقرب من المدينة ودخولهم عن طريق الخطأ حقل ألغام.
وقال علي المياحي أحد سكان الزبير للمشارق "كان الأمر مروعا... في لحظات خسرنا أبناء من خيرة شبابنا".
وأضاف "لا زال أهالي البلدة متألمين لهذه الفاجعة. نريد من الحكومة والمعنيين إيجاد حل جذري وتفادي تكرارها".
وقالت السلطات العراقية إنها تعمل على إزالة المتفجرات من مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة بمساعدة المنظمات الدولية.
وفي اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام في 4 نيسان/أبريل، كررت السلطات العراقية تحذير المواطنين من الاقتراب من الأجسام المشبوهة وطالبتهم بالإبلاغ فورا عن أي شيء من هذا القبيل.
ويمكن للمدنيين الإبلاغ عن الأجسام المشبوهة على الرقم المجاني 182 العائد لدائرة الألغام، أو الرقم 115 العائد لمديرية الدفاع المدني.
ووفقا للمفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، قُتل منذ بداية العام الحالي 10 أشخاص بينهم أطفال، جراء انفجار ألغام أرضية وعبوات ناسفة مكشوفة ومخبأة تحت الأرض.
وفي العام الماضي، قتل 45 شخصا بالطريقة نفسها.
وقال العضو في المفوضية فاضل الغراوي إن إزالة الألغام أصبحت عملية معقدة بالنسبة للحكومة.
وقبل اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لمساحات شاسعة من العراق عام 2014، كانت السلطات قد أحرزت تقدما في إزالة الألغام من مناطق واسعة من البلاد.
ولكن ذكر الغراوي أن هذا التقدم تراجع بصورة عكسية خلال فترة حكم داعش، إذ زرع التنظيم المتطرف ألغامه الخاصة فجعل من تطهير حقول الألغام الموجودة عملية صعبة، مضيفا أن الرياح والأمطار والفيضانات تحرك هذه المتفجرات أو تغير مكانها.
ضحايا أبرياء
وأوضح الغراوي أن معظم ضحايا الألغام هم "من رعاة الأغنام والقرويين والمتنزهين والأطفال الذين يدفعهم الفضول للعبث بالأجسام من دون معرفة ما هي".
وأكد أن الذين ينجون من هكذا حوادث "عادة ما يصابون بعاهات دائمة كفقدانهم للأطراف".
ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، قُتل أو شوه في السنوات الخمس الماضية في العراق 519 طفلا بسبب المتفجرات التي خلفتها الحرب.
وأشارت اليونيسف في بيان أصدرته يوم 5 نيسان/أبريل، إلى أن أكثر من 80 في المائة من الأطفال المصابين هم من الفتيان، يعمل بعضهم في الحقول أو يرعون الماشية أو يجمعون الخردة المعدنية من المباني التي دمرت خلال الحرب.
وجاء في البيان أن فتاة و3 فتيان قتلوا وفقد 2 غيرهم أطرافهم في محافظتي بغداد وبابل في شباط/فبراير، جراء انفجارات ناجمة عن مخلفات الحرب.
وبحسب مسؤولين عراقيين، تعد البصرة واحدة من أكثر المحافظات العراقية تلوثا بالألغام، إذ يحتوي 6 في المائة من مساحتها على ذخائر غير منفجرة خلفتها الحرب العراقية-الإيرانية والصراعات التي تلتها.
ومن المدن الأخرى، مدينة الموصل بمحافظة نينوى والتي كانت بمثابة العاصمة الفعلية لداعش في العراق ودُمرت خلال معركة الإطاحة بالتنظيم. وإن مدينة الموصل القديمة على وجه الخصوص، مليئة بالمتفجرات التي زرعها تنظيم داعش.
مشاريع واعدة
وقال المسؤول في وزارة البيئة أحمد عبد الرزاق، إن مساحة الأراضي الملوثة بالألغام والمتفجرات في العراق كانت تبلغ سابقا 6000 كيلومتر مربع.
وأضاف أن هذه المساحة باتت اليوم محدودة بـ 2700 كيلومتر مربع فقط، أي أقل من نصف المساحة السابقة.
وتشارك وزارات البيئة والداخلية والدفاع في جهود إزالة الألغام وتقوم وزارة النفط بإزالة مخلفات الحرب من حقول النفط بمساعدة المنظمات الدولية.
وقدمت الولايات المتحدة للعراق 600 مليون دولار كمساعدات لإزالة الألغام.
وبحسب وزارة الداخلية، أزالت فرق الدفاع المدني منذ كانون الثاني/يناير 17 ألف وحدة من المقذوفات والمواد المتفجرة كانت منتشرة في 30 منطقة، بلغت مساحتها الإجمالية 8 ملايين متر مربع.
إلى هذا، أبطلت فرق التخلص من المتفجرات مفعول 500 عبوة ناسفة في البلدات التي حررت من قبضة داعش.
وأوضح عبد الرزاق أن وزارة البيئة قدمت إلى وزارة التخطيط خطة تتضمن "10 مشاريع واعدة بقيمة 500 مليار دينار عراقي (342 مليون دولار) لرفع الألغام والعبوات من مساحة تبلغ 670 كيلومتر مربع".
وشدد على أن هذه المشاريع ستساعد العراق على الوفاء بالتزاماته بموجب معاهدة أوتاوا والتي تحظر إنتاج وتخزين ونقل واستخدام الألغام المضادة للأفراد.
وختم مضيفا "بالجهود المستمرة، يمكن إعلان البلاد خالية من التلوث بحلول عام 2028".