وأعلنت الولايات المتحدة مطلع الأسبوع الجاري أنها ستنقل بعثتها الدبلوماسية في أفغانستان إلى قطر وحذت دول عدة أخرى حذوها، ما زاد من مكانة الدوحة كمركز رئيسي للدبلوماسية في المرحلة المقبلة.
وأعربت كل من بريطانيا وهولندا أيضا عن نيتهما نقل بعثاتهما الدبلوماسية إلى قطر بعد سيطرة طالبان على أفغانستان وإقفال الجسر الجوي الذي نُقل عبره أكثر من 123 ألف شخص إلى خارج البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، في بيان صحافي يوم الثلاثاء "لقد بدأ فصل جديد من انخراط أميركا مع أفغانستان".
وأضاف "ستدير بعثتنا في الدوحة مستقبل دبلوماسيتنا في أفغانستان، بما في ذلك الشؤون القنصلية وإدارة المساعدات الإنسانية والعمل مع الحلفاء والشركاء وأصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين لتنسيق طريقة تعاملنا مع حركة طالبان ورسائلنا إليها".
وقال برايس إنه سيكون على رأس الفريق الدبلوماسي في الدوحة إيان ماك كاري الذي كان يعمل في كابول كنائب لرئيس البعثة في السفارة الأميركية في أفغانستان.
وأردف أن "جزءا من الفريق هو هناك بالفعل ويعملون بجد".
وتشمل مهمة الفريق الحفاظ على قنوات التواصل مع ممثلي طالبان في الدوحة التي لعبت سابقا دورا حاسما في استضافة محادثات السلام بين الأفغان.
ولفت برايس إلى أن "جزءا من الميزات التي توفرها الدوحة هو أنها كانت لفترة طويلة مكانا للتواصل والدبلوماسية بخصوص أفغانستان ليس فقط مع شركائنا الإقليميين والشركاء الآخرين، ولكن أيضا مع المكتب السياسي لطالبان".
واستولت طالبان على السلطة في 15 آب/أغسطس، لكن حتى الآن لم تعترف أي دولة بأنها النظام الحاكم في أفغانستان على الرغم من أن عواصم عدة ومن بينها الدوحة، حثت الحركة على تشكيل حكومة شاملة وعلى احترام حقوق الإنسان.
وقال برايس إن جزءا من عمل مكتب الدوحة سيكون التعامل مع بعثات أجنبية أخرى في أفغانستان، مشددا على أن "الدوحة... شكلت مكانا حيويا للأزمات الدبلوماسية المرتبطة بأفغانستان".
وأضاف أن "مكتب الدوحة سينفذ مهاما تشبه إلى حد كبير مهمتنا الأخيرة في كابول التي عُلقت، أي تقديم تقارير عن التطورات الأمنية والسياسية والاقتصادية في أفغانستان".
وتابع أنه سيتواصل مع المنظمات الدولية وغير الحكومية العاملة في أفغانستان، وسيدعم العبور الآمن لخروج ونقل المواطنين الأميركيين وغيرهم إلى دول أخرى، بما في ذلك الأفغان المعرضين لخطر كبير.
وشدد برايس على الحاجة المستمرة إلى مشاركة أوسع تجاه أفغانستان، لا سيما مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة والدول الرئيسة والمنظمات متعددة الأطراف.
دور قطر المحوري
واستضافت قطر في السنوات الأخيرة مفاوضات بين طالبان والولايات المتحدة، وشكلت نقطة عبور لنحو 43 ألف شخص تم إجلاؤهم من أفغانستان.
وإلى جانب الإمارات والكويت والبحرين، شكلت نقطة انطلاق إقليمية فعالة لرحلات الإجلاء لمواطني الدول الغربية بالإضافة إلى المترجمين الفوريين والصحافيين الأفغان وغيرهم.
وهبطت طائرة قطرية يوم الأربعاء في كابول وعلى متنها فريق فني لمناقشة استئناف عمليات المطار بعد سيطرة طالبان.
وفي تقرير نشرته قناة الجزيرة من مقرها في قطر يوم 20 آب/ أغسطس، قالت الباحثة في شؤون الخليج في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية سينزيا بيانكو "لقد اتخذت قطر دور الوسيط مع طالبان".
وأضافت بيانكو "كان رهانا محفوفا بالمخاطر، خاصة بالنظر إلى رؤية الجمهور الأوسع، لكنها خطوة أتت بثمارها".
وتابعت "اليوم، قطر في وضع جيد لتكون نقطة الاتصال الأولى للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي ترغب في استكشاف إمكانية التعامل مع طالبان... دون الإساءة إلى نفسها".
ولكن قال محللون لصحيفة واشنطن بوست إن قطر تسير على حبل مشدود، إذ أنها "تخاطر بتشويه سمعتها إذا نُظر إليها بأنها أسرعت في تبني حكومة طالبان الوحشية"، في وقت حثت فيه طالبان على تشكيل حكومة تضم جميع الأطراف.
ويوم الثلاثاء، حذر وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ونظيره الألماني هيكو ماس من أي تصعيد للإرهاب بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي مؤتمر صحافي، حث آل ثاني حركة طالبان على مكافحة الإرهاب.
وأوضح "شددنا على أهمية التعاون لمكافحة الإرهاب... كما شددنا على أهمية تعاون طالبان في هذا المجال".
وأضاف "واجبنا أن نحثهم دوما على تشكيل حكومة موسعة تضم جميع الأطراف دون استبعاد أي جهة".
وعن المحادثات الأخيرة بين قطر وحكام أفغانستان الجدد، قال آل ثاني إنه "خلال محادثاتنا مع طالبان، لم نحصل على رد إيجابي أو سلبي".
بدوره، قال ماس إنه لا يرى "سبيلا آخرا" للتحدث مع طالبان "لأننا لا نستطيع بأي شكل من الأشكال تحمل عدم الاستقرار في أفغانستان".
وختم مؤكدا "نحن لا نبحث في مسائل الاعتراف الرسمي، لكننا نريد حل المشاكل القائمة والمرتبطة بالناس في أفغانستان والمواطنين الألمان، ولكن أيضا الموظفين المحليين الذين يريدون مغادرة البلاد".