طالبت الخدمة العالمية لمحطة البي. بي. سي. النظام الإيراني من جديد بوقف مضايقاته وترهيبه بحق صحافيي الخدمة الفارسية التابعة لها وعائلاتهم، في وقت أبلغت فيه وسائل إعلامية أخرى عن تلقي موظفيها تهديدات مماثلة.
وفي الشهر الماضي، قالت البي. بي. سي. "منذ أكثر من عقد، تشن الجمهورية الإسلامية حملة مضايقة وترهيب بحق صحافيي بي. بي. سي الفارسيين وعائلاتهم في إيران".
وأضافت "شمل ذلك تهديدات بالقتل وجهت لصحافيي بي. بي. سي. وعائلاتهم في لندن وتجميد أصولهم في إيران، فضلا عن المضايقات عبر الإنترنت والهجمات القائمة على النوع الاجتماعي ضد الصحافيات".
ولوزارة الاستخبارات الإيرانية وجهاز المخابرات التابع للحرس الثوري الإيراني تاريخ حافل في ممارسة الضغط على أفراد عائلات الصحافيين واستجوابهم.
وداخل إيران، عمدت إلى الضغط على أقارب الصحافيين العاملين في الخارج لإجبارهم على التوقف عن التغطية لصالح وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية في الخارج، والتي ينتقد العديد منها النظام الإيراني.
وقدمت البي. بي. سي. عام 2017 ولأول مرة شكوى إلى الأمم المتحدة، بعد أن فتحت السلطات الإيرانية تحقيقات في الحياة الشخصية لـ 152 من الموظفين والمساهمين الحاليين والسابقين في بي. بي. سي. بالفارسية وأسرهم.
وكانت السلطات الإيرانية قد اتهمتهم بـ "العمل ضد الأمن القومي"، بحسب البي. بي. سي.
وفي آذار/مارس 2020، انتقد 4 خبراء من الأمم المتحدة طهران بشأن مزاعم بترهيب إعلاميي البي. بي. سي. وإعلاميين آخرين وعائلاتهم بتهديدات بالقتل.
وفي بيان مشترك، دق المقررون الخاصون "ناقوس الخطر" وطالبوا السلطات الإيرانية بالتوقف عن تهديد المراسلين، وهؤلاء المقررون خبراء مستقلون لا يتحدثون باسم الأمم المتحدة لكنهم ينقلون النتائج التي توصلوا إليها.
وقالوا إن "الصحافيين العاملين في خدمة بي. بي. سي. فارسي وغيرها من الوسائل الإعلامية الإخبارية الناطقة بالفارسية خارج إيران، واجهوا تهديدات وتحقيقات جنائية ومراقبة غير قانونية وتجميد أصول وتشهير ومضايقات من قبل السلطات الإيرانية".
وتابعوا "استُهدف أيضا العديد من الصحافيين لإعلانهم جهارا عن تعرضهم للمضايقات وطلبهم الحماية من الأمم المتحدة".
وقالت البي. بي. سي. إن "الآونة الأخيرة شهدت تصعيدا في المضايقات" بحق موظفي البي. بي. سي. فارسي وعائلاتهم، وذلك بالتزامن مع حملة قمع للمعارضة داخل إيران.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن القناة زعمت أن "مسؤولين حكوميين" وجهوا "تهديدات صريحة" تطال سلامة صحافيي البي. بي. سي. فارسي خارج إيران.
رسائل تهديد
وبناء على حكم أصدرته محكمة في طهران عام 2017، تم تجميد أصول موظفي البي. بي. سي. فارسي ومنعهم من بيع ممتلكاتهم في إيران.
وما يزال الحكم سائر المفعول بحسب الناشط الإعلامي والخبير الإيراني حميد فرزاد.
وأشار فرزاد إلى أن حظر بيع الأصول يؤثر أيضا على أفراد عائلات موظفي وسائل الإعلام هذه، إذ يشمل منعهم من بيع ممتلكاتهم بما في ذلك السيارات، حتى في الظروف التي يتم فيها بيع ممتلكات الأسرة لتقاسم أموال الميراث.
ومن أكثر حالات المضايقات الإعلامية شهرة، الحملة المنفذة ضد سعدية هاشمي، الصحافية التي تعمل في بي. بي. سي. فارسي، وفقا لموقع إيران واير.
ففي عام 2012، داهمت قوات الأمن الإيرانية منزل والدها في طهران في منتصف الليل واعتقلت أختها الصغرى، فأمضت 17 يوما في الحبس الانفرادي في سجن إيفين.
وطُلب من الهاشمي آنذاك عبر مكالمات فيديو التجسس لصالح أجهزة المخابرات الإيرانية.
وقالت حينها الهاشمي "كان من الواضح منذ بداية المحادثة أنهم يتوقعون مني مقابل إطلاق سراح أختي أن أنقل لهم بالتفصيل مسار العمل في البي. بي. سي. فارسي ومعلومات شخصية عن زملائي وظروف عملي وحتى قيمة راتبي. وذلك يسمى تجسس".
وأكدت أنها رفضت الإجابة عن أسئلتهم.
وفي عام 2020، كشفت الصحافية في البي. بي. سي. فارسي رنا رحيمبور، عن تلقيها رسالة تهددها باغتيالها هي وزوجها وأطفالهما في غضون شهر.
ووجهت أيضا تهديدات لوالديها المسنين المقيمين في إيران.
وفي آب/أغسطس الماضي، بثت البي. بي. سي. فارسي صورا حصلت عليها مجموعة القرصنة الإلكترونية (عدالة علي) من خلال اختراق كاميرات سجن إيفين.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أرسلت المجموعة أيضا إلى البي. بي. سي. فارسي وثائق مرتبطة بالسجن المذكور مصنفة بأنها "سرية".
ويعتقد بعض المراقبين أن تسريب هذه المعلومات قد يكون لعب دورا في تأجيج عداء الحكومة الإيرانية تجاه محطة بي بي سي فارسي.
تفشي ظاهرة المضايقات
وأفاد عدد من الوسائل الإعلامية عن حالات مضايقة وترهيب مماثلة.
وقال فرزاد إن "أسرة عمل الخدمة الفارسية التابعة لراديو إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية (راديو فاردا) تعرضت أيضا لمضايقات متكررة من قبل النظام في إيران".
وأوضح أنه "من خلال الاتصال المستمر بأقارب هؤلاء الأشخاص في إيران وفي بعض الحالات استدعائهم واستجوابهم، طالبت وزارة المخابرات والحرس الثوري الإيراني من شخصيات إعلامية معروفة بالاستقالة من مناصبهم".
وفي كانون الثاني/ديسمبر 2019، أفادت تقارير أن عملاء وزارة المخابرات قاموا أيضا بمضايقة أفراد عائلات عدد من موظفي قناة إيران إنترناشونال التلفزيونية.
يُذكر أن إيران إنترناشونال هي قناة تلفزيونية فضائية تمولها السعودية ولها مكاتب في واشنطن ولندن.
وفي حالات عدة، أفادت إيران إنترناشونال عن خطف عملاء النظام لأقارب الصحافيين في شوارع إيران أو أماكن عملهم، ونقلهم إلى مراكز المخابرات.
وأشارت إلى أن عملاء استخبارات الحرس الثوري الإيراني حاولوا إجبارهم على الاتصال بأقاربهم العاملين في تلفزيون إيران إنترناشونال وتنبيههم "إلى ضرورة التوقف فورا عن العمل في هذه القناة".
وقالت إيران إنترناشونال في بيان إن "الحكومة الإيرانية تخشى حرية الصحافة وتسعى إلى كم أفواه الإعلام المستقل".
وأضافت "يسعى النظام الإيراني إلى قمع الاحتجاجات الشعبية في البلاد، في وقت لا توجد فيه أي وسيلة إعلامية تنقل صوت الشعب الإيراني إلى العالم".