تمنع إيران تدفق مياه الأنهار إلى العراق، فتعطل الاقتصاد وتزعزع العلاقات بين الدولتين.
وقامت إيران في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، بقطع تدفق المياه كليا من أراضيها إلى نهر ديالى شرقي العراق، مما أدى إلى انخفاض حاد في منسوب المياه ببحيرة حمرين.
وقبل ذلك، ذكرت حكومة الإقليم الكردي في تشرين الأول/أكتوبر أن إمدادات المياه التي كانت تتدفق من إيران والتي تصب في نهر سيروان انقطعت تماما بعد تغيير الحكومة الإيرانية لمسار النهر.
وقد حولت إيران أيضا مجاري روافد تغذي سدودا عملاقة كسد دوكان ونهر دجلة، ما تسبب في تدني مناسيب المياه.
وأكد مسؤولون عراقيون أنه كان لتعطيل تدفق المياه أثر سلبي على المناطق الزراعية الحيوية في محافظة ديالى ومناطق بدرة وجصان وهور الحرية، إضافة إلى شط العرب.
وأشاروا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى الهجرة القسرية للأهالي من مناطق جنوبي العراق، لا سيما من منطقة الأهوار المهددة بالجفاف.
وفي هذا السياق، قال وزير الموارد المائية العراقية مهدي الحمداني في مؤتمر صحافي عقد في 29 تشرين الثاني/نوفمبر إن الحكومة أولت أهمية كبيرة لموضوع السياسات الخارجية المتعلقة بقضية الأنهار والحصص المائية.
وأعرب الحمداني عن أسفه من مواصلة إيران سياسات مائية مضرة بالعراق، من دون الامتثال للأعراف والمواثيق الدولية.
وقف تدفق 12 نهرا
وبدوره، قال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين للمشارق إن إيران قطعت حتى الآن أكثر من 12 نهرا رئيسيا يصب في نهر دجلة.
وقد أدى ذلك إلى حرمان عدد كبير من الفلاحين من مياه الري وبالتالي تحولت حقولهم لأراض قاحلة.
وأكد حسين أن "ما تقوم به إيران هو انتهاك خطير لمبادئ علاقات حسن الجوار والشراكة التي تنص عليها المواثيق الدولية وأيضا الاتفاقيات الخاصة بالدول المتشاطئة في الأنهار".
وشدد على أن هذا التصرف يعد "شكلا من أشكال الحرب ولا يعبر عن موقف إيجابي يأخذ بنظر الاعتبار العلاقات التاريخية والمصالح المتبادلة بين البلدين والقيم الدينية المشتركة".
ونوّه بأن العراق "لا يريد الانجرار للتصعيد، لذا اتخذ طرق الضغط الدبلوماسية استنادا للفقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بضرورة حل المنازعات الدولية بالوسائل السلمية".
ودعا حسين المجتمع الدولي للضغط على إيران لإيقاف تجاوزاتها على حقوق العراقيين.
تهديد للعراق
هذا وجاء في تقرير أعدته مبادرة أمن الكواكب في أيار/مايو الماضي، أن التصحر بات يغطي 39 في المائة من أراضي العراق، وأن 54 في المائة من المساحات الزراعية مهددة بالملوحة.
ولفت البنك الدولي في تشرين الثاني/نوفمبر، إلى أن انخفاضا بنسبة 20 في المائة في الإمدادات المائية للعراق وتراجع مقدار المحاصيل الذي قد يرافق تغير المناخ، قد يؤديان إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في العراق بنسبة قد تصل إلى 4 في المائة، أو ما يساوي 6.6 مليار دولار.
ومن جانبه، ذكر المحلل السياسي عادل الأشرم أن جهود طهران الرامية إلى التحكم بالموارد المائية هي جزء من "سياسة الهيمنة التي تتبناها إيران وخطتها لتدمير العراق وإلحاق الضرر باقتصاده وبمصالح العراقيين".
وأشار إلى أهمية الثروة المائية بالنسبة للعراق الذي يعتمد بنسبة 90 في المائة على تدفقات المياه من دول الجوار لري أراضيه ومشاريعه الزراعية وتشغيل محطات الكهرباء.
وشدد الأشرم على أن "الشارع العراقي ممتعض جدا من السلوك الإيراني ويعتبر تصرفات جارته الشرقية مهددة لأمنه القومي ولحقوقه الدولية في حصة مائية عادلة".
واعتبر أن حجب إيران للمياه يشكل قضية لا تقل خطرا عن رعايتها ودعمها للميليشيات التي تحاول زعزعة استقرار البلاد.