يشهد التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة في مزاعم حول تطوير واستخدام تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لأسلحة كيميائية وبيولوجية في العراق "تقدما سريعا".
فقد أعلن فريق التحقيق الأممي المعني بتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش في تقريره السادس إلى مجلس الأمن الدولي، أن أحد خطوط التحقيق يركز على استخدام التنظيم لجامعة الموصل لتنفيذ هذا البرنامج.
وأنشئ الفريق الذي يضم مجموعة من المحققين برئاسة كريم أسد أحمد خان عام 2017، وأوكلت إليه مهمة التحقيق في الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش. وتقود ست وحدات تحقيق ميدانية متخصصة الأعمال الاستقصائية من مقراتها في بغداد ودهوك وأربيل.
وجاء في التقرير الذي صدر يوم 3 أيار/مايو، أن الفريق تمكن عبر جمع مروحة متنوعة من الأدلة من تحديد "عمليات استخدام ناجحة ومتكررة للأسلحة الكيميائية من قبل تنظيم داعش ضد السكان المدنيين بين عامي 2014 و2016".
وشملت هذه العمليات اختبار مواد بيولوجية على السجناء أدى إلى وفاة بعضهم.
ويوم 14 كانون الثاني/يناير 2017 وبعد يومين من القتال الشرس، أنزلت قوات مكافحة الإرهاب العراقية راية داعش السوداء من أعلى مبنى جامعة الموصل معلنة بذلك عودة الحرم الجامعي برمته إلى حضن الدولة.
وأثناء فترة العامين والنصف التي احتل فيها تنظيم داعش الحرم الجامعي، أضرم مقاتلوه النار في المكتبة الرئيسة وحولوا المباني التي كانت مخصصة لتلقي الطلاب الدراسة إلى مستودعات للأسلحة والذخيرة.
وبعد أن تمكنت القوات العراقية وقوات التحالف من استعادة السيطرة على الحرم الجامعي الذي تبلغ مساحته أكثر من 20 كيلومترا مربعا، عثرت على أدلة واضحة حول استخدام تنظيم داعش الجامعة لأغراض شيطانية في طليعتها تصنيع الأسلحة الكيميائية.
وأوضح البنتاغون يوم 7 شباط/فبراير 2017، أن القوات العراقية وجدت داخل الجامعة أسلحة كيميائية أظهرت الاختبارات التي أجريت عليها أنها تحتوي مادة خردل الكبريت.
وكان الناطق باسم البنتاغون قد كشف حينها أن تنظيم داعش كان يُصنّع في الجامعة أسلحة كيميائية بدائية، مضيفا أن هذا الصرح التربوي كان "محوريا في مسار تطوير برنامج داعش للأسلحة الكيميائية".
هجمات كيميائية ضد المدنيين
وأفصح التقرير أن الخطوط الأولى التي ارتكز عليها تحقيق الفريق الأممي تستند إلى هجوم تنظيم داعش على طوز خورماتو واستيلائه على جامعة الموصل وتغيير مهام الجامعة لتعزيز برنامج تطوير الأسلحة.
ويحقق الفريق أيضا في هجوم المتطرفين على منشأة المشراق لاستخراج ومعالجة الكبريت بالقرب من الموصل.
وأفاد التقرير أن "الأدلة التي حصلنا عليها تشير بالفعل إلى أن تنظيم داعش اختبر موادا بيولوجية وكيميائية وأجرى في إطار هذا البرنامج تجاربا على السجناء تسببت في وفاة بعضهم".
وأضاف "يُشتبه في أن البرنامج نظر في استخدام أسلحة تحمل مواد كيمائية تسبب تقرحات وغازات الأعصاب وتركيبات صناعية سامة".
وتابع التقرير أن "الهجمات المزعومة أسفرت عن وفيات وإصابات في صفوف المدنيين شملت الاختناق وأعراضا أخرى تنتج عادة عن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وأنها أثرت على الأقليات بصورة خاصة".
وحتى اليوم، قام المحققون بجمع وتحليل معلومات وأدلة من سجلات ساحات المعارك وشهادة المحتجزين وروايات الضحايا وصور الأقمار الاصطناعية وتقنيات الاستشعار عن بعد وتحليل أشرطة الفيديو.
وتعقبوا أيضا عمليات شراء المواد وتأمين الخدمات اللوجستية وتجهيز البنية التحتية المادية، إضافة إلى توفير القيادة والخبرة.
وأكد التقرير أن المحققين سيعدون هذا العام ملخصا أوليا حول برنامج داعش لتطوير الأسلحة الكيميائية واستخدامها في العراق.
ولفت التقرير إلى أن "التحقيقات في نجاح داعش بتطوير واستخدام أسلحة كيماوية محلية الصنع، قد تشكل فرصة غير مسبوقة للمساءلة في الصراع الحديث مع الفاعلين من المنظمات الخارجة عن الدولة".
'دليل واضح على الإبادة الجماعية'
واستكمل تقرير 3 أيار/مايو أيضا تحقيقات الفريق الأممي في الهجمات التي شنها تنظيم داعش على الأقلية الآيزيدية في منطقة سنجار بالعراق، والقتل الجماعي الذي ارتكبه بحق الطلاب والعسكريين العزل في أكاديمية تكريت الجوية (معسكر سبايكر) في حزيران/ يونيو 2014.
وأبلغ الفريق مجلس الأمن يوم 10 أيار/مايو أنه جمع "أدلة واضحة ومقنعة" على ارتكاب تنظيم داعش إبادة جماعية بحق الأقلية الآيزيدية.
وقال خان في إحاطة "أستطيع إعلان أنه بناء على التحقيقات المستقلة والمحايدة التي تتوافق مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات بالأمم المتحدة، ثمة أدلة واضحة ومقنعة على أن الجرائم التي ارتكبت ضد الآيزيديين تُعتبر دون أدنى شك إبادة جماعية".
وأضاف أن "الأدلة التي جمعها الفريق أكدت أيضا مسؤولية تنظيم داعش عن أعمال إبادة وقتل واغتصاب وتعذيب واسترقاق واضطهاد وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بحق الآيزيديين".
يذكر أن رفات 104 آيزيدي قتلوا على يد داعش ودُفنوا في مقابر جماعية بعد أن اجتاح التنظيم سنجار في عام 2014 ، قد أعيد دفنها في شباط/فبراير بقرية كوجو بمحافظة نينوى.
ووفقا للأمم المتحدة، خلف داعش وراءه أكثر من 200 مقبرة جماعية يمكن أن تضم ما يصل إلى 12 ألف جثمانا.