الموصل -- تم تدشين جرس كنيسة في الموصل يوم السبت، 18 أيلول/سبتمبر، وسط تهليل المسيحيين العراقيين، بعد سبع سنوات من اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) للمدينة الشمالية.
وتجمهر العشرات من المسيحيين المؤمنين ليشاهدوا الأب بيوس عفاص وهو يدق الجرس الجديد للمرة الأولى في كنيسة مار توما السريانية.
واستقبل الحشد قرع الجرس بالتصفيق والزغاريد، مخلدين هذا الحدث بصور التقطوها بهواتفهم الجوالة قبل إقامة الصلاة.
وقال لهم عفاص "بعد سبع سنوات من الصمت، دق جرس مار توما للمرة الأولى في الجانب الأيمن للموصل".
وكان تنظيم داعش قد اجتاح الموصل وأعلنها "عاصمته" في عام 2014، إثر هجوم أجبر مئات الآلاف من المسيحيين في محافظة نينوى الشمالية على الفرار وتوجه بعضهم إلى المنطقة العراقية الكردية المجاورة.
لكن الجيش العراقي دحر المتشددين بعد ثلاث سنوات إثر أشهر من قتال الشوارع الضاري.
ومنذ ذلك الحين، أطلق مئات المتطوعين الذين يسعون إلى رأب الصدع المجتمعي مبادرات محلية عدة بين الأديان لترميم الكنائس المتضررة وأماكن العبادة الأخرى وإعادة بناء المنازل، إضافة إلى استعادة النصوص المسيحية القديمة المسروقة وغيرها من القطع الأثرية.
وهدفت هذه الجهود إلى تشجيع المسيحيين العراقيين على العودة إلى ديارهم بأعداد أكبر.
وأكد عفاص إن عودة جرس كنيسة الموصل "تبشر بأيام أمل وتفتح الطريق بإذن الله لعودة المسيحيين إلى مدينتهم".
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية "هذا يوم عظيم للفرح، وآمل أن تزداد الفرحة أكثر عندما لا يعاد بناء جميع الكنائس والمساجد في الموصل فحسب، بل أيضا المدينة بأكملها بمنازلها ومواقعها التاريخية".
’العودة إلى الحياة‘
وصنع الجرس الذي يزن 285 كيلوغراما في لبنان، ودفعت تكاليفه من أموال تبرعت بها منظمة الأخوّة في العراق، وهي منظمة فرنسية غير حكومية تساعد الأقليات الدينية، ونقل من بيروت إلى الموصل بالطائرة أولا وبعدها بالشاحنة.
وفي عهد تنظيم داعش، حولت كنيسة مار توما التي تعود إلى القرن التاسع عشر إلى محكمة وسجن.
وما تزال أعمال ترميمها جارية بعد أن تم تفكيك أرضيتها الرخامية لإعادة بنائها بالكامل.
وقالت إحدى المؤمنات التي شاركت في حفل التدشين، نداء عبد الأحد، إنها عادت إلى مسقط رأسها من أربيل لتتمكن من رؤية الكنيسة "تعود إلى الحياة".
وأضافت المعلمة وهي في العقد الرابع من العمر، "فرحتي لا توصف".
من جانبه، قال مؤسس ورئيس منظمة الأخوّة في العراق فرج بنوا كامورات إن "كل الصلبان والتماثيل المسيحية قد دُمرت"، وطال التدمير أيضا المذابح الرخامية.
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف "نأمل أن يكون هذا الجرس رمزا لولادة جديدة في الموصل".
وتراجع عدد المسيحيين في العراق الذي كان يبلغ أكثر من 1.5 مليون عام 2003 إلى نحو 400 ألف، وفر العديد منهم من أعمال العنف المتكررة التي اجتاحت البلاد.
وأشار كامورات إلى أن نحو 50 عائلة مسيحية عادت إلى الموصل، فيما يتوجه إليها آخرون يوميا للعمل ليغادرونها بعد ذلك.
وتابع "كان يمكن للمسيحيين أن يغادروا الموصل إلى الأبد ويتخلوا عنها"، لكنهم بدلا من ذلك تراهم نشطين للغاية في المدينة.
وخلال أول زيارة بابوية للعراق في آذار/مارس الماضي، أمضى البابا فرنسيس يوما كاملا في الموصل وأربيل وقرقوش، حيث ناشد المسيحيين في العراق والشرق الأوسط بالبقاء في أوطانهم.
وقال حينها البابا فرانسيس إن الهجرة الجماعية "المأساوية" للمسيحيين "تلحق أضرارًا لا حصر لها ليس فقط بالأفراد والمجتمعات المعنية، ولكن أيضا للمجتمع الذي تركوه ورائهم".
وتعليقا على زيارة البابا قال إمام وخطيب مسجد النبي يونس في الموصل الشيخ محمد الشمعة آنذاك إن زيارة بابا الفاتيكان أكدت الهوية التاريخية للمدينة وتنوعها الديني والعرقي والثقافي.