تحليل

تصريحات متناقضة تكشف احتمال وجود مخطط إيراني-صيني لتجنب العقوبات النفطية

فريق عمل المشارق

تظهر هذه الصورة الجوية قاطرات أثناء قيامها بإرساء ناقلة نفط في ميناء كينغداو الصيني. [مراسل مستقل/وكالة الصحافة الفرنسية]

تظهر هذه الصورة الجوية قاطرات أثناء قيامها بإرساء ناقلة نفط في ميناء كينغداو الصيني. [مراسل مستقل/وكالة الصحافة الفرنسية]

أثارت تصريحات متناقضة أدلى بها مسؤولون ورجال أعمال إيرانيون بارزون حول شحن النفط إلى الصين، مخاوف جدية من احتمال أن تكون إيران والصين يتجنبان العقوبات عبر إخفاء أنشطتهما غير المشروعة.

ففي تشرين الأول/أكتوبر، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الملاحية الإيرانية، محمد رضا مدرسي، قوله إن الصين لا تسمح بدخول ناقلات شركته إلى "موانئها الرئيسة".

وكانت شركة الخطوط الملاحية الإيرانية وشركتها الفرغية ئي-سيل شيبينغ ليمتد ومقرها شنغهاي، قد أدرجتا على لائحة العقوبات الأميركية منذ حزيران/يونيو 2020.

وسبب كلام مدرسي ارتباكا وأثار أسئلة نشر بعضها في الصحف اليومية.

ناقلة النفط الإيرانية آرديبل تشاهد في عام 2019. [إيران إنترناشيونال]

ناقلة النفط الإيرانية آرديبل تشاهد في عام 2019. [إيران إنترناشيونال]

وما أثار الريبة هو حصر كلامه بالموانئ الصينية "الرئيسة"، بما يشير إلى أن الأمور تسير كالمعتاد بين إيران والصين في الموانئ الصينية "الصغيرة"، ما دفع ببعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من مدرسي.

من جهة أخرى، زعم مسؤولون إيرانيون آخرون أنه لا توجد على الإطلاق أي مشاكل تعيق الوصول إلى موانئ الصين.

ففي 18 تشرين الأول/أكتوبر، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) عن المدير التنفيذي لمنظمة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية التابعة لوزارة النقل، روانبخش بزاديان، قوله إنه "لا توجد مشكلة فيما يتعلق بالدخول إلى أي ميناء صيني، والأعمال تسير كالمعتاد".

ويناقض تصريحه هذا التصريح الذي أدلى به في وقت مبكر من اليوم نفسه مسعود دانشمند، عضو مجلس إدارة اتحاد شركات النقل في إيران وهو جزء من القطاع العام، وقال فيه إن إيران تواجه في ظل العقوبات الأميركية مجموعة من المشاكل وإنه لا يسمح لها بدخول "معظم الموانئ الصينية"، بحسب ما أوردت وكالة‌ أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا).

هذا ويأتي كلام المسؤولين المتناقض بشأن وضع صادرات النفط الإيرانية إلى الصين في وقت تعلن فيه بيجين ظاهريا على الأقل،أنها تلتزم بتطبيق العقوبات الدولية ضد إيران، وتنأى بنفسها عن "حليفتها الاستراتيجية".

وحذرت الولايات المتحدة بيجين من أن الشركات الصينية ستواجه عقوبات إذا استمرت في الانخراط في أعمال تجارية مع إيران.

يذكر أن الصين تشتري النفط من إيران بتخفيضات تتراوح بين 3 و5 دولارات أميركية للبرميل الواحد، وغالبا ما يتم ذلك عبر وسطاء يزعمون أن النفط يأتي من منشأ مختلف، ووصل تحديها العقوبات في الربيع وأوائل الصيف الماضيين حدا صارخا.

لكن منذ ذلك الحين، أصبحت أكثر يقظة وباتت بيجين ترفض ضمنيا السماح بدخول ناقلات النفط الإيرانية إلى موانئها.

وترافق هذا الحذر المتزايد من جانب الصين مع المحادثات النووية المتعثرة بين إيران والولايات المتحدة.

تدقيق أقل

هذا ويقوم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، وهو متشدد وداعم قوي للحرس الثوري الإيراني، باستبدال معظم المسؤولين الحكوميين الرئيسين بمسؤولين حاليين أو سابقين في الحرس الثوري.

ويتوقع أن يتم استبدال مدرسي أيضا، وربما يكون كلامه حول عدم قدرة إيران على دخول الموانئ الصينية محاولة للقول إن السبب في انخفاض مبيعات النفط الإيرانية لا يعود لتقصير منه أو من شركته، بحسب ما قاله للمشارق أحد المسؤولين التنفيذيين لشركة قطاع خاص يقع مقرها في إيران شريطة عدم الكشف عن هويته.

ولفت إلى أن مدرسي يريد إيصال رسالة مفادها أن العقوبات وتفضيلات الشراء الصينية هي التي أدت إلى انخفاض الإيرادات النفطية.

وتابع أن كلام مدرسي حول الموانئ الصينية "الرئيسة" هدف إلى التلميح ضمنا أن النفط الإيراني ما يزال يباع إلى الصين عبر الموانئ "الصغيرة".

وأشار المسؤول التنفيذي إلى أن الموانئ الصينية الصغيرة تخضع لتدقيق أقل، في حين أن الموانئ الرئيسة تخضع في العادة لرقابة أشد وأدق.

وذكر أن الموانئ الصغيرة تستضيف في أغلب الأحيان الشركات الخاصة والصغرى، ما يجذب اهتماما عالميا أقل.

فالحكومة الصينية تستطيع شراء النفط الإيراني المستورد بصورة أسهل من مثل هذه الشركات، زاعمة في الوقت نفسه أنها لا تتحايل على العقوبات الأميركية.

ولكن حتى مع احتمال حدوث مثل هذه المشتريات، فإنها لا تفيد إيران في شيء.

فقد أوضح المسؤول التنفيذي أن الموانئ الصغيرة لديها حاويات نفط أصغر، لذا فإن الناقلات الإيرانية لا تستطيع بيع سوى قدرا محدودا من النفط.

أزمة اقتصادية

في غضون ذلك، تتصاعد الضغوط على النظام الإيراني مع استمرار مواجهته العقوبات الأميركية جراء سياساته التوسعية في المنطقة وأنشطته النووية.

وتأتي الطموحات الإقليمية للجمهورية الإسلامية على حساب الشعب الإيراني الذي عانى بشدة من الأزمة الاقتصادية المتواصلة، إذ أن الأموال العامة القليلة المتوفرة تذهب لتمويل الحرس الثوري ويتم تجاهل الاحتياجات الأساسية للشعب.

وتسبب ذلك في زعزعة الاستقرار في البلاد وإثارة المعارضة الداخلية، وشهد العديد من المدن الإيرانية خروج تظاهرات احتجاجا على الفقر والبطالة وعدم دفع المستحقات والرواتب ونقص مياه الشرب وسط جفاف شديد في جنوبي إيران.

وقال الخبير في العلاقات الإيرانية-العربية عبد الله كابولي الشهر الماضي، إن تأثير أنشطة إيران التدميرية عبر المنطقة "ظاهر للعيان في البلاد".

وأوضح أن نفقات النظام أدت إلى فقر داخلي واسع النطاق، مشيرا إلى أن "ما يفعله النظام في المنطقة يرتد على البلد مثلما ترتد خشبة لعبة البوميرانغ".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500