ذكرت الأنباء أن زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أبو بكر البغدادي قد فرّ من الموصل تاركاً مناصريه يواجهون عبء خوض المعركة منفردين، وذلك بالتزامن مع تضييق الخناق على التنظيم في المدينة.
وكانت القوات العراقية قد أطلقت حملة لاستعادة غربي الموصل في 19 شباط/فبراير الماضي، بعد شهر من سيطرتها على الجزء الشرقي منها.
ونجحت القوات حتى الآن في استعادة السيطرة على عدد من المناطق والأحياء، على الرغم من الظروف المناخية الصعبة واكتظاظ الشوارع الضيقة بالسكان ما حال دون استخدامها المدرعات الثقيلة.
وفي حديث لديارنا نقل النائب عن نينوى عبد الرحمن اللويزي عن السكان المحليين قولهم، إنهم شاهدوا عشية بدء الهجوم على الجزء الغربي من المدينة سيارات وشاحنات تتجه غرباً نحو المنطقة الصحراوية الشاسعة التي تقع بين محافظتي نينوى والأنبار.
ورجّح أن البغدادي "ربما كان موجوداً بالفعل في الجزء الأيمن من الموصل قبل بدء الهجوم"، وأنه "فرّ باتجاه الصحراء ليتوارى هناك في معسكرات مموهة بحرفية".
الهزيمة باتت وشيكة
وأوضح أن المعلومات الإستخبارية تتحدث أيضاً عن إعطاء البغدادي أعضاء مجلس الشورى في داعش الضوء الأخضر للهرب من الموصل فوراً.
وهؤلاء وفق ما أكد اللويزي، هم المسؤولون عن "إصدار الفتاوى والأحكام ونشر عقيدة التنظيم المتطرفة".
وقال إن البغدادي "لا يريد التضحية مطلقاً بهؤلاء لقناعته بأهميتهم على المدى البعيد، فبدونهم لا يستطيع التنظيم كسب المؤيدين وتجنيد المزيد من المقاتلين".
واعتبر اللويزي أن هذه الخطوة تشكل دليلاً آخر "على قرب نهاية داعش كمنظمة قتالية وستركز في المرحلة المقبلة على المعركة الفكرية".
ولفت إلى أنه بعد إلحاق الهزيمة العسكرية بالتنظيم، يجب تركيز المعركة بشكل أكثر حدة على استئصال عقيدته.
وكشف أن البغدادي أوعز إلى عناصره بـ "القتال حتى آخر رمق، فإما أن يقتلوا أو ينتحروا".
"وهذا لا يعني توجيهاً عقائدياً أو تحفيزاً معنوياً بقدر ما يعكس مخاوف [البغدادي] من وقوع عدد كبير من هؤلاء العناصر في الأسر وإدلائهم بمعلومات عن تحركاته ونشاطات التنظيم الأكثر سرية"، وفق ما تابع.
ولم يصدر عن البغدادي الذي أعلن نفسه "خليفة" للمسلمين من على منبر الجامع الكبير بالموصل عام 2014، أي خطاب مسجل جديد منذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أي بعد أسبوعين على بدء معركة الموصل، حين دعا أتباعه إلى مقاتلة "الكفار".
ونهاية الشهر الماضي نقلت تقارير إعلامية غير مؤكدة عن مصادر محلية قولها، إنه وجّه رسالة مكتوبة لأتباعه وصفت بأنها "خطبة الوداع" أقرّ فيها بهزيمة تنظيمه.
إحباط في صفوف أتباع داعش
من جهته، قال المحلل الاستراتيجي أحمد الشريفي، إن إحباط المقاتلين الذين تُركوا في الموصل بدأ يتفاقم لا سيما مع انهيار دفاعاتهم.
وأضاف لديارنا أن اختفاء البغدادي "زاد من إحباط عناصره الذين باتوا عاجزين عن الصمود".
ونقل الشريفي عن مصادر محلية في غربي الموصل قولها إن المتشددين "يتساءلون اليوم عن مكان 'خليفتهم' ولماذا تركهم وحدهم في المحرقة، مستغربين لماذا لم يتصرف كقائد عسكري ويقاتل معهم بدلاً من الرحيل".
وتابع: "هناك تساؤلات كثيرة تعكس حالة التردي واليأس التي يعيشونها".
ولا ينفي الشريفي فرضية فرار البغدادي من الموصل إلى "مكان آمن في سوريا".
أما حسن شبيب السبعاوي، عضو مجلس محافظة نينوى، فقال لديارنا إن هروب زعيم داعش هو بمثابة "تصريح غير معلن بالهزيمة".
وأردف أن "العديد من المقاتلين المحليين الذين بايعوا هذا الإرهابي، أدركوا متأخرين أن قادتهم خذلوهم وأنهم يدفعون وحدهم الثمن غالياً". وتابع: "هؤلاء أساؤوا لأهلهم ولوطنهم بانجرارهم وراء عقيدة منحرفة".
وختم مؤكداً أن على البغدادي وأتباعه اليوم مواجهة حقيقة أنهم "أصبحوا في مزبلة التاريخ".