تحليل

الأزمات التي يفتعلها الحرس الثوري الإيراني تقوض سياسة ʼحسن الجوارʻ الخارجية لرئيسي

باباك دشتي

لقاء بين الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي وضباط من الحرس الثوري في تشرين الثاني/نوفمبر. [تسنيم]

لقاء بين الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي وضباط من الحرس الثوري في تشرين الثاني/نوفمبر. [تسنيم]

منذ تولي الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي منصبه خلال الصيف المنصرم، أعلنت حكومته أن تركيز سياستها الخارجية يتمحور حول تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية مع الدول المجاورة لإيران.

وفي اجتماع مبكر مع الوزراء، شدد رئيسي على أنه "يجب أن تكون الجهود الدبلوماسية الأبرز لأية حكومة متركزة على جيرانها، ولذلك علينا بذل كل الجهود اللازمة لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي مع جيراننا".

ولكن مراقبين لحكومة رئيسي تحدثوا إلى المشارق قالوا إن الحكومة هي في الواقع رهينة السياسات الإقليمية المزعزعة للاستقرار التي ينتهجها الحرس الثوري الإيراني.

وذكروا أن هذه السياسات، التي اعتمدت على استخدام قوة الوكلاء لتقويض مصالح الدول التي تعتبر "عدوة" بنظر زعماء الحرس الثوري، قد ألقت بظلالها على العلاقات الخارجية لإيران طوال عقود طويلة.

لوحة إعلانية للسفارة الإماراتية حول توقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية، تظهر على طول الطريق السريع في مدينة تل أبيب الساحلية الإسرائيلية في 14 أيلول/سبتمبر. [جاك غويز/وكالة الصحافة الفرنسية]

لوحة إعلانية للسفارة الإماراتية حول توقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية، تظهر على طول الطريق السريع في مدينة تل أبيب الساحلية الإسرائيلية في 14 أيلول/سبتمبر. [جاك غويز/وكالة الصحافة الفرنسية]

ولم يكن أمام حكومة رئيسي إلا خيار الحفاظ على الأقل على علاقة متوازنة مع جيرانها، نظرا للعزلة الشديدة التي تواجهها الجمهورية الإسلامية على الساحة العالمية.

وقبل بضعة أشهر على سبيل المثال وبعد أسابيع من التوتر بين إيران وأذربيجان، قام فجأة دبلوماسيون من البلدين بتبادل رسائل إيجابية.

ومع أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي هو أيضا زعيم الأصوليين المتشددين في إيران، وصف الإمارات والبحرين والسعودية بالـ "خونة"، إلا أن طهران واصلت التفاوض مع الرياض لخفض التصعيد.

وذكر وزير الخارجية الإيرانية حسين أمين عبداللهيان في تشرين الأول/أكتوبر أن المفاوضات بين طهران والرياض سارت جيدا لتاريخه.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامیة للأنباء (إرنا) عنه قوله "نؤمن بالحوار ونعتبره الطريقة الأنسب لحل المشاكل الإقليمية والدولية".

ʼلا خيارʻ أمام طهران

وفي هذا السياق، لفت المحلل السياسي بيمان زمنخاني إلى الموقف المشترك القوي الذي اعتمدته دول مجلس التعاون الخليجي ودول الغرب الكبرى فيما يخص تدخلات إيران في المنطقة.

وأشار أيضا إلى اتفاقيات التطبيع التي أبرمت العام الماضي بين إسرائيل ودول الخليج المجاورة لإيران، أي الإمارات والبحرين.

وقال إنه في ظل هذه التطورات، يبدو أنه لا خيار أمام طهران إلا محاولة خفض أعمالها العدائية في المنطقة.

وأضاف زمنخاني أنه "بغض النظر عن الشعار الذي تردده الحكومة الإيرانية علنا، ستؤدي الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت جراء العقوبات وعزلتها إلى فرض الأمر الواقع على رؤساء دولتها".

وتابع "كما رأينا، واصل ابراهيم رئيسي الذي انتقد كل سياسات الرئيس السابق حسن روحاني تطبيق هذه السياسات منذ توليه منصبه".

وأضاف أن هذه الأخيرة تشمل العودة إلى محادثات فيينا التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والدول الكبرى (الذي يعرف بخطة العمل المشتركة الشاملة).

وقال إنها تشمل أيضا محاولة تخفيض التوتر في علاقات إيران مع جيرانها العرب.

ʼافتعال الأزماتʻ من قبل الحرس الثوري

ولكن في الوقت عينه، لم يتخل الحرس الثوري الذي انحرف عادة عن توجه الحكومات السابقة عن أي من أفعاله لافتعال الأزمات.

وتشمل الأفعال السابقة للحرس الثوري والتي عملت ضد محاولات تخفيض التوتر مع دول الجوار، إرسال الوقود إلى حزب الله اللبناني وتحريض الجماعات المناهضة للحكومة في العراق وتجهيز وتدريب الحوثيين في اليمن.

وقالت الصحافية ومحللة الشؤون الإيرانية فرزانه غاسمي "من المستبعد جدا أن يتخلى... الحرس الثوري عن افتعال الأزمات في المنطقة".

وأوضحت أن الموارد الاقتصادية والعسكرية والأمنية للحرس الثوري تمنحه نفوذا ضمن المنظومة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية، ويعتمد وجوده على افتعال الأزمات التي من خلالها يستطيع التحكم بأموال الدولة.

وقالت إنه "منذ تأسيس الحرس الثوري في العام 1979، لم يكن لأية حكومة، سواء كانت أصولية أو تقليدية أو إصلاحية أو معتدلة، أي نفوذ فعلي ضد الحرس الثوري".

وانحرف الحرس الثوري عن السياسة الرسمية حتى عندما كان مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله خميني على قيد الحياة، رغم شعار الجماعة الذي يدعو للولاء لولي الفقيه.

ولكن مراقبين معنيين بالشأن الإيراني ذكروا أنه لن يكون ممكنا للحرس الثوري أن يواصل سياساته التعطيلية إلى الأبد.

وذكر زمنخاني "سيأتي اليوم الذي ينهار فيه الحرس الثوري، ولكنه قد يغرق إيران في دوامة سيكون من المستحيل تقريبا الخروج منها".

هل أعجبك هذا المقال؟

2 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

دوله مصدره للارهاب

الرد

يغرق الحرس الثوري و النظام الايراني لاسفل السافلين.. نظام ارهابي متطرف.. الموت لخامنئي و اتباعه..

الرد